تبدأ الثلاثاء 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات في بطولة كأس العالم قطر 2022، لتكون بمثابة فرصة أخيرة لبعض المنتخبات التي لم تحسم تأهلها إلى دور الـ16 بعد.
وقد يتساءل البعض عن سبب إقامة مباريات الجولة الأخيرة لكل مجموعة في كأس العالم في التوقيت ذاته؟ صحيح أنّ الجواب قد يكون بديهياً للبعض وهو الخوف من التلاعب بالنتائج، لكن هناك حدثاً دفع فيفا لاتخاذ هذا القرار.
سبب إقامة مباريات الجولة الأخيرة بكأس العالم في الوقت ذاته
عندما تصل المنتخبات الـ4 من كل مجموعة إلى الجولة الأخيرة، غالباً ما يكون حسم مقاعد التأهل مربوطاً بالمباراتين نفسيهما، فخسارة منتخب لا تعني بالضرورة خروجه، فربما تكون خسارة المنافس له في المباراة الثانية في صالحه ويتأهل.
ولذلك فإنّ فيفا ارتأى أنّ إقامة المباراتين الأخيرتين في الجولة الأخيرة من كل مجموعة يجب أن يكون في التوقيت ذاته، منعاً للتلاعب أو التهاون في المباريات، وذلك بعد حدوث فضيحة خيخون التي أقصت الجزائر من كأس العالم.
فضيحة خيخون
شهدت بطولة كأس العالم 1982، التي أقيمت في إسبانيا، واحدة من أكبر فضائح كرة القدم في التاريخ، وكان ضحيتها منتخب الجزائر، وعُرفت بـ"فضيحة خيخون".
طوال تاريخهم، بلغ "محاربو الصحراء" العرس العالمي في أربع مناسبات، وذلك أعوام 1982 في إسبانيا، و1986 في المكسيك، و2010 في جنوب إفريقيا، و2014 في البرازيل.
كانت البداية الجزائرية في كأس العالم تاريخية بكل معنى الكلمة، عقب فوز رفاق النجم رابح ماجر على منتخب ألمانيا يوم 16 يونيو/حزيران 1982، بثنائية ماجر نفسه ولخضر بلومي، مقابل هدف وحيد "للمانشافت" أحرزه كارل هاينز رومينيغيه.
لكن المواجهة الثانية لمنتخب الجزائر لم تكن كسابقتها، خاصة أن "محاربي الصحراء" خسروا من النمسا بهدفين نظيفين، يوم 21 يونيو/حزيران 1982.
انتفض الجزائريون في المباراة الثالثة، وخطفوا فوزاً مثيراً على حساب تشيلي، بثلاثة أهداف لاثنين، حيث تقدم المنتخب بثلاثية بيضاء سجلها صالح عصاد (هدفين) وتاج بن سحاولة، بينما اكتفى الفريق اللاتيني بتقليص الفارق عبر ميغيل تيرا وخوان ليتيلير.
في تلك النسخة كان الفائز يتحصل على نقطتين، ما يعني أن الجزائر حصدت 4 نقاط، وهو نفس رصيد النمسا، قبل خوضها مباراتها الأخيرة في دور المجموعات ضد ألمانيا، التي تملك نقطتين فقط.
لعبت الجزائر مباراتها الثالثة ضد تشيلي يوم 24 يونيو/حزيران 1982، أي قبل يوم كامل من موعد مباراة النمسا وألمانيا، ضمن الجولة الثانية من دور المجموعة.
وأتاح ذلك اليوم الفرصة لمنتخبي ألمانيا والنمسا من أجل حبك سيناريو، تم وصفه "بالمؤامرة"، من شأنه أن يحمل الفريقين مباشرة إلى الدور الثاني، والإطاحة بالفريق الجزائري.
واتفق المنتخبان الأوروبيان على تسهيل مهمة فوز الألمان بهدف وحيد، وهي النتيجة التي كانت تؤمن تأهلهما سوياً إلى المرحلة القادمة.
وهذا ما حدث بالفعل في المباراة التي احتضنها ملعب "مولينيون" في مدينة خيخون يوم 25 يونيو/حزيران 1982، لتطلق وسائل الإعلام على ذلك اللقاء وصف "فضيحة المولينون" أو "فضيحة خيخون".
في تلك المباراة، وضع هورست هروبيش منتخب ألمانيا في المقدمة بإحراز الهدف الأول والأخير عند الدقيقة العاشرة، وبعدها لم يحاول أي من الفريقين تهديد مرمى الآخر، مكتفين بالتمرير العبثي من أجل استهلاك الوقت.
لكن الاتحاد الدولي وبعد هذه الفضيحة، قرر إقامة جميع المباريات الأخيرة لنفس المجموعة في توقيت واحد، وهو الأمر الذي بدأ تنفيذه منذ مونديال المكسيك عام 1986.
ولكن هل إقامة المباريات في التوقيت ذاته منعت المؤامرات؟
في الحقيقية استطاع هذا القانون الحد من التلاعب أو الغش في المباريات، لكنّ هناك فضيحة أخرى حصلت في مونديال فرنسا 1998 كان ضحيتها منتخب المغرب، كشفت أنّ هذا القانون يمكن اختراقه.
خاض منتخب أسود الأطلس مونديال فرنسا 1998 في مجموعة صعبة ضمت كلاً من البرازيل والنرويج واسكتلندا.
المغرب تعادل في أولى مبارياته مع النرويج 2-2، بينما فازت البرازيل على اسكتلندا 2-1.
في ثاني الجولات، فازت البرازيل على المغرب 3-0، فيما تعادل منتخبا اسكتلندا والنرويج 1-1.
المنتخب المغربي دخل الجولة الأخيرة وفي رصيده نقطة واحدة وهو نفس رصيد منتخب اسكتلندا الذي تعادل مع النرويج (1-1) بالجولة الثانية.
أما في الجولة الثالثة والأخيرة، فقدم المنتخب المغربي عرضاً رائعاً وفاز على اسكتلندا 3-0.
في حين المباراة الأخرى التي أقيمت في نفس التوقيت شهدت هزيمة مثيرة للجدل للبرازيل على يد النرويج 2-1 لتصعد النرويج إلى الدور الثاني رفقة البرازيل.
المنتخب البرازيلي تقدم في الدقيقة 78 عن طريق بيبيتو، ولكن بشكل مثير للجدل، سجل المنتخب النرويجي هدفاً في الدقيقة 83 عن طريق توريه أندري فلو، ثم أحرز كيجيتال في الدقيقة 89 الهدف الثاني من ضربة جزاء.
ويُقال إنّ منتخب البرازيل الذي ضمن تأهله منذ الجولة الثانية، فتح دفاعاته بشكل غريب في الدقائق الـ10 الأخيرة بعد تأكد فوز المغرب، متعاطفاً مع النرويج ليدعهم يفوزون في اللقاء ويتأهلوا برفقته.