تمكّن المغرب من تحقيق أول مجد له في تاريخ كأس العالم، سنة 1986، على يد المدرب البرازيلي جوزيه فاريا، الذي يعرف حالياً باسم المهدي فاريا، بعدما أعلن إسلامه.
وكان المهدي فاريا، الذي جاء نجماً في عالم الساحرة المستديرة من البرازيل، مدرباً للمنتخب المغربي لمدة ست سنوات، إضافة إلى تدريبه الفريق المحلي الجيش الملكي، الذي قاده لحمل كأس عصبة أبطال إفريقيا لأول مرة سنة 1985.
المهدي فاريا.. اعتزل اللعب في البرازيل وامتهن التدريب
ولد المهدي فاريا في البرازيل سنة 1933، وتنقل بين عدة فرق وطنية بعد احترافه كرة القدم، وهي "بونسيسو" و"فلومينينسي" و"بانغو"، إلى أن قرر الاعتزال سنة 1960، وعمره لم يتجاوز 27 سنة.
في عام 1968، بدأ فاريا مسيرته كمدرب، في الفئات الأساسية لنادي "فلومينينسي" البرازيلي، واستمر معه إلى غاية 1979، وهي السنة التي تولى فيها مسؤولية تدريب المنتخب الوطني القطري في فئة ما تحت 19 عاماً، إضافة إلى نادي السد، الذي استمر معه إلى غاية سنة 1982، وحقق معه أربعة انتصارات، ثلاثة منها كانت الفوز بكأس الشيخ جاسم بشكل متتالٍ.
وبعد ذلك حط المهدي فاريا، الذي كان لا يزال يحتفظ باسمه الأول جوزيه، الرحال في المغرب سنة 1983، لتقلد منصب مدرب نادي الجيش الملكي في العاصمة الرباط، وهو النادي الذي استمر معه إلى غاية 1988، وقاده إلى نهائي كأس عصبة أبطال إفريقيا، ليتوج باللقب سنة 1985.
وخلال نفس السنة، 1983، أصبح مدرباً للمنتخب المغربي، الذي استمر في تدريبه لست سنوات، وحقق معه أكبر إنجازاته في كأس العالم، خلال مونديال المكسيك 1986.
تأهل المغرب للدور الثاني من مونديال 1986.. أكبر إنجازات فاريا
يعتبر أكبر إنجاز كروي للمدرب المهدي فاريا في تاريخه هو ذلك الذي حققه مع المنتخب المغربي؛ إذ مكنَّه من الوصول إلى كأس العالم للمرة الثانية، بعد مونديال المكسيك سنة 1970، الذي خرج منه منهزماً في الدور الأول، والمرور إلى الدور الثاني للمرة الأولى في تاريخه.
كما كان المغرب حينها أول منتخب عربي وإفريقي يتأهل إلى الدور 16 من نهائيات كأس العالم، في تاريخ البطولة، التي أقيمت في الأراضي المكسيكية.
وقد وقع المنتخب ضمن مجموعة صعبة خلال الدور الأول؛ إذ لعب ضد كل من إنجلترا، والبرتغال، وبولونيا، لكنه حقق ما ظنته الجماهير مستحيلاً، وهو التعادل مع المنتخبين الإنجليزي، والبولندي، وفوز على المنتخب البرتغالي بنتيجة 3 أهداف مقابل لا شيء.
تأهل المغرب للعب رابع مباراة له في مونديال 1986 جعل للمدرب البرازيلي مكانة خاصة في قلوب المغاربة، الذين احتفوا بشكل جنوني في جميع المدن، حاملين الرايات، ومرددين الأغنيات التشجيعية.
لكن الفرحة لم تدم بعد أول مباراة للمغرب في الدور الثاني، أمام المنتخب الألماني، والتي وصفت بالمباراة الصعبة، فازت فيها الماكينات الألمانية بهدف مقابل لا شيء، وخرج المغرب حاملاً لقب أول من يتأهل للدور الثاني عربياً وإفريقياً.
أحب مغربية فاعتنق الإسلام ليتزوجها
بعد استقرار المهدي فاريا في المغرب، وعودته من المكسيك التي قدم منها أحسن هدية للشعب المغربي، دق قلبه للأمازيغية سعيدة، التي تزوجها بعد أن أعلن إسلامه.
إذ تمكن المغرب من إدخاله الإسلام، بعد أن حاول معه العديد من المقربين منه لكي يخطو هذه الخطوة، خلال تواجده في قطر، لكنه قال في أحد تصريحاته :"لا أخفي أنه خلال تلك المرحلة التقيت مغربية أصبحت في ما بعد زوجتي وأم أبنائي وهو ما عزز كثيراً هذا الاختيار".
وقد رزق بعدها فاريا، الذي اختار اسم المهدي بعد جوزيه، بطفلين، وهما لينا ويوسف، لكن زواجه لم يستمر بنفس وتيرة الحب، وانفصل عن زوجته لمدة طويلة، حيث انتقل للعيش في مدينة القنيطرة، القريبة من العاصمة المغربية الرباط، ليعود إلى منزل زوجته قبل وقت قصير من وفاته سنة 2013.
رشحه ملك المغرب للحصول على الجنسية
خلال تدريب المنتخب المغربي، إلى غاية سنة 1988، تمكن المهدي فاريا من كسب مكانة خاصة لدى الملك آنذاك الحسن الثاني، والذي كان من اختار له المهدي ليكون اسماً له بعد إسلامه.
فقد كان مرشحاً للحصول على الجنسية المغربية، لكنه لم يتمكن من ذلك كونه موظفاً متقاعداً لدى الشركة البرازيلية لاستغلال النفط، التي يحصل منها على معاش تقاعدي، وتفرض عليه أن يكون برازيلي الجنسية فقط، للحفاظ على المبلغ الذي يصله منها.
أما فيما يخص مساره في مجال التدريب الكروي، فقد انتقل المهدي فاريا ليقف على رأس نادي أولمبيك خريبكة، في الفترة ما بين 1995، و1997.
وعاش المدرب البرازيلي حياته كاملة في المغرب، إلى أن توفي سنة 2013 وعمره يناهز 80 سنة، بعد معاناة طويلة مع المرض، ودُفن في مدينة الرباط، بعد أن حفر اسمه في ذاكرة المغاربة، والذي قاد منتخبها في 52 مباراة دولية، انهزم فيها 14 مرة فقط.