توفي الرجل البرازيلي، ماغنو سيرجيو غوميز (46 عاماً) بشكل مأساوي، بعد تناول سمكة منتفخة سامة تحتوي على سم يكفي لقتل 30 شخصاً، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "نيويورك بوست".
وسمكة الينفوخ، المعروفة أيضاً باسم البافرفيش أو سمك البالون، تشكل جزءاً مثيراً وغامضاً من عالم الأسماك. حيث تعتبر هذه الكائنات المائية جزءاً من فصيلة Tetraodontidae، وهي تحمل سمات فريدة جعلتها محل اهتمام العديد من الباحثين وعشاق الحياة البحرية.
فما هي سمكة الينفوخ؟ وأين يعيش هذا النوع من الأسماك؟ وكيف يمكن أن يؤدي التسمم بها إلى الوفاة؟
كيف اكتُشفت سمكة الينفوخ؟
بحسب موقع THE ROCKYRIVER فإن للينفوخ تاريخ اكتشاف قديماً يعود إلى عصور المصريين القدماء منذ 1500 سنة ق.م؛ حيث يُعتقد أن المصريين قد اكتشفوا هذا النوع الفريد من الأسماك ولاحظوا سُمِّيتها القوية وقدرتها على الانتفاخ. وهناك تمثيليات فنية قديمة تُظهر الينفوخ في الفسيفساء والرسوم الجدارية في المعابد المصرية.
ويُعتبر اكتشاف الينفوخ مهماً في تاريخ العلاقة بين الإنسان والبيئة المائية، وقد تم تداول هذه الأسماك لاحقاً في مختلف الثقافات حول العالم بسبب خصائصها الفريدة والمثيرة للاهتمام.
أين تعيش المنفاخ؟
وتعيش سمكة "المنفاخ"، التي تتبع معظم أنواعها نوع Tetraodon، في المياه البحرية أو قليلة الملوحة، وتوجد بشكل رئيسي في المناطق الاستوائية المنفصلة في أمريكا الجنوبية، وأفريقيا، وجنوب شرق آسيا. ويوجد أكثر من 120 نوعاً من الأسماك المنفوخة، وتتميز بأجسادها الطويلة المدببة ورؤوسها المنتفخة.
وتستخدم السمكة المنفوخة التمويه بألوانها للتكيف مع البيئة المحيطة، فبعض الأنواع تحمل رسومات زاهية تعكس درجة سميتها، بينما يكون بعضها الآخر أقل وضوحاً بألوانها.
المنفاخ السمكة المحملة بالسمّ
بعض أنواع هذه الأسماك تحتوي على مادة سامة تُعرف باسم التيترودوتوكسين، والتي تُعتبر أكثر فتكاً من الزرنيخ بعدة آلاف من الأضعاف. فكل 0.75 ملغ منه يمكن أن يكون كافياً لقتل شخص يزن 70 كيلوغراماً. ويصيب الجهاز العصبي ويؤدي إلى شلل العضلات وفق national geaographic.
ويجدر بالذكر أنه ليست كل أنواع السمك المنفوخة سامة، فبعضها يكون غير سام ويُستخدم في الطهي.
الينفوخ النيلي
الينفوخ النيلي هو نوع من أنواع الأسماك يعيش في البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، وقد تم اكتشافه أيضاً خلف بحيرة السد العالي في مصر.
يُمنع صيد هذا النوع من السمك بهدف الاستهلاك البشري، ويُسمح باستخدامه لأغراض الزينة فقط.
الينفوخ في اليابان
المثير للدهشة هو أن الينفوخ يُعد من الأطعمة الشهية، خاصة في اليابان، حيث يُعرف لحمه بالفوجو (fugu). يكون هذا الطبق باهظ الثمن، حيث يبدأ سعره من حوالي 120 دولاراً للفرد الواحد.
ويمكن إعداده فقط من قبل طهاة محترفين ومهرة، حيث يعلمون كيفية تجنب قطعه بطريقة صحيحة أثناء تنظيفه، لأن أي خطأ في طريقة تقطيعه قد يتسبب في وفاة الشخص الذي يتناول لحمه. ويحدث التسمم بسبب لحم الينفوخ سنوياً، والغالبية العظمى من هذه الحالات تحدث في اليابان.
ما هي أعراض التسمم بسمكة الينفوخ؟
إذا كان هناك تسمم بسبب الينفوخ، فإن الأعراض العصبية تكون بارزة، وتشمل:
- التنميل، ويمكن أن يتطور في كثير من الأحيان إلى شعور بالخدر.
- الترنح والارتعاش.
- الشلل في الأعصاب القحفية والمحيطية.
- يمكن أن يؤدي الشلل إلى خلل في الجهاز التنفسي.
تصل نسبة الوفيات جراء التسمم بسمكة الينفوخ إلى 60%، ولكن يمكن للمريض النجاة إذا تم تشخيص التسمم وتقديم العناية اللازمة له في الـ24 ساعة الأولى بعد تناول الأسماك.
في حال اكتشاف التسمم خلال الـ3 ساعات الأولى من تناول السمك، يمكن أن يكون غسيل المعدة فعّالاً عن طريق استخدام محلول يحتوي على 2% من بيكربونات الصوديوم، تليها معالجة بالفحم النشط في محلول سوربيتول بنسبة 70% لإزالة السموم من الجهاز الهضمي. بعد ذلك، يحتاج المريض إلى رعاية صحية خاصة مع التركيز على حالة الرئة.
وتظل سمكة الينفوخ، الكائن البحري الغامض، تثير الدهشة والإعجاب بقدراتها الفريدة والتي قد تفتح أفقاً جديداً في مجال الطب والعلاج، حيث أظهرت الدراسات الحديثة أنها قد تمثل بديلاً واعداً للعلاج بالأفيون، مع تفادي الآثار الجانبية الضارة.
سمكة الينفوخ ليست مجرد كائن بحري، بل هي فرصة جديدة لاستكشاف طرق جديدة ومبتكرة في مجال العلوم الطبية. قد تكون قادرة على تحديد مستقبل جديد للألم والتخدير، وتقديم حل فعّال وآمن للمرضى الذين يعانون من الألم المزمن.