كشفت مجموعة من الأبحاث والدراسات التي أُجريت من طرف علماء مختصين، خلال السنوات الأخيرة، أن المحيطات حول الأرض تتعرض للعديد من التهديدات البيئية، بسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العالم.
وتُعتبر أهم هذه التغيرات التي أصابت المحيطات هي زيادة حرارتها، وزيادة مستوى حموضتها، ثم فقدانها الأكسجين، وكل هذا يشير إلى نتائج غير مبشرة في المستقبل.
وحسب ما تشير إليه النتائج، فإن التأثيرات هذه تستمر لفترات أطول بـ3 مرات، وتكون أشد بـ3 مرات، مقارنة بما كانت عليه في أوائل ستينيات القرن الماضي.
فيما تميل بشكل كبير للحدوث في المناطق ذات خطوط العرض المرتفعة والاستوائية، الشيء الذي يُسبب في تقليل المناطق الصالحة للسكن البحري، بنسبة %75.
دور المحيطات في تنظيم تغيرات المناخ
حسب تقرير نشرته "لجنة الأمم المتحدة" حول التغير المناخي، وعلاقته بالمحيط، يُشير إلى أن المحيطات تحملت لفترة طويلة وطأة تأثيرات الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن الأنشطة البشرية.
وباعتباره أكبر مصدر لثاني أكسيد الكربون على كوكب الأرض، تمتص المحيطات الحرارة الزائدة والطاقة المنبعثة من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي المحاصرة في نظام الأرض.
وفي الوقت الحالي، امتصت محيطات العالم حوالي %90 من الحرارة الناتجة عن الانبعاثات المتزايدة.
ومع ارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب الحرارة والطاقة المفرطة، يؤدي التغير في درجة الحرارة إلى تأثيرات متتالية غير مسبوقة، بما في ذلك ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر وموجات الحر البحرية وتحمض المحيطات.
وتؤدي هذه التغييرات في نهاية المطاف إلى تأثير دائم على التنوع البيولوجي البحري، والحياة بالنسبة للأماكن السياحية وسبل العيش فيها.
إذ أن حوالي 680 مليون شخص يعيشون في المناطق الساحلية المنخفضة، ونحو 2 مليار شخص يعيشون في نصف المدن الكبرى في العالم الساحلية، ونحو نصف سكان العالم (3.3 مليار) الذين يعتمدون على الأسماك للحصول على البروتين، ونحو 60 مليون شخص يعملون في مصايد الأسماك وقطاع تربية الأحياء المائية في جميع أنحاء العالم.
عواقب تأثير تغير المناخ على المحيط.. ارتفاع مستوى سطح البحر
تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر في العقود الأخيرة بسبب زيادة فقدان الجليد في المناطق القطبية في العالم.
تظهر أحدث البيانات الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن متوسط مستوى سطح البحر العالمي وصل إلى مستوى قياسي جديد في عام 2021، حيث ارتفع بمعدل 4.5 مليمتر سنويًا خلال الفترة من 2013 إلى 2021.
وإلى جانب تكثيف الأعاصير المدارية، أدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تفاقم الأحداث المتطرفة مثل العواصف القوية والمخاطر الساحلية مثل الفيضانات والتآكل والانهيارات الأرضية، والتي من المتوقع الآن أن تحدث مرة واحدة على الأقل في السنة في العديد من المواقع.
في الوقت الذي كانت تحدث فيه مثل هذه الأحداث الخطرة مرة واحدة في القرن عبر التاريخ.
وعلاوة على ذلك، تقول الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) إن العديد من المناطق، مثل غرب المحيط الهادئ الاستوائي، وجنوب غرب المحيط الهادئ، وشمال المحيط الهادئ، وجنوب غرب المحيط الهندي، وجنوب المحيط الأطلسي، تواجه ارتفاعًا أسرع بكثير في مستوى سطح البحر.
موجات الحر البحرية في محيطات العالم
تضاعفت موجات الحر البحرية في التردد، وأصبحت أطول أمدًا وأكثر كثافة واتساعًا، وذلك حسب ما تقوله الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والتي تشير إلى أن التأثير البشري كان هو المحرك الرئيسي لزيادة حرارة المحيطات التي لوحظت منذ سبعينيات القرن العشرين.
ووقعت غالبية موجات الحر بين عامي 2006 و2015، مما تسبب في تبييض المرجان على نطاق واسع وتدهور الشعاب المرجانية.
وفي عام 2021، شهد ما يقرب من %60 من سطح المحيط العالمي موجة واحدة على الأقل من موجات الحر البحرية.
ويقول برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن كل الشعاب المرجانية في العالم يمكن أن تبيض بحلول نهاية القرن إذا استمرت درجة حرارة الماء في الارتفاع.
ويحدث تبييض المرجان عندما تفقد الشعاب المرجانية الطحالب المجهرية التي تدعم حياتها عندما تكون تحت الضغط.
وقد بدأ آخر حدث تبييض عالمي في عام 2014 وامتد حتى عام 2017، وانتشر عبر كل من المحيط الهادئ والهندي والأطلسي.
فقدان التنوع البيولوجي البحري
تزيد درجات الحرارة المرتفعة من خطر الخسارة غير القابلة للإصلاح للنظم الإيكولوجية البحرية والساحلية.
وفي وقتنا الحالي، تم ملاحظة تغيرات واسعة النطاق، بما في ذلك الأضرار التي لحقت بالشعاب المرجانية وأشجار المانغروف التي تدعم الحياة في محيطات العالم، وهجرة الأنواع المختلفة من الكائنات البحرية إلى خطوط العرض والارتفاعات الأعلى حيث يمكن أن تكون المياه أكثر برودة.
حيث تحذر أحدث التقديرات من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة من أن أكثر من نصف الأنواع البحرية في العالم قد تقف على حافة الانقراض بحلول عام 2100.
ومع زيادة 1.1 درجة مئوية في درجات الحرارة اليوم، يُقدر أن %60 من النظم البيئية البحرية في العالم قد تدهورت بالفعل أو يتم استخدامها بشكل غير مستدام.
إذ يهدد ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية بتدمير %70 إلى %90 من الشعاب المرجانية، وزيادة درجتين مئويتين تعني خسارة تقترب من %100، وهي التي يمكن وصفها على أنها نقطة اللاعودة.