في عام 1966 قاطعت القارة الإفريقية كأس العالم التي احتضنتها إنجلترا، بسبب قرار فيفا حينها تخصيص مقعد واحد لكلٍّ من قارتي آسيا وإفريقيا وأوقيانوسيا، وهو القرار الذي اعتبرته قارة إفريقيا إجحافاً في حقّها، فقررت مقاطعتها.
كان أويني دجان، رئيس اتحادية غانا لكرة القدم، يقف وراء هذا الاحتجاج، بحيث كان الرجل الغاني يعتقد أن المعاملة التي تتلقاها قارة إفريقيا من أوروبا التي تسيطر على فيفا لفترة طويلة كانت "إهانة ومهينة".
أذعن فيفا للاحتجاج القارة الإفريقية بمقاطعة كأس العالم، فقام بإرجاع المقعد الذي كانت تحوزه حينها كل من قارتي إفريقيا وآسيا في مونديال المكسيك 1970.
بعد 54 سنة من تلك الحادثة، وصل منتخب المغرب المنتمي إلى القارة الإفريقية إلى نصف نهائي كأس العالم، بعد أن هزم منتخبات بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، في انتظار مواجهة منتخب فرنسا في نصف نهائي، كما نجح منتخب اليابان الآسيوي في إلحاق الهزيمة بمنتخبي ألمانيا وإسبانيا، وفازت كوريا الجنوبية على البرتغال في نفس النسخة.
توفي دجان في عام 1987 لكنه كان سيمسي سعيداً جداً بإنجاز منتخب المغرب والكرتين الإفريقية والآسيوية في مونديال قطر 2022 الذي لولا الاحتجاج الذي قدمه لما كان للمنتخبات الإفريقية أي إمكانيات للنجاح في كأس العالم.
مونديال 1966 حين أراد مشاركة فريق واحدٍ من قارتي إفريقيا وآسيا
قبل مونديال 1970 بالمكسيك، كان لإفريقيا مباراة واحدة فقط في التصفيات، خاضها منتخب مصر عام 1934، عبر البطولات الثمانية الأولى بين عامي 1938 و1970، وخلال النسخ الـ12 التالية، نما حضور إفريقيا في كأس العالم، ووصل إلى ذروته بستة منتخبات في كأس العالم في عام 2010 حين نظمت جنوب إفريقيا البطولة لأوّل مرة في تاريخ القارة، كما حملت نسخة قطر 2022 أول منتخب إفريقي إلى الدور نصف النهائي.
لكن كأس العالم 1966، التي لم يكن لها تمثيل إفريقي بسبب مقاطعة البطولة من قبل غانا غيرت كل شيء، وأثبتت أنها نقطة تحول لمزيد من الاعتراف بالمنتخبات الوطنية في القارة.
في ذلك الوقت، كان منتخب النجوم السوداء بعد أن فاز بلقب كأس الأمم الإفريقية عامين متتاليين 1963 و1965.
ففي يناير/كانون الثاني من عام 1964، قرر فيفا أن الـ16 فريقاً المحددة للمشاركة في مونديال إنجلترا 1966، يجب أن تكون 10 منها أوروبية و4 من أمريكا الجنوبية ومنتخب من أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي، بينما تتصارع على المقعد الأخير قارتا إفريقيا وآسيا.
في غضون شهر، كان مدير الرياضة الغاني أويني دجان، الذي كان أيضاً عضواً في اللجنة التنفيذية لفيفا، يستشيط غضباً من القرار، واصفاً اتحاد كرة القدم الدولي بغير العادل، ومطالباً إياهم بالتوقف عن ظلم منتخبات إفريقيا وآسيا برسالة أرسلها إلى فيفا.
كتب دجان في رسالته تلك: "تعاني منتخبات إفريقيا وآسيا في سلسلة طويلة ومكلفة من التصفيات ليتأهل منتخب واحد إلى النهائيات، إنه ظلم مثير للشفقة، يجب أن تحصل إفريقيا على مقعد واحد على الأقل، ويجب عليكم إعادة النظر في القرار".
كان رئيس غانا آنذاك، هو كوامي نكروما هو من يقف وراء احتجاج دجان على القرار وإرسال رسالة شديدة اللهجة إلى فيفا، لأن الرئيس الغاني كان حينها يود استخدام كرة القدم في إفريقيا كوسيلة لربط القارة بحسب تقرير لـ BBC.
كان دجان أيضاً عضواً في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، وهو أحد أهم شخصين في صراع قارة إفريقيا مع "فيفا"، بجانب الإثيوبي تسيما يدني كاتشيو، وبدأ هذا الثنائي بإقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم، بأنّ الكرة الإفريقية تطورت في الفترة الأخيرة، وأضافا أن لعب تصفيات بينهم وبين نظرائهم في آسيا مرهق مادياً، لكن السياسة أفسدت كل جهود الرجلين.
بسبب عنصرية جنوب إفريقيا وظلم فيفا.. غانا تقاطع المونديال
في عام 1960، جمّد "كاف" عضوية جنوب إفريقيا في القارة الإفريقية، بسبب التمييز العنصري الذي كان يحدث في البلد آنذاك، وهو ما فعله "فيفا" أيضاً بعدها بعام، لكنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم أعاد عضوية جنوب إفريقيا في عام 1963، بعد تعهدها بعدة أشياء لـ"فيفا" كان أحدها إرسال منتخب أبيض في مونديال 1966، ومنتخب أسمر في مونديال 1970.
وكان حصر المقعد الأخير في كأس العالم إنجلترا 1966، بين 3 قارات، ولمحاولة إبعاد جنوب إفريقيا المنبوذة في قارتها، عن أي مواجهة مع منتخب إفريقي في كأس العالم، وضع فيفا جنوب إفريقيا في مجموعة تصفيات آسيوية لتجنب مواجهة منافس إفريقي، لكن التصفيات النهائية التي تضم منتخباً متأهلاً من كل من المجموعات الإفريقية والآسيوية وقارة أوقيانوسيا تعني أنها من المحتمل أن تواجه فريقاً إفريقياً.
مع تعنت فيفا وإصراره على نظام التأهل إلى كأس العالم، دون اكثرات بمطالب الأفارقة، أعلن "كاف" ومنتخب غانا في يوليو/تموز من عام 1964، مقاطعتهما كأس العالم 1966 بشكل رسمي ما لم تتم إضافة مقعد مخصص لإفريقيا.
في تلك التصفيات خاض أكثر من 100 فريق في إفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا في التصفيات، ومع انسحاب ممثل قارة إفريقيا التي كان يمثل فيها منتخب غانا أقوى المنتخبات، كان هناك فريقان فقط.
سحقت كوريا الشمالية منتخب أستراليا بنتيجة 9-2 لتصل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها، وخلال تلك النسخة فاجأت كوريا الشمالية الجميع، بعد أن وصلت إلى الدور الربع النهائي من المسابقة.
وبعد ذلك المونديال بعامين، قرر "فيفا" التراجع عن القرار المجحف في حقّ إفريقيا وآسيا، بإضافة مقعدٍ مخصصٍ لكل من آسيا وإفريقيا، ومنذ مونديال 1970 لم يغب أي منتخب إفريقي عن كأس العالم حتى الآن.