ازدادت ثروة أغنى خمسة أشخاص في العالم بأكثر من الضعف لتصل إلى 869 مليار دولار منذ عام 2020، في حين يخسر أفقر 60% في العالم- أي ما يقرب من 5 مليارات شخص- المال، بحسب ما كشفه تقرير صادر عن منظمة أوكسفام البريطانية.
وجاء التقرير تزامناً مع اجتماع أغنى أثرياء العالم بدايةً من الإثنين 15 يناير/كانون الثاني 2024، في دافوس بسويسرا لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي، الذي ينعقد سنوياً بمشاركة القادة السياسيين والمديرين التنفيذيين للشركات وفاحشي الثراء.
اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء
التقرير يرجح مزيداً من الاتساع في الفجوة بين الأغنياء والفقراء؛ مما سيؤدي إلى تتويج العالم أول تريليونير له في غضون عقد من الزمن. وفي الوقت نفسه، يحذّر التقرير من أنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يمكن القضاء على الفقر في العالم إلا بعد 229 سنة.
وتسليطاً للضوء على الزيادة الكبيرة في عدم المساواة منذ جائحة "كوفيد-19″، قالت منظمة أوكسفام إنَّ مليارديرات العالم زادت ثرواتهم بمقدار 3.3 تريليون دولار مقارنة بما كانوا عليه في عام 2020، ونمت ثرواتهم أسرع بثلاث مرات من معدل التضخم.
ويخلُص التقرير، الذي يحمل عنوان "Inequality Inc"، إلى أنَّ سبعاً من كل عشر من أكبر الشركات في العالم لديها ملياردير يتولى منصب الرئيس التنفيذي أو المساهم الأكبر، على الرغم من الركود في مستويات المعيشة الذي يعانيه ملايين العمال في جميع أنحاء العالم.
من هم أغنى 5 رجال بالعالم؟
كما يوضح التقرير، الذي أُعِد باستخدام بيانات من شركة الأبحاث Wealth X ومجلة Forbes، أنَّ الحجم الإجمالي لثروات أغنى خمسة أشخاص في العالم -وهم إيلون ماسك، وبرنارد أرنو، وجيف بيزوس، ولاري إليسون، ومارك زوكربيرغ- زاد بمقدار 464 مليار دولار، أو 114%.
وخلال الفترة نفسها، انخفض إجمالي ثروات أفقر 4.77 مليار شخص- الذين يشكلون 60% من سكان العالم- بنسبة 0.2% من القيمة الحقيقية لدخولهم (القيمة الحقيقية للدخل هي القيمة التي تُعدَّل لمراعاة التضخم).
ويقول التقرير: "يعمل الناس في جميع أنحاء العالم بجد أكبر ولساعات أطول، وغالباً ما يحصلون على أجور زهيدة في وظائف محفوفة بالمخاطر وغير آمنة".
وفي 52 دولة، انخفض متوسط الأجور الحقيقية لنحو 800 مليون عامل. وقد خسر هؤلاء العمال مجتمعين 1.5 تريليون دولار من قيمة أجورهم على مدى العامين الماضيين، بما يعادل 25 يوماً من الأجور المفقودة لكل عامل، بحسب صحيفة The Guardian البريطانية.
ارتفاع أرباح شركات الأعمال
وعلى غرار ثروات الأثرياء، شهدت أرباح شركات الأعمال -بحسب التقرير- ارتفاعاً حاداً على الرغم من الضغوط على العائلات وسط أزمة تكلفة المعيشة. ووجد التقرير أنَّ 148 من كبرى شركات العالم حققت معاً 1.8 تريليون دولار من إجمالي صافي الأرباح في العام حتى يونيو/حزيران 2023، وهي قفزة بنسبة 52% مقارنة بمتوسط صافي الأرباح في الفترة 2018-2021.
وقالت منظمة أوكسفام إنَّ أحدث إصدار لمؤشر Gini- الذي يقيس عدم المساواة- وجد أنَّ معدل عدم المساواة في الدخل العالمي صار الآن مشابهاً لذلك الموجود في جنوب أفريقيا، الدولة التي تعاني من أعلى مستويات عدم المساواة في العالم.
ويمتلك أغنى 1% في العالم 59% من جميع الأصول المالية العالمية، وضمن ذلك الأسهم والحصص والسندات، إضافة إلى حصص في الأعمال التجارية الخاصة.
بدورها قالت عليما شيفجي، الرئيسة التنفيذية المؤقتة لمنظمة أوكسفام: "لا يمكن قبول هذه الاتجاهات المتطرفة باعتبارها الوضع الطبيعي الجديد، فالعالم لا يستطيع تحمُّل عقد آخر من الانقسام. ولا يزال الفقر المُدقَع في أفقر البلدان أعلى مما كان عليه قبل الوباء، ومع ذلك فإنَّ عدداً صغيراً من الرجال فاحشي الثراء يتسابقون حول من يكون أول تريليونير في العالم في غضون السنوات العشر المقبلة.
شيفجي أضافت: "هذه الفجوة الآخذة في الاتساع بين الأغنياء وبقية الناس ليست عرضية، كما أنها ليست حتمية. إذ تتبنى الحكومات في مختلف أنحاء العالم عمداً سياسات تعمل على تمكين وتشجيع هذا التركيز المُشوَّه للثروة، في حين يعيش مئات الملايين من الناس في فقر".
وتابعت: "إنَّ إقامة اقتصاد أكثر عدالة يعمل لصالحنا جميعاً أمر ممكن. والمطلوب هو سياسات مُنسَّقة توفر ضرائب أكثر عدالة ودعماً للجميع، وليس فقط للفئات الأكثر احتياجاً".