أجبرت نيران الحرب المشتعلة في اليمن الشباب على التفكير في الهروب من مستقبل مجهول، ومصير مشرد كأقرانهم في سوريا والعراق، فبدأوا في الهجرة متحدّين الخطر عبر معاقل الحوثي، نحو السعودية.
وتشهد اليمن الواقعة في جنوب الجزيرة العربية حرباً في وسط وجنوب البلاد منذ سيطرة مسلحي أنصار الله (جماعة الحوثيين) على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.
وعصفت أوضاع الحرب التي فرضها (الحوثيون) بالخدمات الأساسية في البلاد، وأدت إلى تعطيل عمل أجهزة الدولة، إلى جانب انعدام المشتقات النفطية، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل نهائي منذ أوائل إبريل/ نيسان الماضي.
مخاوف الشباب
هذه التعقيدات والظروف الإنسانية المتردية، شكلت هاجساً من أن تصبح بلادهم كسوريا والعراق وبقية الدول العربية التي تعيش أزمات الحرب، كما سببت مخاوف لدى الشباب اليمني حول مستقبله.
عربي بوست تمكنت من الوصول لبعض الشباب اليمنيين الذين تحدثوا حول حياة غير آمنة، ومستقبل مجهول، وأحلامٍ بالهجرة إلى السعودية للعمل، وأخرى للهجرة إلى تركيا ومنها إلى ممرات اللجوء عبر أوروبا.
الهجرة باتت "فرض عين"
وكانت البداية مع علي محمد إبراهيم (25 عاماً)، الذي يرى أن الهجرة باتت "فرض عين".
محمد تخرج منذ عامين من كلية اللغات قسم اللغة الإنجليزية، وقرر البحث بجدية عن طريق للهجرة نحو الشمال، أو كما يسميه "الفرار من الجحيم" بعد نحو خمسة أشهر من اندلاع الحرب في اليمن.
ويؤمن محمد وعدد من أقرانه أن اليمن تنحدر نحو الهاوية أو تكاد أن تفعل، رغم أن نيران الحرب لم تكن قد وصلت لمدينتهم العاصمة صنعاء، بيد أن تردي الأوضاع في المجمل ومنها الاقتصادية، فرضت عليهم طرق باب الهجرة.
رحلة الهروب عبر حدود السعودية
يبدو الطريق شائكاً أمام محمد بسبب إغلاق الحدود البرية مع السعودية، والتي باتت ساحة للمعارك بين مسلحي أنصار الله (الحوثيين) وقوات الجيش السعودي منذ أبريل/ نيسان الماضي.
في الأفق يبدو المعبر الوحيد- منفذ الوديعة الحدودي- شبه آمن، غير أن الطريق إليه مليئة بالمخاطر والصعاب، حيث يسيطر الحوثيون عليه وينصبون عدة نقاط مسلحة، ناهيك عن أن المار إليه سيكون مشتبهاً ومتهماً باللحاق بصفوف المقاومة الشعبية التي تخوض معارك عنيفة في المحافظة النفطية منذ أشهر.
يقول محمد لـ "عربي بوست" بأنه سيخوض مغامرة لاجتياز الحدود الشمالية بغية الوصول للسعودية، التي باتت تقدم تسهيلات لليمنيين الفارين من الحرب.
مغامرة عبر معقل الحوثي
ويضيف بأن أحد أصدقائه تمكن من اجتياز محافظة صعدة معقل جماعة الحوثيين (أقصى شمال اليمن)، رغم ضراوة المعارك واشتداد القصف الصاروخي والمدفعي والغارات الجوية بين الطرفين، وحين وصل إلى حرس الحدود السعودي ساعدوه على الوصول إلى مناطق آمنة.
وكان صديقاه محمد البرق، وبلال داود، قد اجتازا الحدود مع آخرين، وتكبدا مشقة السفر خلال القرى الخالية من السكان، ويفيد محمد البرق لـ "عربي بوست" بأنه أُجبر وأصدقاءه على المكوث في إحدى القرى نحو أربعة أيام دون غذاء منتظم.
الهجرة لتركيا وأوروبا
ويعكف الشباب اليمني على دراسة الهجرة إلى أوربا وتركيا من خلال المرور بالسعودية، وغالبية الساعين لذلك هم من الشباب اليمني ممن يمتلك مؤهلات علمية ولغة أجنبية.
ومن السعودية، تبدأ رحلة جديدة في طريق الهجرة، فالبعض منهم حاول التأقلم من خلال فرص عمل محدودة ومهنية في السعودية، التي سعت بدورها لاستيعاب العمالة اليمنية، والمقيمين اليمنيين بشكل مخالف.
فيما يجتهد وخصوصاً من يمتلك المال للانتقال إلى تركيا ومحاولة التكيف مع المجتمع التركي، أو تقديم طلب اللجوء الإنساني لدول شمال أوربا.