الذكريات الكاذبة هي ذكريات تبدو حقيقية في ذهن شخص ما، لكنها في الواقع مختلقة جزئيًا أو كليًا عن الواقع.
على سبيل المثال، قد يعتقد شخص ما أنه قام بتشغيل الغسالة قبل مغادرته للعمل، ليكتشف عند عودته إلى المنزل أنه لم يفعل ذلك.
أو قد يتذكر هذا الشخص تعرضه للعقاب عندما كان في الثانية عشرة من عمره بسبب عدم غسله الأطباق، ولكن عندما يتحدث إلى والدته، يكتشف أن العقاب كان بسبب عدم احترامه لها، وأنه لم يكن المرة الأولى.
كما أن هناك أنواع أخرى من الذكريات التي يتخيلها الشخص في مخيلته، ثم يظن أنها حقيقية، ويتحدث عنها كأنها واقع وقد حصل بالفعل.
كيف تتشكل الذكريات الكاذبة؟
الذكريات بطبيعتها، معقدة، إذ على الرغم من أن البعض قد يتصورها كحقائق ثابتة، إلا أن الحقيقة هي أن الذكريات عرضة للتغيير، ويمكن أن تُشَكَّل بطرق متعددة، وغالبًا ما تكون غير موثوقة.
تمر الأحداث التي تحدث في حياتنا من خلال عملية تخزين في الدماغ تبدأ بذاكرة مؤقتة قبل أن تنتقل إلى الذاكرة الدائمة أثناء النوم.
ولكن هذه العملية ليست دائمًا دقيقة، مما يسمح بفقدان بعض العناصر أو تحريفها، الشيء الذي يفتح الباب أمام تكوين هذه الذكريات الكاذبة.
كيفية زرع الذكريات الكاذبة
تُزرع الذكريات الكاذبة بعدة طرق، وكل منها يؤثر على كيفية تكوين هذه الذكريات أو تخزينها، و من بين هذه الطرق:
الاقتراح: يمكن أن تؤدي الاقتراحات من الآخرين إلى تكوين ذكريات كاذبة. فمثلًا، إذا سأل شخص ما عن تفاصيل معينة حول حدث معين، مثل "هل كان سارق البنك يرتدي قناعًا أحمر؟"، فقد يتبنى المستمع هذه التفاصيل غير الحقيقية في ذاكرته، حتى وإن لم تكن حقيقية.
المعلومات المضللة: يمكن أن تؤدي المعلومات الخاطئة أو الكاذبة التي تُقدم حول حدث معين إلى إقناع الشخص بوقوعه. يمكن أن يُدمج بين الذكريات الحقيقية والمعلومات الاصطناعية لتشكيل ذكريات جديدة تبدو حقيقية.
الإدراك غير الدقيق: دماغ الإنسان يشبه الكمبيوتر، فهو يخزن ما يُعطى له من معلومات. وإذا كانت هذه المعلومات غير دقيقة، فسيتم تخزينها بشكل غير دقيق. قد تُملأ الفجوات الموجودة في القصة لاحقًا بذكريات جديدة أو مفبركة.
الإسناد الخاطئ: في بعض الأحيان، قد يخلط الشخص بين عناصر من أحداث مختلفة في ذاكرة واحدة. قد يكون الحدث حقيقيًا، ولكن تسلسل الزمن قد يكون مضطربًا، مما يؤدي إلى خلط الأحداث في ذاكرة واحدة.
العواطف: تلعب العواطف دورًا كبيرًا في كيفية تخزين الذكريات، إذ تشير بعض الأبحاث إلى أن الذكريات المرتبطة بمشاعر سلبية تكون أكثر عرضة لأن تكون كاذبة مقارنة بالذكريات المرتبطة بمشاعر إيجابية أو محايدة.
متلازمة الذاكرة الكاذبة
تُعرف متلازمة الذاكرة الكاذبة بأنها حالة تتشكل فيها الذكريات الكاذبة لدرجة تؤثر على سلوك الفرد وحياته اليومية.
ومن الجدير بالذكر أن متلازمة الذاكرة الكاذبة ليست معترف بها رسميًا كحالة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-4).
تثير تقنيات استعادة الذاكرة، مثل التنويم المغناطيسي والتأمل الموجه، جدلًا واسعًا، إذ غالبًا ما تُستخدم هذه التقنيات للبحث عن ذكريات مكبوتة، قد تكون مؤلمة مثل الاعتداء الجنسي في الطفولة.
يمكن لهذه الذكريات، حتى وإن كانت كاذبة، أن تؤثر بشكل مباشر على هوية الشخص وعلاقاته.
من هم الأشخاص الأكثر عرضة للذكريات الكاذبة؟
تُعتبر الذاكرة مرنة وقابلة للتغيير، وهذا يعني أن بعض الأفراد أو الظروف تجعلهم أكثر عرضة لتكوين ذكريات كاذبة، من بين هذه الحالات:
الشهادة بالعين: في حالات الشهادة على الجرائم أو الحوادث، تكون الذكريات عرضة للتأثير بالإيحاء أو مرور الوقت. يمكن أن تُملأ الفجوات في الذاكرة بذكريات قد تكون كاذبة.
الصدمة النفسية: تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يعانون من صدمات نفسية سابقة أو اكتئاب أو إجهاد يكونون أكثر عرضة لتكوين ذكريات كاذبة، إذ غالبًا ما تُرتبط الأحداث السلبية بذكريات كاذبة أكثر من الذكريات الإيجابية أو المحايدة.
اضطراب الوسواس القهري: قد يكون الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري أكثر عرضة لعدم الثقة في ذاكرتهم، مما يجعلهم يشكلون ذكريات كاذبة.
الشيخوخة: مع تقدم العمر، قد تُفقد بعض التفاصيل المتعلقة بالذكريات، مما يجعل الجوهر العام للذاكرة أقوى، بينما تتلاشى التفاصيل.
كيف يمكن التعامل مع هذا النوع من الذكريات؟
لا توجد طريقة محددة للتخلص من الذكريات الكاذبة، ولكن الأدلة المستقلة هي المفتاح للتحقق من صحة الذكريات.
إذ على الرغم من أن الذكريات الكاذبة قد تبدو حقيقية وعاطفية للغاية، إلا أن الثقة بها لا تعني بالضرورة صحتها.
ومع ذلك، فإن وجود ذكريات كاذبة لا يعني وجود اضطراب في الذاكرة، مثل الخرف أو مرض الزهايمر، لأن هذه الذكريات تعتبر جزء من الطبيعة البشرية.
كما أنها شائعة وقد تكون جزءًا طبيعيًا من الحياة البشرية، يمكن أن تتراوح من تذكير بسيط بمكان وضع المفاتيح إلى تذكر تفاصيل معقدة حول حادث ما.
وعلى الرغم من أن بعض الأفراد قد يكونون أكثر عرضة لتجربة الذكريات الكاذبة، إلا أن معظم هذه الذكريات غير ضارة وقد تكون سببًا للضحك أحيانًا.