جدل إعلامي لم ينته في تونس، مع إعلان القائمة النهائية للمنتخب التونسي المشاركة في مونديال قطر، بل تواصل إلى ما بعد الإعلان عنها، في ظل أجواء مشحونة لم يعرف لها الشارع الرياضي التونسي مثيلاً، وعلى امتداد مختلف المشاركات المونديالية السابقة.
فبعد أن أعلن الإطار الفني للمنتخب التونسي قبل أيام القائمة المدعوة للمشاركة في كأس العالم والمكونة من 26 لاعباً، عاد الجدل من جديد وأفرزت الخيارات الفنية عن ردود فعل غاضبة، وساخطة على الإطار الفني.
وأطلقت الانتقادات، التي تعلق معظمها بإقصاء اللاعب ونجم المنتخب التونسي ونادي الترجي سابقاً سعد بقير، الذي ما انفك يقدم مستويات كبيرة في الدوري السعودي منذ التحاقه بنادي أبها سنة 2019.
وتشكل شبه إجماع لدى الرأي العام بأحقية هذا اللاعب في التواجد ضمن القائمة المشاركة في كأس العالم.
كيف تعاطفت الجماهير التونسية مع قصة اللاعب؟
ما زاد من تعاطف الجماهير الرياضية مع اللاعب وسخطها على الإطار الفني وجامعة كرة القدم هو تصريحه لقناة قرطاج + التونسية بأن قرار إقصائه لم يكن بسبب خيارات فنية، و إنما جاء بأمر من رئيس الجامعة، وخدمة لمصالح لاعبين آخرين.
وتحدث بقير عن ضغوطات لا تمت للكرة ولا للرياضة بصلة، كما أكد أن الإطار الفني كان قد قدم له جميع الضمانات، والتأكيدات بمشاركته مع المنتخب في المونديال، وأن الأمور كانت تسير في هذا الاتجاه حتى آخر ليلة من الإعلان عن القائمة، ليتفاجأ في الصباح بقرار إقصائه وسط غياب تام للأسباب الموضوعية وراء ذلك.
وهو ما دفع اللاعب وبتأثر كبير لإعلان اعتزاله على المباشر اللعب دولياً، الأمر الذي جعله يكسب مساندة ودعم مختلف الجماهير الرياضية، ومنها ناديه الأم اتحاد تطاوين الذي نشر بياناً يستنكر فيه إقصاء اللاعب من القائمة، ويهاجم فيه رئيس الجامعة معتبراً إياه المتسبب الرئيسي في استبعاد لاعبهم.
وأكد نادي اتحاد تطاوين، في بيانه، أن إقصاء بقير للمرة الرابعة من بطولات كبرى يعكس احتقاراً لكامل الجهة المهمشة رياضياً- حسب قولهم.
ولم يقتصر الجدل على إقصاء بقير، وإنما تعلق أيضاً بإقصاء كل من سيف الدين الخاوي، لاعب تروا الفرنسي، ومرتضى بن وناس، لاعب نادي قاسم باشا التركي، واللذين يشاركان بانتظام مع نادييهما، ويقدمان معهما مستويات جيدة.
وتعلقت حملات التذمر أيضاً بالإبقاء على خيار مشاركة أربعة حراس، عكس جميع المنتخبات المشاركة في كأس العالم التي دعت إلى قائمتها ثلاثة حراس فقط.
الإعلام المحلي والعربي يعلق
منذ إعلان القائمة توجه لها عدد من البرامج المحلية الخاصة بالمونديال قراءة ونقداً وتحليلاً، باحثة في الدوافع، والظروف التي شكلت هذه الخيارات الفنية، راضية على بعضها، مستاءة، ومستريبة من بعضها الآخر.
إضافة إلى الإعلام المحلي، تناولت بعض القنوات العربية قائمة المنتخب التونسي بالتحليل والنقد، حيث انتقدت في بعضها قرار إقصاء سعيد بقير، الذي يعد حسب وجهة نظرهم من أفضل اللاعبين المحترفين الناشطين بالدوري السعودي، وأنه يتفوق فنياً على عدد من اللاعبين الذين وجهت لهم الدعوة للمشاركة في المونديال.
وتحدث البعض عن التداخلات الحاصلة من أعلى مستوى في اختيار قائمة المنتخب التونسي، والمشاكل التي تعيشها كرة قدم التونسية- حسب وصفهم.
لاعبون حاليون وقدامى مستاؤون
لم يصمت بعض اللاعبين، الذين وجدوا أنفسهم خارج القائمة، بل أبدى بعضهم استياء، ومن بينهم الظهير الأيسر للمنتخب التونسي أسامة الحدادي الذي اعتبر إقصاءه نتيجة غياب ماكينات إعلامية تعمل لصالحه، وتدافع عنه مثل بقية اللاعبين.
مشيراً إلى أن بعض الاختيارات الفنية تخضع لتأثير لوبيات الضغط بعيداً عن مقاييس الاستعداد البدني والفني للاعب.
من جانبه، استنكر اللاعب السابق للمنتخب التونسي أيمن عبد النور قرار استبعاد كل من سيف الدين الخاوي ومرتضى بن وناس، وأظهر استغراباً من تفضيل عليهما لاعبين ينشطون في بطولات ضعيفة مقارنة بالبطولات الأوروبية.
وأكد عبد النور أن أموراً أخرى بعيدة كل البُعد عن الرياضة، هي من كانت حاسمة في هذه الاختيارات الغريبة وغير المنطقية، مشيراً إلى أن المنتخب التونسي لكرة القدم دخل منعرجاً خطيراً في ظل سيطرة المحسوبية، وغياب التنافسية، ومبدأ البقاء للأحق، والأجدر.
إزاء كل هذه المستجدات والجدل الذي كتب له ألا ينتهي، وأمام هذا الوضع المشحون السائد داخل الوسط الرياضي التونسي حالياً، فإنه يجوز لنا القول إن هذه الأوضاع لا تبشر بالخير، والخوف كل الخوف أن تضر بالمنتخب التونسي في مشاركته المونديالية، التي أخذت في عدّها العكسي .
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.