"زهرة واحدة لا تصنع ربيعاً، أطفال أكثر، حياة أسعد"، عبارات تحملها إحدى الملصقات في طهران، تظهر صورة أب مبتسم مع أولاده الأربعة وابنته، وهم يركبون دراجة هوائية.
من خلال هذه الشعارات إضافة إلى إصلاحات تشريعية، تسعى الجمهورية الإسلامية إلى إقناع الناس بالإنجاب، في الوقت الذي تسعى فيه الدول النامية الأخرى إلى تخفيض عدد المواليد، فطهران تهدف إلى مضاعفة عدد السكان إلى 150 مليون بحلول 2050، بحسب ما قالته صحيفة "تلغراف" البريطانية.
الدافع وراء هذه الحملة هي تراجع معدلات الخصوبة وارتفاع معدلات الطلاق حتى باتت نسبتها قريبة من نسب الدول الأوروبية العجوزة. ورغم أن الدولة تعد دولة إسلامية إلا أن نحو ثلث الزيجات في طهران تنتهي بالطلاق، فيما انخفض عدد المواليد لكل امرأة في سن الإنجاب، من 7 في عام 1980 إلى 1,8 عام 2014.
يذكر أنه في العقد الأول بعد الثورة الإسلامية في 1979، شهدت إيران طفرة في عدد المواليد، حيث أصبح السكان أكبر عدداً وأصغر سناً.
اليوم، تعد إيران أحد الدول الشبابية بالمعايير الغربية، إلا أن معدل متوسط عمر السكان بدأ بالزحف إلى الأعلى، كما أن النمو السكاني السنوي الأن نحو 1% بينما كان نحو 4% عام 1980.
رسم بياني يوضح معدلات النمو السكاني في إيران..
نقص في إنجاب الأطفال
ويعاني الشباب الإيراني من الأزمة الاقتصادية، والتي ببساطة تمنعهم من إنجاب أطفال.
شرين وحسين، زوجان في الربيع الثاني على وشك الوصول إلى الثلاثين، بدون أطفال، بل تقريباً بدون أصدقاء.
تقول شيرين "تقريباً وسط الأزواج الذين أعرفهم، هناك زوج واحد فقط من لديه طفل، بالنسبة لي فإن المسؤولية هي كلمة السر للحصول عى الأطفال، من الجيد إنجاب أطفال، لكن ليس الأن، ليس في هذا المجتمع، ليس في إيران، الظروف الاجتماعية والاقتصادية ليست على ما يرام".
تخوفات شيرين تذهب أبعد من مجرد الكفاح لأجل الحصول على حياة كريمة في دولة أنهكتها العقوبات وسوء الإدارة والفساد، بل هناك أيضاً التسلط الخانق من جانب الدولة.
التضييق
تقول شيرين بعدما أشارت على قناة "بي بي سي" فارسي على شاشة التلفاز، "أنظر، نحن نشاهد بي بي سي فارسي، لكن إذا كان لدينا طفل في المدرسة، لن يكون بمقدور الطفل أن يقول أننا نشاهد بي بي سي في المنزل".
وبالرغم من أن الأطباق اللاقطة غير قانونية، فإنها منتشرة في طهران، وتعتري النظام الإيراني القلق تجاه قناة "بي بي سي" فارسي، والتي يحاول النظام التشويش علي إرسالها، ولكن رغم ذلك، فإن الملايين من الإيرانيين يقومون بتشغيلها يومياً.
تقول شيرين "ولدنا مسلمون، لكننا لم نعش كمسلمين دائماً، في المدرسة، سيجبر طفلنا على اتباع سلوك معين هم يريدونه، هناك تناقض في مجتمعنا، أعتقد يمكننا الحصول على أطفال عندما نشعر أن ما نقوله في المدرسة والبيت مثل بعض، يمكننا إنجاب أطفال، عندما لا نكون مجبرين على ارتداء أقنعة على وجوهنا".
وتمرر السلطة الأن قوانين جديدة لتشجيع الإيرانيين على الإنجاب، فقانون رقم 446 حالياً يناقش أمام البرلمان، والذي بمقتضاه سوف تمنع عملية منع الحمل، وإنهاء دعم الدولة لتنظيم الأسرة.
قوانين ضد العازب
في الوقت نفسه، فإن من شأن "احترام القانون"، أن يجبر القطاع العام والخاص للتمييز ضد العازب في سوق العمل، فالمادة 9 تقول إنه على الحكومة والشركات تعيين العازب في حالة غياب المؤهلين من المتقدمين فقط.
وكذلك ثمة قانون آخر يفرض على الراغبين بالطلاق التقدم لأخذ المشورة، وتقول بارنيان جافام، رئيسة الإرشاد الاجتماعي وأحد مكاتب الاستشارات، أن الهدف الرئيسي من القانون هو تقليل أعداد الطلاق.
تضيف جافام "من الواضح أن وضع العراقيل أمام الطلاق، سوف يوفر الوقت حتى يزول الحزن والغضب بين الزوجين، والعودة إلى حياة طبيعية، عندما المرء غاضباً يتخذ قرارات خطرة، منها الطلاق، ولكن عندما يتاح الوقت له بوضع العراقيل أمام الطلاق، فإنه يعود لحياته الطبيعية مجدداً ويحب شريكته مرة أخرى، خصوصاً إذا كان هناك أطفال".
تقول جافام أن الدولة سوف تقوم بتقديم مشورة إجبارية قبل الزواج، وتضيف "هل هناك أحد يستطيع القيادة بدون رخصة؟"، وتتساءل "كيف لنا أن نأمل في حياة جيدة بدون دورات تدريبية مناسبة حول الحياة الزوجية ؟"