مرة جديدة حسمت ركلات الترجيح مباراة أخرى في ربع نهائي كأس العالم، والتي حضرت مرة واحدة على الأقل في آخر تسع نسخ، بينها 1986 عندما انتهت ثلاثة لقاءات من علامة الجزاء.
منتخب كرواتيا انتزع أولى بطاقات العبور إلى نصف النهائي بفضل ركلات الترجيح، التي ابتسمت له مجدداً بعد التعادل بدون أهداف في الوقت الأصلي، ثم 1-1 في الوقت الإضافي.
سر ركلات الترجيح الهزيلة
لكن ركلات الترجيح ربما لن تكون بالمستوى المتواضع نفسه الذي شهده دور الستة عشر في قطر.
وودّعت اليابان المنافسات على يد كرواتيا بعدما تصدى الحارس دومينيك ليفاكوفيتش لتسديدات هزيلة من تاكومي مينامينو وكاورو ميتوما ومايا يوشيدا.
وأخفقت إسبانيا في تسجيل أول ثلاث ركلات ترجيح، إذ اصطدمت بالقائم تسديدة بابلو سارابيا، الذي نزل بديلاً في نهاية المباراة من أجل ركلات الترجيح، بينما تصدى حارس مرمى المنتخب المغربي بسهولة لتسديدتي كارلوس سولير وسيرجيو بوسكيتس.
وليس هناك أي تفسير لهذا المستوى الضعيف خاصة بعد خروج إسبانيا بركلات الترجيح من الدور نفسه في روسيا قبل أربع سنوات وبالنظر إلى وجود لاعبين ذوي موهبة فنية كبيرة في صفوف منتخب البلد الأوروبي.
وكانت السمة الأبرز لركلات الترجيح في المباراتين هي التنفيذ المتواضع. كانت التسديدات الست التي تصدى لها حارسا الفريقين الفائزين ضعيفة وبالقرب من منتصف المرمى، وهي الظاهرة التي حيرت الجماهير والخبراء.
وحللت شركة "نيلسن غراسنوت" للبيانات كل الركلات التي شهدتها آخر خمس نسخ من البطولة من علامة الجزاء، بينها قطر، وخلصت إلى أن التسديدة المنخفضة إلى جهة اليمين (50%) وإلى جهة اليسار (68%) هي الأقل من ناحية نسبة النجاح.
أما معدل نجاح التسديدات باتجاه الجزء العلوي من المرمى، سواء في الزاوية أو في المنتصف، فوصل إلى 100% من أصل 20 محاولة شملها التحليل.
ويحظى مهاجم إنجلترا السابق آلان شيرر بسجل رائع من علامة الجزاء، إذ إنه عادةً ما يسددها بقوة باتجاه الزاوية العليا فحتى لو ارتمى الحارس للتصدي لها فإن فرصه ضئيلة.
لغة الجسد
يتبادر إلى الذهن تساؤل عن السبب الذي يدفع اللاعبين إلى تسديد ركلات الترجيح منخفضة عوضاً عن الزاوية العليا.
ويجيب مات ميلر-ديكس، كبير المحاضرين في اكتساب المهارات بجامعة بورتسموث، في حديثه لـ"رويترز": "هامش الخطأ في توجيه التسديدات إلى هذا الجزء أقل من باقي المرمى".
وقال: "لا يمكنك أن تسدد الكرات تحت مستوى الأرض لكن بالطبع يمكنك أن تسددها أعلى من مستوى العارضة، لذا فإنها أشبه بشبكة أمان. ربما يكون اللاعبون أكثر ثقة في أوضاع أقل ضغطاً بما يمكنهم من التسديد باتجاه الزاوية العليا".
كما تلعب لغة الجسد والثقة دوراً، إذ بدا أن الخوف تمكن من اللاعبين اليابانيين خلال تسديد ركلات الترجيح. كما أن ضرر الاستخدام المتزايد لحركات مغالطة الحارس أثناء الانطلاق لتسديد الركلة، يبدو أكثر من نفعه.
وقال ميل-ديكس: "وصلني هذا الشعور من بعض أسوأ الركلات الترجيح في هاتين المباراتين ربما حالة لاعبين ينطلقون ببطء شديد لتنفيذ الركلة ربما على أمل أن يرتمي الحارس في زاوية، لكنه لا يفعل ولا يسدد اللاعب الكرة باتجاه الزاوية الأخرى ليتصدى الحارس للتسديدة بصورة تبدو سهلة".
الضغط النفسي
وبالطبع تتباين وطأة الضغط النفسي للموقف من لاعب لآخر، لكن ميلر-ديكس يقول إن الضرر قد يحدث حتى من قبل أن يضع اللاعب الكرة على علامة الجزاء.
وقال: "تُظهر الأبحاث أن الركلة في حد ذاتها ليست مصدر كل الصعوبات التي يواجهها اللاعبون، وإنما الاصطفاف على خط منتصف الملعب والسير باتجاه منطقة الجزاء للتسديد".
وأضاف: "إذا لم تكن مستعداً لتلك اللحظة، حينها تساورهم شكوك بشأن ما سيفعلونه وربما يغيرون خططهم في التسديد".
وتابع: "لذا أعتقد أن من المهم ألا يقتصر استعداد اللاعبين على تسديد الركلات، وإنما السير إلى منطقة الجزاء. هناك مختص في علم نفس الرياضي في المنتخبات أو الأندية ويجب عليهم المساعدة في إعداد اللاعبين نفسياً لتلك اللحظة".