في الوقت الذي كان يشكو فيه شبان لبنان من منافسة غير مشروعة بنظرهم مع العمال السوريين في مهن وحرف مختلفة وبيد عاملة أرخص تشكل عامل جذب لأرباب العمل، تشهد بعض أسواق العمل مؤخراً منافسة مماثلة بين فتيات لبنان والنازحات السوريات اللواتي بدأن بعد طول الإقامة وتزايد الاحتياجات باجتياح سوق العمل، لاسيما في إطار المحلات التجارية الخاصة في بيع الألبسة وأيضاً في المطاعم والمقاهي، خصوصاً في المناطق السياحية اللبنانية.
يعيش في لبنان وفق تقارير غير رسمية ما يفوق المليون نازح سوري، يتوزعون على كامل الأراضي اللبنانية ويتجمعون تحديداً في المناطق الشعبية والفقيرة، الأمر الذي يجعل المنافسة تدور بينهم وبين فقراء لبنان، وتؤكد المصادر الرسمية اللبنانية أن نسبة البطالة لدى الشباب اللبناني الذي لا يحمل الشهادات تتجاوز الـ 40 في المئة، في حين أن نسبة البطالة لدى الشباب والشابات من حملة الشهادات تصل إلى 25 في المئة وفق ما أكد وزير العمل اللبناني سجعان قزي في آخر تصريح له قبل يومين.
!!200 دولار هو الفرق
تركت إيمان شعبان 35 عاماً عملها في متجر الألبسة بعدما رفض صاحب العمل تعويضها عن ساعات العمل الإضافية، فالشابة اللبنانية أم لأربعة أولاد، وساعات العمل الإضافي المجانية زادت عبئاً عليها، وحول ذلك تقول لـ "عربي بوست": "أعمل في المتجر منذ نحو سبعة أعوام لأساعد زوجي في تأمين متطلبات الحياة، كنت أتقاضى في الشهر راتباً مالياً مقداره 500 ألف ليرة لبنانية أي أقل من 400 دولار أميركي".
وأضافت: "منذ عامين بدأ صاحب المتجر يطلب مني أن أعمل ساعات إضافية من دون أن يرفع لي من راتبي، وعندما أخبرته أنني غير قادرة على زيادة ساعات العمل مجاناً، أبلغني بأنه سوف يستبدلني بعاملة أخرى في حال رفضت ذلك، وبالفعل قبل شهر تركت العمل، وقد أحضر مكاني فتاة سورية بمبلغ شهري هو 200 دولار أميركي وبدوام عمل كامل طوال النهار".
تهديد يومي بالطرد والسبب عاملة سورية!
تفتقر معظم المناطق اللبنانية باستثناء العاصمة بيروت وضواحيها إلى المصانع والمعامل، حيث ينحصر العمل فيها فقط في محلات بيع الألبسة وفي ورش البناء وفي مهن حرفية، ولا يحصل غالبية العمال في هذه المهن على أية ضمانات صحية أو اجتماعية.
والعاملات اللبنانيات في تلك المهن لا يحصلن على حقوقهن بالأساس، وحول ذلك تقول الناشطة الاجتماعية إلهام درويش لـ "عربي بوست" أنه بحكم عملها "نتلقى شكاوى عديدة من فتيات عن تعرّضهن لضغوطات كبيرة من أرباب عملهن تتمثل بتهديد يومي بالصرف من العمل والاستبدال بسوريات أقل كلفة من الرواتب التي تدفع لهن".
وأضافت: "بعد حصول الأزمة في سوريا ونزوح أعداد كبير من السوريين إلى لبنان وتحديداً إلى المناطق الفقيرة، بدأنا نتلقى شكاوى عن وجود مضايقات تتعرّض لها الفتيات اللبنانيات، ووصلت إلى حدّ الطرد من العمل والاستبدال بالعاملات السوريات، بسبب الراتب المالي من جهة، ولأن الفتاة السورية تعمل لوقت أطول".
وجود العاملة السورية في سوق العمل تسبب بطرد عاملة لبنانية فقيرة فمن وجهة نظر "درويش" أن العاملة السورية التي أجبرتها الظروف على الدخول إلى سوق العمل مرغمة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، وأدّى عملُها إلى خلق منافسة بين الفقراء اللبنانيين وأقرانهم السوريين، ولا توجد أي جهة رسمية لبنانية أو دولية تعمل على معالجة هذه القضية الإنسانية والاجتماعية، والمرجحة للتفاقم في حال بقي الوضع على ما هو".
3 عاملات مقابل عاملة واحدة
لجأ بعض أرباب العمل إلى تشغيل عدد كبير من العاملات السوريات وخاصة في مجال بيع الألبسة، لدرجة أحياناُ تصل إلى 3 عاملات مقابل عاملة لبنانية واحدة، "هافينعتون بوست عربي" التقت إحدى العاملات السوريات في متجر لبيع الألبسة، والتي رفضت الكشف عن اسمها، وأوضحت أنه "نحن مضطرون للعمل نساء ورجالاً، ولو كان بمبالغ مالية زهيدة ومن دون أية حقوق أو من دون حصولنا حتى على ضمانات بمعاملة جيدة من أرباب العمل".
وعن عملها في هذا المتجر تقول "بدأت العمل هنا مع ثلاث فتيات من سورية في هذا المتجر منذ نحو عام، وقد سمعنا أنه كان في هذا المتجر عاملات لبنانيات ولكن لا نعرف لماذا تركن العمل".
الشابة التي تتقاضى راتباً شهرياً قدره 250 دولاراً كان من المفترض أن يكون مقابل "دوام لا يتجاوز الست ساعات، ولكن بعد مرور عدة أشهر، بدأ يطلب مني أن أعمل ساعات إضافية من دون مقابل، وعندما حاولت أن اطلب منه زيادة مالية على الراتب، أخبرني أنه لا يدفع زيادة، وإن كان الوضع لا يعجبني فيمكن لي أن أغادر العمل" على حدّ قولها.