على الرغم من أن أياماً قليلة باتت تفصلنا عن إنطلاق كأس العالم، إلا أن قائمة المنتخب التونسي لا تزال تشهد تجاذبات كثيرة وحالة من المد والجزر.
فمنذ فترة، والشارع الرياضي التونسي، يعيش حالة من الإثارة والجدل على وقع انقسامات كبيرة، وتباينات شديدة في الآراء والمواقف، إزاء قائمة المنتخب المونديالية.
حيث دخل الجميع في تونس من إعلاميين، ومدربين، وفنيين، ومسيرين في حرب محتدمة، وحامية الوطيس، يدافع كل طرف فيها، بشراسة على رؤيته بخصوص القائمة.
ونصبت المنابر، وجندت الوسائل الإعلامية على اختلاف أشكالها مرئية كانت أو سمعية، أو مكتوبة، ووظفت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي لحملات دعم ومساندة، عفوية كانت أو ممنهجة، تناصر وبقوة لاعبين دون غيرهم.
كما حملت بعض المنتمين للأندية التونسية، الحمية، والحماسة على أنديتهم ولاعبيها، فأظهروا انحيازاً واضحاً، للمصالح الضيقة لفرقهم، وقد ابتعدوا بذلك عن قيم الوطنية، والمصلحة العامة للمنتخب التونسي.
أفرزت هذه المعطيات أجواءً مشحونة، داخل الوسط الرياضي التونسي، زاد من لهيبها، وسعيرها، إعلان الناخب الوطني جلال القادري دعوة 4 حراس لمعسكر خاضه المنتخب التونسي بمدينة الدمام بالسعودية.
كما تم ترويج معلومات، حول نية الإطار الفني للمنتخب إقصاء لاعبين ينشطون في دوريات أوروبية، ويشاركون بانتظام مع فرقهم، وتخيير عليهم لاعبين ينتمون لبطولات أقل مستوى، ولم يحظوا بعدد كافٍ من المباريات.
ومن بين اللاعبين من كان مصاباً لفترة طويلة، ولم يستأنف النشاط إلا مؤخراً، وهو ما أعده البعض ظلماً، وتعسفاً على لاعبين آخرين لهم كامل الأحقية بالوجود في المونديال.
تجاذبات لا تهدأ ولا تنتهي
إن هذه التجاذبات لم تهدأ منذ فترة، والواضح أنها لن تهدأ قريباً، وستتواصل فصولها خصوصاً مع نشر خبر مفاده اتجاه الإطار الفني، لإقصاء المدافع "بلال العيفة"، واستدعاء المدافع "ديلان براون" عوضاً عنه، وهو خبر أسفر عن حالة احتقان داخل الجماهير الرياضية، بمختلف انتماءاتهم وألوانهم.
وأبدت بعض الجماهير الرياضية مساندة، وتعاطفاً مع اللاعب "العيفة" قبل أن يتم نفي الخبر، وتثبيته في القائمة النهائية للمنتخب، وهو الأمر الذي اعتبره البعض رضوخاً لضغوط الجمهور، الذي تجند بعضه لنصرة اللاعب منذ رواج خبر إقصائه.
علاوة على ذلك، راج خبر العدول عن فكرة ترسيم 4 حراس مرمى والإتجاه نحو التخلي عن حارس رابع وتعويضه بالمهاجم "عادل اللطيف" الناشط بنادي عمراني سبور التركي.
حالة من الارتباك ترافق قائمة المنتخب المونديالية
إن هذه التقلبات كشفت عن حالة من الارتباك، التي يعيشها الإطار الفني التونسي وبينت غياب استراتيجية واضحة قبل أيام قليلة على ضربة بداية المونديال على عكس منتخبات كثيرة أخرى حسمت قائمتها، وحسمت خياراتها، بل وحسمت تشكيلها الأساسي.
كما أنها أمور تضعف موقف الناخب الوطني التونسي وتزيد من انقسام الجماهير الرياضية، بل وتزيد صراعها حدة وضراوة.
ويعد بعض التونسيين هذه القرارات والخيارات، انعكاس الانتصار المحسوبية ومنطق المحاصصة، وسطوة، ونفوذ الفرق الكبرى على الحاكمين المتحكمين في المنتخب. كما يعتبرها بعضهم انعكاساً لانهزام غريزة حب الوطن أمام غريزة حب الفرق.
فمثلما تخضع التمثيلية الوزارية لواقع المحاصصة الحزبية، يزعم كثيرون أن قائمة المنتخب التونسي خضعت بدورها لهذا المنطق، وأن الإطار الفني أراد إرضاء جميع الأطراف ومختلف الفرق الكبرى.
واعتبر آخرون أن حالة الارتباك، التي يعيشها المنتخب هي نتيجة الحسابات الضيقة التي أقحم نفسه الإطار الفني نفسه بين مطباتها.
ختاماً نقول إن نظرة موضوعية متأنية تجعلنا نرتاب على مصير منتخبنا في المونديال، لكن نظرة حالمة متفائلة تجعلنا نأمل في رؤية مردود مشرف لهذا المنتخب، الذي أثبت في ظروف مماثلة أنه قادر على تجاوز جميع الضغوطات، ولطالما كان السبب في توحيد جماهير الأندية التونسية، والتي تتجاوز ألوانها وانتماءاتها مع عزف النشيد الوطني ومع رفرفة العلم التونسي عالياً!
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.