رصد فريق دولي من علماء الفلك استخدم تلسكوب جيمس ويب الأمريكي، أقدم ثقب أسود على الإطلاق، يعود تاريخ وجوده إلى حقبة كان عمر الكون فيها بالكاد 400 مليون سنة، بحسب موقع بيزنس ستاندرد، الأربعاء 17 يناير/كانون الثاني 2024.
إذ كشف عالم الفيزياء الفلكية في معهد كافلي لعلم الكونيات في جامعة كامبريدج البريطانية يان شولتز أن هذا الاكتشاف يؤخّر تاريخ أقدم ثقب أسود هائل "بنحو 200 مليون سنة"، بحسب دراسة نُشرت نتائجها الأربعاء.
وجاء في بيان الجامعة: "اكتشف الباحثون أقدم ثقب أسود تم رصده على الإطلاق، والذي يعود تاريخه إلى بداية نشوء الكون".
ويشير البيان إلى أن فريق العلماء الدولي برئاسة علماء جامعة كامبريدج استخدموا تلسكوب جيمس ويب الأمريكي في رصد هذا الثقب الأسود الذي نشأ قبل أكثر من 13 مليار سنة.
ووفقاً للبيان"إذا كان هذا الثقب قد نما بالصورة المتوقعة لتطلب حوالي مليار عام حتى يصل إلى مقاييسه الحالية. ولكن عندما نشأ لم يكُن عمر الكون قد بلغ مليار سنة بعد".
ووفقاً لموقع بيزنس ستاندرد فإن هذا الثقب أقدم بحوالي 40 مليون سنة من أقدم الثقوب السوداء المكتشفة حتى الآن والذي أعلن عن اكتشافه في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، لافتاً إلى أن "هذا الاكتشاف الجديد يجعل العلماء في حيرة من أمرهم بشأن ما حدث في بداية الكون، لأن هذا الثقب الأسود كبير جداً".
فيما يُقدّر جسم كتلة هذا الثقب الأسود بـ1.6 مليون مرة كتلة شمسنا. وهو غير مرئي، مثل جميع الثقوب السوداء، ويمتص المادة المحيطة به، عن طريق إصدار كمية هائلة من الضوء في محيطه.
وهذا الضوء هو الذي مكّن من اكتشاف المجرّة التي يكمن الثقب الأسود في قلبها، والتي سُميت "جي إن-زي11" (GN-z11) عند الإعلان عن اكتشافها عام 2016 باستخدام تلسكوب هابل الفضائي.
وكانت GN-z11 آنذاك أقدم مجرة رصدها هابل، وتالياً أبعدها.. إلى أن بدأ استخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي عام 2022، والذي مكَّن من اكتشاف الثقب الأسود في GN-z11.
ويضاف هذا الاكتشاف إلى اكتشافات أخرى أتاحها تلسكوب جيمس ويب، والتي تكشف عن كون فتيٍّ يضم أجساماً أكثر سطوعاً مما كان متوقعاً.
تاريخ الثقب الأسود
إلى ذلك يعود تاريخ الثقب الأسود الذي اكتشفه الفريق الدولي بقيادة جامعة كامبريدج إلى 430 مليون سنة بعد الانفجار الكبير. وهي فترة الفجر الكوني، عند ولادة النجوم والمجرات الأولى في نهاية ما يسمى العصور "المظلمة".
كما أشار الموقع إلى أن المشكلة بالنسبة لثقب أسود بهذا الحجم تتمثل في فهم كيف يمكن أن ينمو بهذه السرعة؛ لأن عادة ما يستغرق الأمر مئات الملايين أو المليارات من السنين مع تلك المكتشفة لاحقاً.
"نمو أسرع وأبكر"
بدوره، قال عالم الفيزياء الفلكية في معهد باريس للفيزياء الفلكية ستيفان شارلو، المشارك في الدراسة، لوكالة فرانس برس إن خصائصه "تشير إلى نمو أسرع وأبكر من نمو الثقوب السوداء الأخرى المعروفة في العصور القديمة".
وتابع "فإن آليات تشكل الثقوب السوداء في الكون الفتي يمكن أن تكون مختلفة عن تلك التي نعرفها في الكون الأقرب"، وفق شارلو.
ويتصوّر العلماء أن مثل هذا الجسم وُلد "كبيراً"، من انفجار نجم فائق الكتلة في نهاية حياته، أو من التركيز السريع لسحابة من الغاز الكثيف، من دون المرور بمرحلة تكوين النجوم.
وبمجرد ولادته، فإن الثقب الأسود GN-z11 قد يكون التهم الغاز المحيط به لينمو بسرعة. وكل ذلك بسهولة أكبر لأن "الملاحظات تشير على ما يبدو إلى كثافة عالية لهذا الغاز"، بحسب شارلو.