بعد تأمين التمويل لخبراء حفر القبور، تستعد مقبرة هايغيت في شمال لندن لافتتاح قطع أراضٍ جديدة، ما يفتح الباب للحصول على حجرة دفن قرب مثوى كارل ماركس. ورغم أن هذا الاقتراح يعد خطوة جديدة وفريدة، إلا أن تكلفتها تتجاوز 31 ألف دولار أمريكي.
قبر بآلاف الدولارات بجوار كارل ماركس
يشكل الاقتراح إضافةً مثيرة للجدل، حيث يطرح التساؤل حول إمكانية تطبيق نظرية ماركس حول قيمة الأرض في هذا السياق. ورغم أن نقده لنظرية ريكاردو حول الإيجار قد لا ينطبق على المقابر بشكل مباشر، إلا أنه يفتح باباً للنقاش حول ربحية الأراضي المقدمة للدفن.
وفي هذا السياق، يظهر أن تكلفة الحصول على مثل هذه الحجرة قد تصل إلى أكثر من 20 ألف دولار أمريكي.
والجدير بالذكر أن تكلفة دفن في مقبرة هايغيت تفوق بكثير تكلفة قطع الأراضي في مقابر أخرى، فعلى سبيل المثال، تبدأ أسعار قطع الأراضي في مقبرة غاب رود من ألف دولار أمريكي.
على الرغم من تكلفتها، يظل قبر ماركس جاذباً سياحياً واستفزازياً في الوقت نفسه. فالزوار الذين يقصدونه ليسوا بالضرورة شيوعيين، وقد يكونون في طريقهم لزيارة آخرين مثل جورج مايكل أو جورج إليوت.
ومع ذلك، يبقى القليلون الذين يسعون إلى تشويه أو تدمير القبر مناهضين للشيوعية، ما يبرز التوتر السياسي المرتبط بالمكان. وتشير أحدث حادثة للكتابة على شاهد القبر في عام 2019 إلى تصاعد التوتر بمظاهر "أيديولوجية التجويع" و"مهندس الإبادة الجماعية".
حسب صحيفة The Guardian البريطانية، وفيما يتعلق بتوسيع مقبرة هايغيت، يعتبر إيان دونغافيل، الرئيس التنفيذي لجمعية أصدقاء مقبرة هايغيت، أن استضافة مدافن جديدة تلعب دوراً أساسياً في الحفاظ على حيوية المكان كمنطقة جاذبة.
يطرح دونغافيل لنا لغزاً مثيراً حول الحياة والموت، حيث يسأل: هل يمكن أن تكون الحالة هنا ثنائية، حيث يكون الفرد إما حياً أو غير حي؟ أم هو مقياس متدرج يحدد درجة الحياة، حيث يكون الشخص الذي توفي في الأمس أقل "موتاً"، على سبيل المثال، من ماركس الذي رحل عن عالمنا في عام 1883؟
يظهر الاهتمام بتحديد مدى بقاء الأفراد على قيد الحياة من خلال عدد الأشخاص الذين لا يزالون يتذكرونهم، ما يثير تساؤلات حول حياة ماركس بعد وفاته. هل يعكس عدد الأفراد الذين يفكرون فيه فعلاً استمرار حياته بطريقة ما؟ وهل يمكن اعتبار ماركس "حياً" إلى حد ما بفضل الاهتمام المستمر به وتأثير أفكاره على التاريخ والفكر السياسي؟ تتيح هذه الرؤية الفريدة تفكيراً عميقاً في ديناميات الموت والحياة، وكيف يمكن أن يظل الشخص حياً في ذاكرة الآخرين.
من هو كارل ماركس؟
كارل هانريش ماركس، الفيلسوف والناقد الاقتصادي والمؤرخ الألماني، وُلد في ترير في عام 1818، وتوفي في لندن عام 1883. درس القانون والفلسفة، وتزوج من جيني فون ويستفالين، الناقدة المسرحية والناشطة السياسية الألمانية. وفقد الجنسية بسبب منشوراته السياسية وعاش في لندن لعقود.
نظريات ماركس، المعروفة باسم التفسيرات الماركسية، تشير إلى أن المجتمعات تتطوّر عبر الصراع الطبقي في نظام الإنتاج الرأسمالي بين الطبقة البرجوازية والبروليتاريا. كانت أفكاره تتنبأ بأن الرأسمالية ستؤدي إلى توترات داخلية تؤدي إلى تدميرها ذاتياً وظهور نظام اشتراكي. قاتل من أجل تنفيذ مبادئه من أجل تحقيق التحرر الاجتماعي والاقتصادي.
يُعد ماركس من أبرز الشخصيات التأثيرية في تاريخ البشرية، وأعماله تأثرت بالإعجاب والانتقاد. وعمله في "رأس المال" وضع الأساس لنظريات حول علاقة العمل برأس المال. تأثرت جمعيات وفنانون وأحزاب سياسية في جميع أنحاء العالم بأفكاره، وماركس يُعد مهندساً رئيسياً في علم الاجتماع الحديث.