خلال فترة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والذي انتهى في تسعينيات القرن الماضي، خلال هذه الفترة شهدت جنوب أفريقيا العديد من الشخصيات التي لا تزال تذكر إلى اليوم، مثل نيلسون مانديلا وهيكتور بيترسون، الذي لا تزال صُوره منتشرةً في جلّ شوارع مدينة كيب تاون الجنوب أفريقية.
فمن يكون هيكتور بيترسون؟ وما قصته؟ وما علاقة نظام الفصل العنصري "الأبرتايد" بمقتله؟
من هو هيكتور بيترسون؟
قتل زوليلي هيكتور بيترسون، التلميذ البالغ من العمر 12 عاماً، من جنوب أفريقيا، برصاص الشرطة، خلال اندلاع انتفاضة سويتو، في 16 يونيو/حزيران 1976. كانت هذه الانتفاضة استجابة لتطبيق التدريس باللغة الأفريكانية، التي كانت تُستخدم وسيلةً للتعليم، بينما كان الطلاب يرغبون في استخدام لغاتهم الأصلية، الخوسا والزولو.
الشرطة فتحت النار على الطلاب السود الذين كانوا يحتجون، ما أسفر عن مقتل بيترسون وإصابة آخرين، تم توثيق لحظات الكارثة في صورة صادمة التقطها سام نزيما، تُظهر بيترسون المصاب بجروح قاتلة ويحمله شخص آخر، بينما تركض أخته بجانبهما.
كانت هذه الواقعة مهمة بالتاريخ الجنوب أفريقي، حيث تجسَّدت في ذكرى وفاة بيترسون المحددة بيوم الشباب. تمثلت الانتفاضة في مقاومة اللغة القسرية وتطلعات الشباب للتعليم بلغاتهم الأصلية، وظلَّت ذِكراه حاضرةً في وجدان جنوب أفريقيا وخارجها.
الاحتجاجات الطلابية في سويتو
تقع منطقة سويتو السكنية الحضرية جنوب غرب جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، وتُمثل نتاجاً لسياسات الفصل العنصري بجنوب أفريقيا. برزت هذه المنطقة كمكان مفصلي يجسد تاريخ الاضطهاد والمقاومة ضد سيطرة السلطات.
في الأربعينيات من القرن الماضي تم إضفاء الطابع الرسمي على سويتو كمكان للسكان السود، منفصلٍ عن المجتمعات الأخرى، وكانت مسرحاً للمظاهرات والاحتجاجات ضد سياسات الفصل العنصري. رغم إلغاء هذه السياسات في التسعينيات فإن تأثيراتها لا تزال ملموسة حتى اليوم.
يعود أصل سويتو إلى الإسكان غير الرسمي والبنية التحتية التي بناها العمال السود خلال عقود العشرينيات والثلاثينيات. وفي ذلك الوقت فُرضت سيطرة حكومية أكبر على المنطقة، وحافظت على فصل الأعراق، ما أسهم في تشكيلها كمركز للمقاومة.
تأتي هذه السياقات التاريخية في سياق حياة هيكتور بيترسون، الذي وُلد في 19 أغسطس/آب سنة 1963. كان هيكتور تلميذاً في مدرسة سويتو عندما أُصدِرَ المرسوم الذي فرض استخدام اللغة الأفريكانية في التعليم. كانت هذه السياسة تهدف إلى فصل الطلاب السود عن تعليمهم بلغتهم الأم، ما أثر سلباً على فرص التعلم.
من خلال المظاهرات ومقاطعة الطلاب أظهرت سويتو تضامناً وتحدياً للفصل العنصري. بقيادة شخصيات مثل ستيف بيكو وحركة الوعي الأسود، تم تعزيز المشاعر المناهضة للفصل العنصري في صفوف الشباب.
تُجسد منطقة سويتو قصة المقاومة والتحديات التي واجهها السكان خلال فترة حكم الفصل العنصري، وتظل حاضرةً في ذاكرة جنوب أفريقيا كرمز للتغيير والتحرر.
وفاة هيكتور بيترسون وذكراه لليوم
في صباح يوم 16 يونيو/حزيران 1976، خرجت مجموعة من الطلاب المحتجين في سويتو، حيث وصل عددهم إلى حوالي 10 آلاف شخص، في مسيرة سلمية احتجاجاً على سياسات التعليم باللغة الأفريكانية.
وفور انطلاق المسيرة تصاعدت التوترات مع قوات الشرطة المسلحة التي اعترضت المتظاهرين.
وفقاً لشهادة أنطوانيت سيثول، شقيقة الضحية هيكتور بيترسون، قالت إن شقيقها انضم إلى الاحتجاج رغم أنه لم يكن في سن مشاركة المظاهرات. ورغم اختلاف الروايات حول التفاصيل، يظهر أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع وأطلقت النار بشكل عشوائي على المحتجين.
بدأت الفوضى عندما فض الحشد بإطلاق النار، وخرجت سيثول وشقيقها للبحث عن مساعدة، بينما كان يحمله متظاهر آخر. ورغم وصولهم إلى العيادة، كان بيترسون قد فارق الحياة. هو وهاستينغز ندلوفو، البالغ من العمر 15 عاماً، كانوا ضمن أول المتظاهرين الذين قتلتهم الشرطة خلال انتفاضة سويتو.
تصاعدت المسيرة إلى أعمال عنف واسعة النطاق، وشهدت أياماً من الشغب والعنف في سويتو ومناطق أخرى في جنوب أفريقيا. ما بدأ كمظاهرة ضد سياسة اللغة، تحوَّلت إلى صراع أوسع ضد نظام الفصل العنصري، مع تقديرات للضحايا تتناقض مع أرقام الحكومة، ما يُبرز حجم الاستنكار والمعاناة التي شهدتها تلك الفترة التاريخية.
متحف هيكتور بيترسون
مدخل متحف هيكتور بيترسون يقع على مقربة من المكان الذي شهد إطلاق النار على هيكتور بيترسون خلال انتفاضة سويتو، في يونيو/حزيران سنة 1976. يظهر في المدخل الصورة الأثرية التي التقطها المصور سام نزيما، تظهر مبويسا ماكوبو وهو يحمل بيترسون الجريح بين ذراعيه، بينما كانت أنطوانيت، أخت بيترسون، تجري بجانبهما بدموعها.
هيكتور بيترسون أصبح رمزاً لانتفاضة سويتو، والنضال ضد الفصل العنصري، بفضل سلسلة من الصور التي التقطها المصور الصحفي سام نزيما. من بين هذه الصور تبرز لحظة رفع مبويسا ماكوبو لبيترسون، الطالب البالغ من العمر 18 عاماً، وهو يعرج وملطخ بالدماء، بينما تقف أنطوانيت بجوارهما. تلك الصورة أثارت غضباً دولياً ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
في 19 يونيو/حزيران 1976، بعد ثلاثة أيام من بدء الانتفاضة، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار رقم 392، الذي أدان حكومة جنوب أفريقيا لاستخدامها أعمال العنف ضد الشعب الأفريقي. تم افتتاح متحف هيكتور بيترسو، في 16 يونيو/حزيران 2002، ويقع على مقربة من مكان الحادث، حيث يحتضن تاريخ انتفاضة سويتو ويكرم ذكرى هيكتور بيترسون. يُحتفل في جنوب أفريقيا الآن بيوم الشباب كعطلة وطنية لتكريم ذكرى بيترسون، الذي دُفن في مقبرة أفالون في سويتو جنباً إلى جنب مع هاستينغز ندلوفو.