يُعد قصر هشام في أريحا من أبرز المعالم الأثرية في فلسطين، حيث يجمع بين التاريخ والفن المعماري الإسلامي.
إذ يعود تاريخ بنائه إلى عدة قرون مضت، ولازال يُحكى إلى يومنا هذا العديد من القصص التاريخية، أبرزها شهرته بأرضية الفسيفساء الكبرى، التي لا تزال محتفظة برونقها وجمالها الذي يميزها عن باقي المعالم التاريخية الفلسطينية.
تاريخ بناء قصر هشام
قصر هشام هو أحد القصور الأموية التي بُنيت في القرن الثامن الميلادي، ويقع بالضبط في مدينة أريحا بفلسطين، بالقرب من الحدود الأردنية.
يُنسب بناء القصر إلى الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، الذي استمرت فترة حكمه في الفترة بين 724 و743 ميلادي.
ويُعتبر القصر مثالاً رائعاً على فخامة العمارة الإسلامية المبكرة، ويعكس الفخامة والترف الذي كان يعيشه الخلفاء الأمويون في تلك الفترة.
وقد كانت بداية بناء القصر في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، واستمر العمل فيه حتى عهد الخليفة الوليد بن يزيد.
يتألف من مجموعة من المباني والحدائق والنوافير، ويتميز بتصميمه المعماري الفريد الذي يجمع بين الطراز الإسلامي والطراز البيزنطي.
إذ استخدمت في بناء هذا القصر التاريخي مواد محلية مثل الحجارة الفلسطينية، بالإضافة إلى مواد مستوردة مثل خشب الأرز اللبناني.
اسْتُخدم القصر مقراً لإقامة الخلفاء الأمويين وأسرهم، واستقبال الوفود الرسمية من خارج البلاد، لذلك كان يُعتبر مكاناً للاستجمام والراحة، ومقراً لتنظيم المناسبات الرسمية.
بعد سقوط الدولة الأموية، تعرض القصر للإهمال والتدمير، بسبب عدة عوامل خارجية، لكنه لا يزال يحتفظ بجماله وأهميته التاريخية.
أهم مرافق القصر
يتوفر قصر هشام في أريحا على العديد من المرافق، وهي التي كانت تشكل أهمية كبرى، حسب موقعها، ودورها، وهي منطقة النافورة، والمسجدين، وقاعة الاستقبال.
إذ تُعد منطقة النافورة من أبرز معالم قصر هشام، حيث تقع في وسط القصر وتحيط بها الحدائق والأروقة المؤدية إلى باقي الغرف والصالات.
فيما تتميز النافورة بتصميمها الهندسي الدقيق وزخارفها الجميلة، حيث كانت تُستخدم لتبريد الهواء في فصل الصيف وتوفير جو من الراحة والاستجمام لسكان القصر وضيوفه.
كما يحتوي قصر هشام على مسجدين، أحدهما يقع في الجهة الشمالية والآخر في الجهة الجنوبية، و يتميزان بتصميمهما البسيط والجميل، إذ يعكسان الطراز المعماري الإسلامي المبكر.
وخلال فترة استعمال القصر كان المسجدان يُستخدمان لأداء الصلوات اليومية والجمعة، وكانا يُعتبران من الأماكن المقدسة داخل القصر.
أما قاعة الاستقبال فقد كانت تعتبر من أهم أجزاء قصر هشام، حيث كانت تُستخدم لاستقبال الضيوف والوفود الرسمية.
وتميزت القاعة بسقفها العالي وزخارفها الجدارية الجميلة، بالإضافة إلى الأرضية الفسيفسائية التي تُعد من أجمل الأرضيات التي تعكس روعة العمارة الإسلامية، حيث كانت القاعة تُعبر عن الفخامة والترف الذي كان يعيشه الخلفاء الأمويون.
الأرضية الفسيفسائية الأكبر
تُعد الأرضية الفسيفسائية في قصر هشام من أبرز المعالم الفنية في القصر، حيث تتميز بتصميمها الجميل والدقيق.
إذ تتكون الأرضية من مجموعة من القطع الفسيفسائية الملونة التي تشكل لوحات فنية رائعة، وتُعتبر من أهم الأعمال الفنية الإسلامية.
تتألف أرضية قاعة الاستقبال في القصر من مجموعة من القطع الصغيرة الملونة التي تشكل لوحات فنية رائعة، من بينها مشاهد من الحياة اليومية والطبيعة، بالإضافة إلى الزخارف الهندسية والنباتية.
وتُعد سجادة شجرة الحياة واحدة من أبرز أجزاء الأرضية الفسيفسائية التي تمثل فخامة وحرفية الفن المعماري الإسلامي في ذلك العصر.
حيث تُصور شجرة كبيرة تتفرع منها أغصان تحمل أوراقاً وثماراً، و تُحيط بالشجرة مجموعة من الحيوانات والطيور، وتُعتبر السجادة رمزاً للحياة والخصوبة.
هكذا تم بناء القصر
تم الاعتماد في بناء قصر هشام على مجموعة من المواد الخام التي كانت متوفرة حينها، أهمها كان الحجارة، المتواجدة في الأراضي الفلسطينية، وهي من المواد المحلية المتوفرة بكثرة في المنطقة.
وأهم ما يميز هذا النوع من الحجارة، هو صلابتها ومتانتها، مما يجعلها مناسبة لبناء المباني الكبيرة والمتينة، إضافة إلى شكلها الذي يعطي جمالية للبناء.
كما تم ذِكر سابقًا، فقد تم استخدام خشب شجر الأرز اللبناني، من أجل بناء سقوف وأبواب قصر هشام، كونه يُعتبر من أجود أنواع الخشب في العالم.
إذ يتميز خشب الأرز بصلابته وجماله، مما يجعله مناسبًا للاستخدام في الأعمال المعمارية الفاخرة، كما يُعطي خشب الأرز القصر مظهرًا جميلًا وفخماً للمباني.
فيما تُعد الزخارف الجبصية من أبرز العناصر المعمارية التي دخلت في عملية هندسة قصر هشام، حيث استخدمت لتزيين الجدران والأسقف.
وتتميز الزخارف الجبصية بتصميمها الجميل والدقيق، وتعكس مهارة الفنانين الذين قاموا بتنفيذها.
دمار ثم ترميم
تعرض قصر هشام لزلزال مدمر في القرن الثامن الميلادي، مما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه، من بينها الجدران والمباني المحيطة به، مما أدى إلى تضرر الفسيفساء الأرضية والزخارف الجدارية.
كما تضررت النوافير والحدائق، وأصبح القصر في حالة من الإهمال والتدهور، بعد ذلك، حيث أصبح لا يحظى بأي نوع من الاهتمام.
بدأت جهود إعادة ترميم قصر هشام في القرن العشرين، حيث تم العمل على إعادة بناء الأجزاء المدمرة وترميم الأرضية الفسيفسائية والزخارف الجدارية.
تم استخدام مواد وتقنيات حديثة للحفاظ على القصر وإعادته إلى حالته الأصلية، الأمر الذي ساهم في إعادة أهميته إلى الواجهة.
فيما قد تم إدخاله ضمن قائمة منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) سنة 2021، ليكون بذلك رابع موقع إسلامي في فلسطين يتم إدراجه في القائمة.