مع طول مدة الحرب السورية وتوقف الكثيرين عن العمل أصبح تحصيل المال أمراً صعباً على السوري وخاصة ذلك الذي يعيش في المناطق تحت سيطرة المعارضة وخسر ماله ومنزله وعمله.
فالحرب في سوريا بين النظام ومعارضيه لا تقف عند حد العمليات العسكرية والمنافسة في السيطرة على الأرض فحسب، بل تمتد لتشمل كل مفاصل الحياة فيها، آخرها كان قرار اللجنة السورية الاستشارية في مؤتمر عقدته بمدينة حلب وقف تداول الليرة السورية في الشمال السوري والاستعاضة عنها بالليرة التركية كوسيلة للضغط على النظام السوري.
يهدف القرار الذي جاء باتفاق من قبل الفصائل الثورية والمحاكم القضائية وإدارة المعابر الحدودية لاعتماد العملة التركية بدلا من السورية، إلى "توجيه ضربات اقتصادية موجعة للنظام" على حد قولها.
تسعير المواد بالتركي
لجنة استبدال العملة، والتي تضم كل من نقابة "الاقتصاديين الأحرار"، وممثلين عن الفصائل العسكرية ومجلس المدينة، وما يعرف بـ"المؤسسات الثورية" إضافة إلى "المحكمة الشرعية"، ستبدأ بتسعير المواد الأساسية مثل الخبز والمحروقات وغيرها بالليرة التركية تحت إشراف لجنة للرقابة على الأسعار، بالإضافة للتعاون مع التجار والصناعيين لطرح بضاعتهم في السوق بالليرة التركية.
وبالفعل تم تسليم رواتب شهر يوليو/تموز الماضي بالليرة التركية لموظفي "المحكمة الشرعية" والمجالس المحلية في حلب وريفها، وستقوم اللجنة بتسعير المواد الأساسية مثل الخبز والمحروقات وغيرها بالليرة التركية تحت إشراف لجنة للرقابة على الأسعار، بالإضافة للتعاون مع التجار والصناعيين لطرح بضاعتهم في السوق بالليرة التركية.
أثار هذا الطرح الكثير من ردود الأفعال المتباينة والحديث عن إمكانية استبدال العملة ومدى فائدة وأضرار عملية التبديل على السكان في حلب، إضافةً إلى أنه موضوع رئيسي تصدر مواقع التواصل الاجتماعي التي ضجت بوجهات النظر المختلفة، منهم من يدعم قرار الاستبدال ويرى أنه الطريقة الأفضل للخروج من المأزق الاقتصادي الذي سينجم مع انهيار النظام، وأما من يرفضه فيحذر من التبعية الاقتصادية لتركيا وما ستخلفه من آثار سلبية على الاقتصاد السوري بعد انتهاء الحرب.
ومنهم من اعتبر القرار ليس إلا إضافة طابع جديد للحياة في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام.
مشكلة مادية إلى جانب مشاكلنا!
"إنّ هذا القرار سيؤدي إلى رفع الأسعار أكثر وتبعية بعد تحرر سوريا بأكملها" بهذه الكلمات برر محمود أحد النشطاء في حلب رفضه لهذا القرار وأضاف لـ "عربي بوست" أنّ "الأمر سينعكس سلباً على المجتمع بارتفاع أسعار المواد الغذائية إذا ما تم ربطها بالليرة التركية، وأن عدم وجود جهة تستطيع ضبط ودراسة موضوع الاستبدال بشكل دقيق سينعكس سلباً وسيتيح المجال للتجار برفع الأسعار أكثر".
ومن جهته يرى حسام أحد تجار مدينة حلب أن لا فائدة من هكذا قرار فالتجار جميعهم يتعاملون بالدولار والنظام لا يستفيد من التعاملات التجارية الكبيرة، موضحاً "نحن نشعر بالخطورة الكبيرة تجاه الليرة السورية لذلك لا نقوم بادخار أي مبلغ بالليرة السورية، ونسارع لشراء الدولار لأنه أكثر أماناً وثباتاً في التداول من الليرة السورية والتركية على حد سواء".
وفي الجهة المقابلة يرى يوسف صديق عضو من أعضاء لجنة استبدال العملة، أن استبدال عملة ما هو بداية "المعركة الاقتصادية التي تأخرت كثيراً"، وأضاف لـ"عربي بوست" أن "التخوف السائد من قرار استبدال العملة هو أمر طبيعي، لكن بالنهاية هو أمر يصب لمصلحة المجتمع بحمايته من انهيار الليرة السورية التي ستصبح بلا أي قيمة، خصوصاً مع استمرار النظام بطبع مبالغ بلا بدون رصيد وهو ما يحتم هذا الانهيار لليرة السورية مستقبلاً".
أما رفض حميد أحد الناشطين في حلب للقرار يعود إلى أن "استبدال العملة في أي دولة يحتاج إلى اجتماع بروفسورات في الاقتصاد واجتماعات ودراسات كثيرة ومعقدة ليس عن طريق طباعة بيان" على حد قوله.
قرار وانتهينا!!
خالد وهو أحد سكان حلب وجد أنّ الوضع المادي سيئ بشكل عام الأمر الذي لا يستدعي من أغلبية السكان ردود الفعل العنيفة حول القرار لأنها في نهاية الأمر "الليرة التركية هي في نهاية الأمر قروشي وقروشك ولا أرى مبرراً للاختلاف في الرأي لأن تداول هذه العملة في نهاية الأمر لن يفيد ولن يضر أحداً"، وأضاف لـ "عربي بوست" أن "الجميع يعلمون أن اقتصاد النظام مدعوم من قبل الدول الحلفاء مثال روسيا -إيران وهذه القرارات لن تحدث أي تغيرات في الحرب".
ويذكر أن الليرة السورية تشهد تقلبات مفاجئة في سعرها أمام العملات الأجنبية، تبعاً للأحداث السياسية والعسكرية التي تتغير بشكل سريع في البلاد، فقبل اندلاع الاحتجاجات المطالبة برحيل الأسد في مارس/آذار 2011 كان الدولار الأمريكي الواحد يساوي46-50 ل.س، أما في هذه الأيام تضاعف سعره أكثر من خمس مرات، حيث أن سعره في السوق السوداء في حلب يبلغ حوالي 298 ل.س.