أنهى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس 6 أغسطس/ أب 2015، تدشين "قناة السويس الجديدة" التي يعقد المسؤولون الآمال عليها لإنعاش اقتصاد بلادهم المتدهور، بعرض جوي وبحري، تقدمه على متن يخت "المحروسة" الملكي الذي شارك في افتتاح القناة قبل حوالي 150 عاما.
احتفال وسط إجراءات امنية
مراسم الاحتفال بدأت وسط إجراءات أمنية كبيرة في الإسماعيلية (شمال شرق)، في وقت هدد الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية بإعدام رهينة كرواتي اختطف غرب القاهرة لخطف الاضواء من حفل الافتتاح.
طائرات عسكرية مقاتلة من أنواع مختلفة حلقت فوق مجرى القناة، في عرض جوي كبير، فيما ظهر السيسي بملابسه العسكرية، مجرى القناة على ظهر يخت "المحروسة"، المملوك سابقا للعائلة المالكة في مصر، وتبعته قطع بحرية عسكرية منها الفرقاطة فريم التي اشترتها مصر مؤخرا من فرنسا.
آمال اقتصادية
ومشروع تطوير قناة السويس هو من المشاريع الكبرى للسيسي القائد السابق للجيش الذي أطاح بالرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي عام 2013 قبل أن يصبح رئيسا بعد عام في انتخابات جديدة.
والهدف من تشغيل المجرى الجديد البالغ طوله 72 كلم هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة، وتتوقع هيئة قناة السويس، أن يكون بوسع حوالي 97 سفينة عبور القناة يوميا بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حالياً.
وستسمح القناة الجديدة بسير السفن في الاتجاهين ما سيقلص الفترة الزمنية لعبور السفن من 18 الى 11 ساعة.
المسؤولون يقولون إن افتتاح القناة الجديدة، سيؤدي إلى زيادة الإيرادات السنوية من 5,3 مليارات دولار (حوالى 4,7 مليار يورو) متوقعة للعام 2015 الى 13,2 مليار دولار (11,7 مليار يورو) عام 2023.
ومشروع "قناة السويس الجديدة" جزء من خطة اقتصادية طموحة لتطوير منطقة قناة السويس لتجعل منها مركزا لوجيستيا وصناعيا وتجاريا، من خلال بناء عدة موانئ تقدم خدمات للأساطيل التجارية التي تعبر القناة، ويتوقع أن يوفر هذا المشروع أكثر من مليون وظيفة خلال السنوات الـ15 المقبلة.
المشروع تعرض للكثير من الانتقادات كان أهما ما نشرته واحدة من أهم وأضخم وكالات الأنباء الاقتصادية في العالم، أن حفر وتوسعة قناة السويس الجديدة التي نفذتها مصر بتكلفة تجاوز 8 مليارات دولار، "لا يحتاجها العالم" لأنها تهدف لزيادة الطاقة الاستيعابية للقناة بينما القناة أصلا ليست مزدحمة ولا تستدعي ذلك.
احتفالات وحراسات
والخميس، طغت الاجواء الاحتفالية على حفل افتتاح القناة الجديدة في كل من العاصمة القاهرة ومدينة الاسماعيلية التي انتشرت على مداخلها لافتات تقول "قناة السويس الجديدة.. هدية مصر للعالم" واخرى تشيد ب "معجزة المصريين" مصحوبة بصور للسيسي بعضها في ملابسه العسكرية.
وشاركت في العرض الجوي طائرات الرافال الثلاث وطائرات الاف-16 الثماني التي تسلمتها مصر مؤخرا من فرنسا والولايات المتحدة.
وانتشرت قوات وسيارات من الجيش والشرطة في الطريق الرئيسي الرابط بين العاصمة والاسماعيلية، بحسب صحافي في وكالة فرانس برس في موقع الاحتفال.
مصر نشرت عشرة الاف شرطي عبر البلاد في وقت يواجه هذا البلد حملة غير مسبوقة من الهجمات الجهادية.
الفرع المصري لتنظيم الدولة الإسلامية لم يترك أجواء الاحتفالية تمر هكذا إذ هدد الاربعاء بإعدام كرواتي يعمل لحساب مجموعة فرنسية وخطف في 22 تموز/يوليو في القاهرة، مؤكدا انه سينفذ تهديده في غضون 48 ساعة إذا لم تطلق الحكومة المصرية سراح "مسلمات" معتقلات.
عام واحد للحفر
السيسي كان قد افتتح في الخامس من اب/اغسطس 2014 اعمال حفر الفرع الجديد لقناة السويس وطلب آنذاك ان تنتهي الاعمال خلال عام واحد.
وطرح بنك مصر المركزي اكتتابا عاما للمصريين لتمويل اعمال انشاء الفرع الجديد للقناة جمع خلاله قرابة تسعة مليارات دولار.
المشروع تضمن حفر قناة جديدة طولها 37 كلم وتعميق وتوسيع القناة الاساسية على طول 35 كلم.
وقناة السويس هي من الممرات التي تشهد أكبر حجم من الملاحة في العالم وفي 2007 شكلت حركة الملاحة عبرها 7,5% من حركة الملاحة التجارية العالمية بحسب مجلس الملاحة العالمي.
ويجري تدشين المجرى الجديد في وقت تسعى فيه مصر لترسيخ مكانتها كلاعب لا يمكن تجاوزه على الساحة الاقليمية، فيما خفض حلفاؤها الغربيون نبرة انتقاداتهم بشأن حملة القمع التي تستهدف جميع مكونات المعارضة.
ضيوف الافتتاح
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند دعي كضيف شرف للحفل، إلى جانب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وملك الأردن عبد الثاني، والرئيس السوداني عمر البشير.
كما شارك في الاحتفالية رئيسي وزراء روسيا واليونان، وولي ولي العهد السعودي، وولي عهد أبو ظبي، ونائب المستشارة الألمانية وزير الاقتصاد والطاقة، ورئيس مجلس الأمة الجزائري والمستشار الفيدرالي السويسري للشؤون الاقتصادية، وممثلين رفيعي المستوى للصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية والسنغال والولايات المتحدة الأمريكية.
وعزفت فرق موسيقية عسكرية أناشيد وطنية وموسيقى عسكرية فيما كان ضيوف الحفل يتوافدون على خيمة عملاقة شيدت على ضفة الممر المائي الجديد. ورغم شدة حرارة الطقس خيمت أجواء الحماس والسعادة والفخر على عشرات المشاركين المصريين الذين لوح بعضهم بأعلام صغيرة لمصر.
وقناة السويس التي افتتحت عام 1869 بعد عملية حفر استمرت 10 سنوات تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، وهي من طرق الملاحة الرئيسية للتجارة العالمية ولا سيما لنقل النفط، ومصدرا مهما للعملات الأجنبية بالنسبة للسلطات الساعية إلى تحريك عجلة الاقتصاد الذي تدهور منذ ثورة 2011 التي أطاحت حسني مبارك.
احتفالات وسط القمع
وتأتي هذه الاحتفالات ولا تزال حملة قمع بدأت منذ إطاحة مرسي وأسفرت عن سقوط أكثر من 1400 قتيل معظمهم من المتظاهرين الإسلاميين وأدت إلى توقيف عشرات آلاف وقد حكم بالإعدام على المئات في محاكمات جماعية نددت بها الأمم المتحدة.