أقر مجلس الوزراء العراقي في جلسة استثنائية الأحد 9 أغسطس/ آب 2015 إصلاحات جديدة أعلنها رئيس الحكومة ردا على احتجاجات ضد الفساد والنقص في الخدمات، وتتضمن إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية التي يشغل أحدها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وجاء الإعلان عن الإصلاحات بعدما دعا آية الله علي سيستاني، الحكومة إلى اتخاذ خطوات إصلاحية تبرهن على "جرأة وشجاعة".
ووافق مجلس الوزراء بالإجماع على الحزمة الأولى من الإصلاحات قبل إحالتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها اذ أن بعضها قد يتطلب تعديلا دستوريا وبالتالي من المرجح أن يستغرق تطبيقها بعض الوقت.
وبالرغم من الضغط الشعبي ودعم السيستاني له، تبقى جهود الإصلاح في العراق صعبة جدا نتيجة "الفساد المنشر" في المؤسسات واستفادة كافة الأطراف السياسية منه فعليا.
ومن أبرز الاصلاحات التي أعلنها العبادي "إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فورا".
ويشغل مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة وهي فخرية أكثر منها تنفيذية، زعماء الأحزاب السياسية التي تحكم البلاد ومنها نوري المالكي (دولة القانون) ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي (متحدون) ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي (الوطنية).
وتشغل ثلاثة شخصيات سياسية مناصب نواب رئيس مجلس الوزراء، وهم كل من بهاء الأعرجي عن التيار الصدري، وصالح المطلك زعيم الكتلة العربية (أحد التيارات السنية)، وروش نوري ساويش القيادي في التحالف الكردستاني.
المالكي والإصلاحات
وكان المالكي قد أعلن تأييده لإجراء إصلاحات أمس السبت، مما أوحى إلى أنه ثمة اتفاق مع العبادي حول تلك العملية.
وتنص الإصلاحات على "تقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بضمنهم الرئاسات الثلاث، ويتم تحويل الفائض إلى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم".
إلى ذلك تتضمن الإصلاحات "إبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومدراء عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية" على أن "تتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة".
كما تشمل "إلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم"، و"فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين.. ودعوة القضاء إلى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين".
ولم يوضح البيان ما هي "المخصصات الاستثنائية"، إلا أن الموظفين الحكوميين يتمتعون برواتب مرتفعة فضلا عن سيارات توفرها الحكومة بالإضافة إلى مخصصات تقاعد مرتفعة. وكان السيستاني دعا العبادي الجمعة إلى أن "يكون أكثر جرأة وشجاعة في خطواته الإصلاحية".
وقال ممثل السيستاني أحمد الصافي نيابة عنه أنه على العبادي أن "لا يكتفي ببعض الخطوات الثانوية التي أعلن عنها مؤخرا بل يسعى على أن تتخذ الحكومة قرارات مهمة وإجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية".
تفاؤل حذر
وأعرب منظمو التظاهرات عن تفاؤلهم لإن الإصلاحات تستهدف رأس هرم السلطة لكن القلق لا يزال يساورهم حول صدقية التنفيذ.
وقال نبيل جاسم أحد منظمي التظاهرات في بغداد "اعتبرها بداية للإصلاح، لكن علينا أن نراقبها ونرى مدى صدقيتها وجدية إجراءاتها".
وأضاف جاسم، وهو إعلامي ومقدم برامج حوارية سياسية تثير قضية الفساد الحكومي "إذا نجحت هذه الخطوة في ضرب مكامن الفساد والاعوجاج من رأس الهرم.. فاعتقد أنها الخطوة الأولى في عملية الإصلاح في البلاد".
وتابع "علينا أن نراقب جدية التنفيذ وعلى أساسها، نقيم".
تحديات كبيرة
ورغم إعلان الإصلاحات، سيواجه العبادي تحديات كثيرة في ظل الفساد المنتشر في المؤسسات العراقية.
وفي هذا الصدد يقول زيد العلي مؤلف كتاب "الصراع من أجل مستقبل العراق" إن "نظام الحكومة فاسد بالكامل والنظام الدستوري بال والإطار القانوني غير ملائم كما أن الطبقة السياسية فاسدة بالكامل وغير مؤهلة".
ويضيف أن "كل الأحزاب السياسية التي تشارك في الحكومة تستفيد مباشرة من النظام الحالي، ولذلك فهو لم يتغير منذ العام 2005".
وتشهد العديد من مدن العراق للأسبوع الثاني على التوالي حركة احتجاجية على نقص الخدمات وخصوصا انقطاع التيار الكهربائي في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة.
ويعاني البلد من نقص حاد في إنتاج الطاقة الكهربائية رغم المبالغ الطائلة التي انفقت على ملف الطاقة منذ العام 2003.
ويعتبر المتظاهرون أن النقص في الخدمات يعود إلى الفساد وغياب الكفاءة لدى الطبقة السياسية.
وأعربت كتل وتيارات سياسية ممثلة في الحكومة عن تأييدها نظريا على الأقل، للتظاهرات.
تنويه: هذا تحديث لنسخة سابقة بإضافة المزيد من التفاصيل وردود الفعل