على الرغم من هزيمتها المفاجئة أمام الكاميرون في المباراة الافتتاحية للبطولة، تعافى منتخب الأرجنتين جيداً ووصل إلى دور الـ16 في كأس العالم لكرة القدم عام 1990 في إيطاليا.
حيث التقى منتخب الأرجنتين بمنتخب البرازيل الذي سيطر تماماً على معظم المباراة. حتى إن عبقرية ظاهرة كرة القدم دييغو مارادونا فشلت آنذاك بشكل استثنائي في إيجاد طريقة لتجاوز وكسر حائط المدافعين البرازيليين، وخاصة برانكو.
اللاعب الذي تم استهدافه بـ"المياه المقدسة"
وجدير بالذكر أن كلاوديو إبراهيم فازلل، البرازيلي الشرس المعروف باسم برانكو، هو لاعب كرة قدم مخضرم لعب كظهير أيسر. كان برانكو عضواً في المنتخب البرازيلي الفائز في نهائيات كأس العالم 1994 FIFA ، وكان متخصصاً مشهوراً في الركلات الحرة المعروفة بدقتها في وضع الكرة في الاتجاه الذي يريده من الركلة الحرة.
كانت المباراة طبيعية ودارت وسط شعور حماسي بين الجماهير المشتعلة في الملعب، إلا أنها لم تكن عادية أبداً فيما وراء الكواليس، بعد أن قام أحد أعضاء الفرق الطبية بتخدير مياه اللاعبين لحسم النتيجة فيما بات يُعرف في عالم كرة القدم بـ"فضيحة الماء المقدس".
ظمأ اللاعبين في يوم حار ومياه شُرب "مشبوهة"!
بعد وقوع اللاعب بيدرو تروجيلو مصاباً على أرض الملعب، هرع المعالج من الفريق الطبي الأرجنتيني ميغيل دي لورنزو لعلاج المصاب. كان يوماً حاراً في مدينة تورين الإيطالية، فطلب لاعبو كرة القدم من كلا الجانبين الماء من لورنزو، وكان اللاعب البرازيلي برانكو واحداً منهم.
مع تقدم المباراة، تباطأ أداء برانكو وتراجع مستواه بشكل ملحوظ، وفي النهاية فاز مارادونا بالمعركة وتأهلت الأرجنتين.
ففي الدقيقة 81، ركض في سباق طويل ومرر الكرة إلى كلاوديو كانيجيا، الذي سجل الهدف الوحيد في المباراة.
بعد يومين من هذه المباراة، ذكر برانكو أنه شعر بالنعاس والمرض والرغبة في الغثيان خلال اللعب. ومن هنا بدأت شكوك ومزاعم عن أن مياه الشرب التي تناولها برانكو كانت مليئة بالمهدئات.
مارادونا يعترف بتورط فريقه!
في وقت لاحق من تأكيدات برانكو على أن زجاجة الماء التي قدمها له طاقم التدريب الأرجنتيني كانت مريبة. هدد برانكو بمقاضاة المسؤولين الأرجنتينيين.
ومع ذلك، كان هناك رد فعل غاضب على مزاعم برانكو من المسؤولين والصحافة الأرجنتينية، إلا أنه بعد ما يقرب من 15 عاماً في برنامج تلفزيوني، وافق مارادونا على أن برانكو حصل على زجاجة مياه ممزوجة بالمهدئات في تلك المباراة.
أثار اعتراف مارادونا غضب الجماهير البرازيلية ولاعبي كأس إيطاليا 1990.
وبشأن الحادث، قال مدرب الأرجنتين كارلوس بيلاردو: "لا أعرف شيئاً عنها، لكن لا يمكنني إنكار الحادث". ووفقاً لأحد الصحفيين، تراجع بيلاردو لاحقاً بعد أن قال ذلك. على الرغم من أن بيلاردو والطبيب المثير للجدل في البداية نفوا هذه المزاعم وانتقدوا الصحافة.
تأكيد للتكهنات بإجابة مريبة
بعد هذه الواقعة التي ظلت محض التكهنات، وفي عام 2005 أي بعد المباراة بأكثر من 15 عاماً، طرح أحد صحفيي مجلة Veintitres الرياضية، مدرب الأرجنتين للمباراة كارلوس بيلاردو، ما إذا كان برانكو قد تعرض للتخدير عبر المياه فعلاً في تلك اللعبة، ليجيب: "لا يمكنني الجزم أن ذلك لم يحدث".
نتيجة لأن المدرب ترك الجواب مجهولاً ولم ينفِ الاتهام عن بلاده، فتح الباب مجدداً للتحقيق في الواقعة، واشتعلت الانتقادات العالمية تجاه نزاهة البرازيل في تلك المباراة.
بعد سنوات طويلة.. الجاني لم يُحاسب أبداً!
بعد أن أكد لاعبو ومدربو المنتخبين الأرجنتيني والبرازيلي على مدى السنوات التالية أنه "لا يمكن أن يكون هذا جزءاً من الروح الرياضية"، ووصفوها بـ"اللعبة القذرة"، مطالبين الفيفا بمعاقبة المخالفين في الفريق الطبي البرازيلي وتحميلهم المسؤولية عن خسارة الأرجنتين في المباراة.
وبالفعل، في العام 2014 قرر الاتحاد البرازيلي لكرة القدم اتخاذ إجراءات قانونية بحق المساعدين الطبيين والمعالج المتورط.
ومع ذلك تدخل الأمين العام لاتحاد كرة القدم البرازيلي ريكاردو تيكسيرا، في وقت لاحق، وتراجع باعتبار أن "اتخاذ الإجراءات القانونية لن يساعد في تغيير النتيجة".
هذه الفضيحة الكروية يرى كثيرون أن الأرجنتين لا تزال تدفع ثمنها بعد عقود طويلة من وقت وقوعها، معتبرين أن عدم فوز المنتخب بكأس العالم أو التأهل للنهائي هو الانتقام الحقيقي الذي لعبه الحظ في محاسبة المسؤولين، بعد أن تساهلوا في محاسبة المتورطين.