لم يجد السكان العرب في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق سوى إقليم كردستان العراق ليكون مأوىً لأكثر من ثلاثة ملايين مشرد ونازح منهم، وهو ما أثار مخاوف الكرد من تغير المنطقة ديموغرافياً.
ويعيش المهجرون العرب من محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وبعض مناطق ديالى وأطراف محافظة كركوك في 23 مخيماً ووحدة إيواء، منهم 16 مخيماً بمحافظة دهوك، مقابل 3 في أربيل و4 في السليمانية فضلاً عن منطقة كرميان.
مخاوف الكرد
وبرغم أن الكرد بشكل عام متعاطفون مع النازحين العرب، وهناك عدد لا بأس به من النشطاء يحاولون مساعدة النازحين، إلا أن هناك مخاوف كردية من بقائهم في كردستان العراق وبالتالي تعريب الإقليم الكردي، وتغيير ديموغرافيا السكان هناك لصالح العرب.
وبالفعل أصبحت أعداد المهجرين العرب أكثر من السكان الأصليين في بعض المناطق، ففي منطقة "شقلاوة" السياحية في أربيل أصبح سكانها يطلقون عليها اسم "شقلوجة" بسبب أن أغلب النازحين فيها من أهالي الفلوجة.
أزمة اللغة
واضطر السكان العرب النازحين عقب سيطرة داعش على مناطقهم إلى تعلم مفردات اللغة الكردية، وهو ما أدى إلى رواج كبير ببيع كتب تعلم لغة الكرد.
في هذا الشأن يقول ثامر العيساوي، وهو نازح من الفلوجة إلى أربيل ويبلغ من العمر37 عاما ويعمل مدرساً للرياضيات، أن أبرز مشكلة واجهت المهجرين في كردستان هي اللغة.
ويضيف العيساوي "أن اللهجة في أربيل تختلف عن دهوك تماماً، فهنا يستخدمون اللهجة الكردية الصورانية، فيما يستخدم الكرد في دهوك اللهجة الكردية الكرمانجية.
وضع اقتصادي صعب
وحسب مصدر إعلامي في وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، لـ (عربي بوست) فقد نزحت نحو 274,580 عائلة عربية إلى إقليم كردستان، وهو ما أسفر عن أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، بالتزامن مع ما يعيشه الإقليم من أزمة مالية بسبب تراجع الزراعة والصناعة، إلى جانب تأخر الحكومة الاتحادية في دفع رواتب الموظفين بالإقليم.
ويطالب إقليم كردستان الحكومة الاتحادية في بغداد بنحو 16 مليار دولار كحصة من الموازنة العامة للبلاد، فيما تقول بغداد أنها تطالب الإقليم بـ 37 مليار دولار قيمة بيع نفط الإقليم منذ 7 سنوات.
مخاوف من خلايا داعش
وحول صعوبة حصول المهجرين على الموافقات الأمنية في الإقامة والسكن يقول (ف.م) وهو عنصر في قوات الأمن (الأسايش)، أن هناك مخاوف من دخول خلايا نائمة تابعة لداعش مع النازحين، ولهذا قامت حكومة الإقليم بتشديد الإجراءات خشية من تدهور الأوضاع في مدن الإقليم.
ويضيف العنصر الأمني، أن بغداد أرسلت بعض الأسماء من المطلوبين للقضاء العراقي، وتم اعتقال شبكة من 8 أشخاص قبل أيام ينتمون لتنظيم داعش وتم إرسالهم إلى المحاكم الاتحادية في بغداد.
الاندماج والانصهار
وحول صعوبة حصول المهجرين على الموافقات الأمنية في الإقامة والسكن يقول (ف. م) وهو عنصر في قوات الأمن (الأسايش)، أن هناك مخاوف من دخول خلايا نائمة تابعة لداعش مع النازحين، ولهذا قامت حكومة الإقليم بتشديد الإجراءات خشية من تدهور الأوضاع في مدن الإقليم.
ويضيف العنصر الأمني، أن بغداد أرسلت بعض الأسماء من المطلوبين للقضاء العراقي، وتم اعتقال شبكة من 8 أشخاص قبل أيام ينتمون لتنظيم داعش وقمنا بإرسالهم إلى المحاكم الاتحادية في بغداد.
مواقف إنسانية
ويقول النازح محمد جميل من محافظة صلاح الدين والبالغ من العمر 42 عاما ويعمل سائق تاكسي، "أن الكرد يعاملوننا معاملة حسنة وجيدة وقدموا لنا في شهر رمضان وجبات الفطور والسحور".
وأضاف النازح جميل أنهم يواجهون بعض التعقيدات من قبل الأجهزة الأمنية في الحصول على الموافقات وطلبات توفيق الأوضاع لولا مساعدة بعض الكرد.
ويرى دارا حسين، كردي من أهالي أربيل والبالغ من العمر 28 عاماً ويعمل أستاذاً جامعياً أنه ككردي شهد الهجرة في تسعينيات القرن الماضي، ولا ينسى وقوف أهل الأنبار في السابق مع المهاجرين الكرد، ولذا فهو يشعر بما يشعر به المهجرون العرب من قلق نفسي ووضع اجتماعي جديد.
حلم تحرير الأرض من داعش
وتمني اللاجئ أحمد القيسي من ديالى، أن يسمع خبراً أو إعلاناً يؤكد خلو منطقته من العمليات العسكرية والمتفجرات ومخلفات المعارك حتى يعود للديار.
وانتقد دور بغداد تجاه النازحين، مؤكدا أن مبلغ مليون دينار الذي خصصت الحكومة كل سنة للعائلة لن يفي بمتطلبات الحياة، في حين أن بعض المهجرين قام باستئجار منزل بمبلغ نصف مليون دينار للشهر الواحد.
ويضيف القيسي "بغداد تركتنا للزمن ولم تهتم بنا وكأننا لسنا بمواطنيها، فأصبحنا نعيش على المساعدات لأن إقليم كردستان يعاني أصلاً من أزمة مالية وكساد وبطالة، فلم نتمكن من إيجاد فرصة عمل ملائمة".
عمر الجميلي، نازح من الفلوجة، يؤكد أن كل النازحين ينتظرون تحرير مناطقهم من داعش، ولكنه يخشى من تخريب وتدمير المنازل مثل بعض المناطق المحررة في جرف الصخر وتكريت.