مع كثرة مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح أغلبنا يقضي وقتاً طويلاً جداً في التصفح، دون وعي أو الشعور بقيمة الوقت الذي يتم ضياعه.
وهذا الأمر يحدث بسبب عامل واضح، وهو الافتقار إلى ضبط النفس، وهو أمر لا يدعو للخجل أو اللوم، خصوصاً أن هذه المنصات مصممة في الأساس من أجل إدمانها وقضاء وقت طويل بها.
وحسب تصريح للدكتور جو ويتنجهام، اختصاصي طب الطوارئ المعتمد الذي يعيش في جنوب كاليفورنيا، لموقع "Verywel"، يقول: "المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي مصمم ليدعو إلى التصفح والمشاركة، ويثير أحياناً إفراز الدوبامين، الذي يرتبط بمركز المتعة في أدمغتنا، آلية المكافآت هذه يمكنها أن تجعل تصفح منصات التواصل الاجتماعي إدمانياً".
قضاء الكثير من الوقت في التصفح يؤثر على الصحة!
حسب ما أشارت إليه دراسة تعود إلى عام 2021، أجريت على 5 آلاف بالغ، ربطت استخدام منصات التواصل الاجتماعي لمدة عام بتطور أعراض الاكتئاب أو زيادتها، تبين أن ما تقدمه هذه المنصات هو الكثير من الآثار الصحية السلبية.
إذ يمكن للمقارنات المستمرة التي يقوم بها المتصفح العادي على مواقع التواصل الاجتماعي أن تعيق الثقة بالنفس، وبكل تأكيد يحمل فحص إشعارات التطبيقات بصفة مستمرة آثاراً ضارة على قدرة الفرد على التركيز، سواء في عمله أو دراسته أو مختلف الأنشطة الأخرى.
وبغض النظر عن السبب وراء التصفح واستخدامك منصات التواصل الاجتماعي، يقول الخبراء إن هناك طرقاً تساعدك في تقليل شعورك بالحسرة على الوقت الطويل الذي تقضيه أمام الشاشة، بالإضافة إلى العديد من الاستراتيجيات التي تساعدك على تأسيس علاقة صحية بدرجة أكبر مع منصات التواصل الاجتماعي.
الوقت الذي يجب قضاؤه في التصفح
سوف يعتمد الوقت الذي يتم اختياره لقضائه على منصات التواصل الاجتماعي، على تفضيلاتك الشخصية، ونمط حياتك، والأغراض الكامنة وراء استخدامها؛ أي إذا كانت من أجل التسلية أم من أجل التواصل المهني، ومع ذلك، ثمة طرق لوضع معايير صحية.
لذلك في حال كنت من المدمنين على التصفح، قد يكون من الصعب فرض حدود للمدة الزمنية اليومية التي تقضيها على منصات التواصل الاجتماعي.
سيكون عليك أولاً التركيز على العثور على توازن لا يؤثر سلباً على جدول نومك، ومسؤولياتك في العمل، ومسؤولياتك الشخصية، وصحتك العقلية.
إذ قد يكون ذلك الوقت بالنسبة لبعض الأشخاص ساعتين أو ثلاث ساعات يومياً، في حين أنه قد يكون 10 دقائق إلى 30 دقيقة على الأكثر بالنسبة لآخرين.
وأما عن التوصية العامة للبالغين، فيقترح الدكتور ويتنجهام تقليل أوقات الفراغ التي تجعلك تقضيها أمام شاشة الهاتف، إلى أقل من ساعتين يومياً.
وقال: "تقييد استخدامك لمدد زمنية قصيرة محددة -لَنَقُل 20 إلى 30 دقيقة، ثلاث مرات يومياً- قد يكون بداية جيدة، مع ضمان أنها لا تتقاطع مع الإنتاجية أو التفاعلات الشخصية".
هناك طريقة أخرى وهي زيادةَ التركيز على وقت الولوج إلى شبكة الإنترنت، بالتناسب مع وقت الابتعاد عنه.
إذ يمكن قضاء ثلاث ساعات في القيام بأنشطة بعيداً عن شبكة الإنترنت، مقابل كل ساعة يتم قضاؤها على شبكة الإنترنت من أجل التصفح.
أفضل وأسوأ الأوقات للتصفح
يوصي الدكتور ويتنجهام بتجنب منصات التواصل الاجتماعي في الساعة الأولى بعد الاستيقاظ، والساعة الأخيرة قبل النوم، من أجل الحد من الآثار السلبية على الحالة المزاجية والتركيز والنوم.
وأوضح: "هذه الممارسات يمكن أن تساعد في المحافظة على الإيقاع الصحي للساعة البيولوجية وتقلل من التأثير على جودة النوم".
وفي إطار ذي صلة، قد يكون قضاء وقت قصير خلال وقت الغداء على منصة إنستغرام بمثابة راحة ذهنية صحية في العمل لا تنتقص من الإنتاجية خلال يوم العمل.
وعندما نأتي على ذكر الوقت الملائم لاستخدام منصات التواصل الاجتماعي، فإنه لا يتم الاهتمام بوقت معين خلال النهار قدر ما يتم التركيز على الساعات التي يتم قضاؤها في التصفح أمام الشاشة.
إذ إن أفضل وقت تقضيه على منصات التواصل الاجتماعي خلال اليوم، هو الوقت الذي تكون بعيداً خلاله عن الآخرين، ولا يكون فيه أي عمل ومسؤوليات متراكمة.
فإذا كنت ستركب القطار للذهاب إلى العمل، فضع في حسبانك أن هذا وقت مثالي لفحص منصات التواصل الاجتماعي أثناء ركوب وسيلة المواصلات هذه.
نصائح لتقليل الوقت المستهلك في التصفح
يوجد الكثير من الأدوات والاستراتيجيات التي تستطيع استخدامها لتقليل كمية الوقت المستهلكة أمام التطبيقات المفضلة بالنسبة لك، من بينها نذكر:
حدّد نطاقاً لوقت استخدام التطبيقات بشكل محدد أو استخدم تطبيقات ضبط الوقت؛ إذ يسمح الكثير من الهواتف بتحديد المدد الزمنية لاستخدام كل تطبيق على حدة، كما توجد تطبيقات صُممت لتنظيم نهج أكثر توازناً فيما يتعلق باستخدام منصات التواصل الاجتماعي، وتعزيز هذا النهج.
أوقف الإشعارات الخاصة بتطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي للمساعدة في تقليل تسببها في مقاطعة النشاط الذي تفعله، وذلك عن طريق الحد من الشعور بالإلحاح لفحص هاتفك في كل مرة تتلقى خلالها إشعاراً.
راقب استخدامك لمنصات التواصل الاجتماعي، من خلال فحص البيانات التي توفرها هذه المنصات، والتي تتضمن كمية الوقت الذي قضيته في استخدام كل تطبيق على حدة.
ضع تقييمات لحالتك المزاجية بعد عملية التصفح في تطبيقات محددة؛ إذ إن تقييم رفاهك العاطفي باستمرار، يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة حول كمية الوقت الذي تقضيه في التواصل ونوعية المحتوى الذي تتصفحه.
احذف التطبيق إذا لاحظت أنه يسبب لك توتراً أو قلقاً أو تشتيتاً، أو إذا كان يؤثر سلباً على حالتك المزاجية، فكّر في تعطيله مؤقتاً أو حذفه نهائياً. يمكن لهذا أن يساعدك في خلق بعض الوقت والمساحة للأنشطة الأخرى.