وماذا سنفعل في عاهرات الوطن؟!.

العاهرة، للمفاجأة والصدمة، مواطنة في البداية والنهاية، مهنتها ليست مهمة، ولا تشكل فارقاً في المسألة، وعدم تأييدها للرئيس الذي تحب. لا يضمن لك مكاناً في جبهة الحق والخير.

عربي بوست
تم النشر: 2015/07/31 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/07/31 الساعة 08:53 بتوقيت غرينتش

قبل أسبوع، وجدت تصميماً منتشراً على موقع فيس بوك، به عدة أسئلة..

1 – هل رأيت عاهرة تؤيد محمد مرسي؟
2 – هل رأيت بلطجي يؤيد محمد مرسي؟
3 – هل رأيت راقصة تويد محمد مرسي؟..

وتحت هذه الأسئلة، يوجد سطر واحد يقول (كنتيجة لما سبق) : "لأنني لم أجد أحد هؤلاء يؤيد الدكتور محمد مرسي، فأنا أويده"!..

إذن، عاهرات الوطن لم يؤيدن الرئيس محمد مرسي، المعزول بتحالف ضم المؤسسة العسكرية، وما كان يعرف باسم جبهة الإنقاذ، وجهات عديدة.. منها رجال أعمال وإعلام (وأديان) وفلول النظام السابق، وناس عادية تماماً.. كنت شخصياً واحداً منهم!، بالإضافة طبعاً إلى عاهرات وراقصات وبلطجية الوطن!.

هذه مسألة محيرة تماماً. الموقف السياسي للعاهرات، يحدد موقف البعض السياسي، البعض يفضل لو يقف على الضفة الأخرى منهن. ويكتفي، على ما يبدو، بأن مسافة كافية تفصله عن العاهرات والراقصات.. هذا يجعله مطمئن أكثر لسلامة موقفه!..

الإشكالية، أن العاهرات في وطننا هذه الأيام، لهن ثقلهن السياسي الواضح، يكفي أن تلاحظ، أن عدم تأييد العاهرات والبلطجية لمحمد مرسي أدى به إلى العزل، ويمكن أن تفهم، بمراقبة الموقف ككل، كيف أصبحت كتلة العاهرات مؤثرة للدرجة، ومتحكمة في شعبية الحكام والرؤساء والأحزاب والجماعات!..

هكذا الخدعة متكررة. أن تظن نفسك في معركة واضحة بين الخير والشر، والحق والباطل. وعادة، أنت لا تحب أن ترى نفسك في خانة الشرير، فتظن في نفسك خيراً ليس موجوداً، وحقاً ليس سوى باطل واضح!.

المعارك كثيرة ومتنوعة. منها ما هو بين حق وحق، وباطل وباطل. لا يوجد شرط في المعركة أن تتم بين نقيضين فقط!..

والسؤال الأهم. بحيث تصبح قادراً (لاحقاً) على تحديد نوع معركتك. هو أن تسأل أولاً : هل هناك معركة أصلاً؟..

أنصار الرئيس مرسي، يعتقدون أنهم في معركة كبيرة. واضحة وأكيدة. ويبدو، أنهم، من فرط ضخامة المعركة وسخونتها، فقدوا القدرة على معرفة عدوهم في المعركة تحديداً. حتى ظن بعضهم، أنهم في مواجهة مباشرة مع عاهرات الوطن!.

طيب. لنفترض أن ما سبق صحيحاً. هذه مسألة مربكة تماماً. فأبداً، ليس من الحكمة، أن تدخل في مواجهة مباشرة مع عاهرة. لو أن لديك الحد الأدنى من الإطلاع على الأمثال الشعبية المصرية الساخرة (والساحرة)، فستجد بينها ما يؤكد.. المعارك مع العاهرات دائماً خاسرة!

ثم، سامحني يعني لو سألتك، أنا أعرف أن الفكرة التي سأطرحها مزعجة.. تحملني قليلاً وفكر معي : ماذا لو أن العاهرات.. قررن، في ساعة توبة جميلة، أن يؤيدين محمد مرسي فجأة؟!.. ألا يغير هذا من جوهر المسألة؟..

العاهرة ماكرة بشكل عام. ومواقفها السياسية غير مضمونة. اليوم تعارض مرسي وغداً تؤيده، اليوم ترقص للسيسي وغداً ترقص لمعارضيه.. الأمس رقصت لك، واليوم ترقص على جثتك!.. ماذا ستفعل حينها إذن؟.. تقف في جبهة واحدة مع عاهرة؟، بلطجي؟، راقصة؟.. هل ينتزع تأييد العاهرة لك، الحق والخير من جبهتك في المعركة؟!.. هذا إن كانت لديك معركة أصلاً..

طيب. وهل خطبت ود العاهرات سابقاً؟!، يعني على من تحديداً تقع مسئولية أن العاهرة لم تؤيد محمد مرسي؟.. لا يمكن لوم العاهرة نفسها على عدم تأييدها لرئيس، العاهرة عاهرة في البداية والنهاية، معروفة.. المسئولية تقع دائماً على رأس الواعي الفاهم القادر على الإدراك.. وفي السياسة العاهرة ليست كذلك.

إن كانت اختيارات العاهرة مؤثرة للدرجة التي تعزل رئيسك الذي تحبه وتؤيده، فسامحني، أنت مقصر في حقها. على الأقل يلزمك اتفاق مسبق معها. ضماناً لعدم غدرها بك. وإن فشلت في أن تجعلها تؤيدك، فعلى الأقل، امنعها (بشيء آخر غير القوة والإجبار) من معاداتك.

أنت على الأقل، بحاجة لأن تملك خطة واضحة تجاه عاهرات الوطن.. ماذا ستفعل بهن حين تسيطر على الوضع وتنتهي معاركك الحالية. عاهرات الوطن أصلاً مسألة تخص الوطن بشكل عام.. وهذا سؤال يبدو حتى بحاجة إلى استفتاء : ماذا سنفعل في عاهرات الوطن؟!..

وفي الاستفتاءات (كما تعلم)، الأمور بحاجة إلى تحديد ووضوح.. يعني، أولاً، وقبل السؤال ذاته، يجب أن نضع تعريفاً واضحاً للعاهرات، بحيث نتفق على الموضوع قبل أن تختلف الإجابات.. من هي العاهرة؟!.

أصارحك القول، تلقيت على بريدي مساء أمس رسالة من شخص لا يعجبه ما أكتبه على صفحتى الشخصية على فيس بوك. خمن بماذا وصفني؟.. إجابة صحيحة.. اعتبرني "عاهرة"!.

هكذا قال. أنا في نظره عاهرة بطريقة أخرى، أمارس العهر السياسي والثقافي، وأفسد الوطن. وحجته، فيما قال، أن ما أكتبه لا يعجبه.

طيب. المسألة هكذا ازدادت تعقيداً يا عزيزي. فأنا، أصبحت فجأة، ضمن الفئة التي سنسأل الناس عن مصيرها في استفتاء عام، لو لم نضع تعريفاً محدداً للمسألة. أجب إذن : ماذا ستفعل معي؟!..

لحظة.. أنت أيضاً هناك من يعتبرك عاهرة. سامحني، ناقل اتهام العهر ليس بعاهر. هكذا سمعت الرجل الذي يتحدث يومياً على الشاشة يقول : كل أعداء السيسي عاهرات. بل وأولاد عاهرات أيضاً.. الأمهات والعاهرات أصبحن جزءاً لا يتجزأ من السياسة على ما يبدو..

أنت تكره العاهرة التي تظن، والآخر يكرهك، لأنك عاهرة في اعتقاده. وأنا في ظن البعض عاهرة (ربما أنت والآخر).. الدائرة تتسع.. كيف تمكن الحياة في وطن كله عاهرات بهذا الشكل؟..

ماذا لو.. جربنا طرح السؤال بشكل مختلف.. أبسط، دون كل هذا التعقيد..

هناك مواطن، لا يحب الرئيس الذي أحبه. ماذا أفعل معه؟.

العاهرة، للمفاجأة والصدمة، مواطنة في البداية والنهاية، مهنتها ليست مهمة، ولا تشكل فارقاً في المسألة، وعدم تأييدها للرئيس الذي تحب. لا يضمن لك مكاناً في جبهة الحق والخير.

وصدق أو لا تصدق. هناك من يملك شعوراً مختلفاً عنك، اختياراً مخالفاً لك، انطباعاً سلبياً عنك.. السؤال هو : ماذا ستفعل معه، دون اعتباره عاهرة؟..

ملحوظة ختامية : أعرف عاهرة، أحبت محمد مرسي، وانتخبته، ولازالت تطالب بعودته.. وقد كتبت السطور السابقة، بناء على طلب شخصي منها، مع الإشارة إلى انزعاجها من السؤال الأول وإجابته.

تحميل المزيد