مُنح جائزة نوبل للسلام و عجز عن إيصال المساعدات الغذائية لغزة..ماذا نعرف عن برنامج الغذاء العالمي؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/01/09 الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/01/09 الساعة 14:08 بتوقيت غرينتش
طفل من غزة ينتظر دوره في الطابور |مواقع التواصل

يعاني الملايين من البشر عبر العالم بما يقرب من 11% من سكانه من الجوع المتزايد، ويعيشون على شفا البقاء على قيد الحياة، ولتلبية الحاجة الماسة لهؤلاء الأشخاص في حالات الطوارئ، تم إنشاء برنامج الغذاء العالمي (WFP) من قِبَل منظمة الأمم المتحدة عام 1961؛ لتخفيف وطأة الجوع عليهم، وتحسين ظروف المناطق المتضررة من الصراعات، وحتى يكون دافعاً كذلك لمنع استخدام الجوع كسلاح من أسلحة الحرب.

فهل تمكن برنامج الأغذية العالمي اليوم، بعد ما يزيد عن 30 سنة من تأسيسه، من مكافحة انعدام الأمن الغذائي في العالم أم أنه أخفق في تحقيق ذلك؟ 

  مهمة برنامج الأغذية العالمي

يقع مقره الرئيسي في روما، بإيطاليا، وفي عام 2020 حصل البرنامج على جائزة نوبل للسلام تقديراً لجهوده في مكافحة الجوع، وتعدّ مكافحة الجوع في العالم المهمة الأساسية لبرنامج الأغذية العالمي؛ حيث يقدم الغذاء العاجل في حالات الطوارئ، إلى جانب مساعدات سنوية لأكثر من 90 مليون شخص في أكثر من 70 بلداً. ويعمل في البرنامج نحو 12 ألف شخص، معظمهم في المناطق النائية التي تعاني من الفقر والجوع.

 إلى جانب مهمته في تحسين ظروف السلام في المناطق المتضررة من النزاع، ولعمله كقوة دافعة في الجهود المبذولة لمنع استخدام الغذاء والجوع كسلاح من أسلحة الحرب والصراع. 

 طفل ينتظر دوره في طابور الغذاء |مواقع التواصل
طفل ينتظر دوره في طابور الغذاء |مواقع التواصل

برنامج الأغذية العالمي: التأسيس والتطوّر 

تأسيس برنامج الأغذية العالمي 

وفق موقع world food programme، يرجع تأسيس برنامج الأغذية العالمي إلى عام 1961، بطلب من الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، حتى يتسنى لمنظمة الأمم المتحدة تقديم المساعدات الغذائية للمناطق المتضررة من الحروب والصراعات وللناجين من الكوارث الطبيعية.

من يدير برنامج الأغذية العالمي؟ 

يدير البرنامج مجلس تنفيذي مكون من 36 عضواً، نصفهم ينتخبه المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة (ECOSOC)، والنصف الآخر ينتخبه مجلس منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).

وهو يعمل بشكل وثيق مع المنظمتين الشقيقتين اللتين يوجد مقرهما في روما، وهما منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية. كما يتعاون برنامج الأغذية العالمي مع أكثر من 900 منظمة غير حكومية وطنية ودولية لتقديم المساعدة الغذائية ومعالجة الأسباب الكامنة وراء الجوع.

تحدّي برنامج الأغذية العالمي أمام أزمات المجاعة في العالم 

سنة 1962، تحديداً في شهر سبتمبر؛ حيث تعرضت منطقة بوعين زهرة في شمال إيران لزلزال عنيف قُدرت خسائره بنحو 12000 شخص، فضلاً عن تدمير آلاف البيوت بشكل كلّي، كان هذا الزلزال بمثابة كارثة لضحاياه، ولم يكن قد مضى على تأسيس برنامج الأغذية العالمي في ذلك الوقت سوى بضعة أشهر فقط، ومع ذلك، تمكن من إرسال 1500 طن متري من القمح، و270 طناً من السكر، و27 طناً من الشاي إلى الناجين من الزلزال، وكانت هذه المعونة بداية طريق مساعدات الطوارئ للمنظمة.

 وعام 1963 تم إطلاق أول برنامج تنموي للنوبيين في السودان، كما تمت الموافقة على مشروع إمداد التلاميذ في توغو بالوجبات الغذائية المدرسية.

المجاعة جنوب السودان|مواقع التواصل
المجاعة جنوب السودان|مواقع التواصل

لم تتخذ الأمم المتحدة القرار باستمرار برنامج الأغذية العالمي باعتباره برنامجًا مكتملًا سوى سنة 1965، لتمثل المجاعات الطويلة بعد ذلك امتحاناً لقدرات البرنامج على محاربة هذا العدوّ، على غرار المجاعات الطويلة التي ضربت منطقة الساحل الغربي في السبعينيات والمجاعة التي شهدتها إثيوبيا عام 1984، والتي كرّس فيها برنامج الغذاء العالمي جهوده لمساعدة المحتاجين باستخدام طائراته لإنقاذهم؛ فضلاً عن تقديم ما يزيد على مليوني طن من الغذاء لهم، بحسب موقع برنامج الغذاء.

برنامج الغذاء العالمي في التسعينات 

اتسمت فترة التسعينات بالفقر المدقع؛ حيث شهدت أسوأ المجاعات على مر العصور في جميع أنحاء أوروبا، وقد عرّفت الأمم المتحدة الفقر المدقع في عام 1995 بأنه "حالة تتسم بالحرمان الشديد من الاحتياجات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء ومياه الشرب المأمونة ومرافق الصرف الصحي والصحة والمأوى والتعليم والمعلومات". 

وقد كان برنامج الأغذية العالمي يحاول الاستجابة لحالة الطوارئ في تلك الفترة؛ حيث قام بإنشاء شبكة من المخابز المتنقلة في كوسوفو عام 1999، كما تمكن البرنامج أيضاً من مضاعفة شراكاته وتحالفاته مع المنظمات غير الحكومية في تلك الفترة؛ تعزيزاً لدوره في المساعدات الإنسانية والتنموية؛ سعياً للتغلب على الجوع.

ووفق موقع BRITANNICA، عندما تنحسر حالة الطوارئ، يساعد برنامج الأغذية العالمي المجتمعات على إعادة بناء الحياة وسبل العيش المحطمة. ويعمل أيضاً على تعزيز قدرة الأشخاص والمجتمعات المتضررة للصمود أمام الأزمات الممتدة.

برنامج الغذاء العالمي في الألفينات

شهدت فترة الألفينات تراجعاً في نسبة الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع في العالم؛ حيث تباطأت عام 2010 إلى 7.1٪، بحسب منظمة الأمم المتحدة. 

غير أن هذا التراجع لا يعني خلوّ هذا العقد من أزمات إنسانية كبيرة، على غرار كارثة تسونامي التي حدثت في آسيا عام 2004، والزلزال الذي ضرب هايتي عام 2010، وهو ما كان يتطلب تطور مهمة منظمة الصحة العالمية لتلبية الاحتياجات الغذائية للمجتمعات التي تعاني من هذه الأزمات، فضلاً عن مدّهم بالمساعدة المالية كعنصر مكمل لعمليات توزيع الأغذية العينية. 

إنشاء خدمة جوية إنسانية منتظمة في العالم 

يهدف برنامج الأغذية العالمي، من خلال خدمات النقل الجوي للمسافرين، للمساعدة في نقل عمال الإغاثة إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها، وذلك في ظل ظروف انعدام الأمن وغياب البنية التحتية، أو لعدم قابلية تسيير الطيران التجاري إلى هذه المناطق.

النقل الجوي للإغاثة|برنامج الإغذية العالمي
النقل الجوي للإغاثة|برنامج الإغذية العالمي

عند وقوع حالة طوارئ، يكون توفير الغذاء للمحتاجين في غضون ساعات تحدياً من قبل فرق الإغاثة -كما رأينا في زلزال نيبال عام 2015- لذلك تعد المجموعة اللوجستية التي يديرها برنامج الأغذية العالمي مهمة في هذا السياق؛ لذلك كان لزاماً تطوير المخطط العملي لتقديم المساعدات الغذائية من قِبَل برنامج الغذاء العالمي.

 خطة برنامج الأغذية العالمي 2022-2025 

يعدّ الاستثمار في البشر، وتعزيز الشراكات، وزيادة التمويل وتنويعه، والاستفادة من التكنولوجيا وتعزيز الابتكار اللبنات الأساسية للخطة الاستراتيجية لبرنامج الأغذية العالمي 2022-2025.

وتتلخص هذه الرؤية لعام 2030 في النقطتين التاليتين:

• القضاء بشكل تام على انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في العالم. 

• معالجة الأسباب الرئيسية لأزمات الجوع في العالم. 

وستواصل مشاريع برنامج الأغذية العالمي الإنمائية تركيزها على التغذية، وخاصة للأمهات والأطفال، ومعالجة سوء التغذية منذ المراحل الأولى من خلال برامج تستهدف أول 1000 يوم من الحمل وحتى عيد الميلاد الثاني للطفل، وبعد ذلك من خلال الوجبات المدرسية.

ويعد اليوم برنامج الأغذية العالمي أكبر منظمة إنسانية تنفذ برامج الوجبات المدرسية في جميع أنحاء العالم، وهو يقوم بذلك منذ أكثر من 50 عاماً. وفي عام 2022، قدم برنامج الأغذية العالمي وجبات مغذية أو وجبات خفيفة مدرسية أو حصصاً غذائية منزلية لنحو 20 مليون طفل.

 

شراكات برنامج الأغذية العالمي

الحكومات 

تعد الحكومات الوطنية الطرف الرئيسي الذي يطلب تدخل البرنامج في حالات الطوارئ وفي بعض الظروف الاستثنائية، حين تفقد السلطات الوطنية السيطرة على أراضيها، يتدخل البرنامج لتقديم المساعدة دون طلب من الحكومة، وبناء على طلب خاص فقط من الأمين العام للأمم المتحدة.

المؤسسات الفكرية والأكاديمية 

تمثل شراكات برنامج الأغذية العالمي مع المؤسسات الفكرية والأكاديمية 16% من إجمالي عدد شراكات البرنامج، من بين هذه المنظمات: 

– المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.

– المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا.

– المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية المتوسطة المدى. 

– الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا).

الشراكات مع المجموعات وأصحاب المصلحة 

– حركة "تعزيز التغذية" (Scaling Up Nutrition (SUN.

– مبادرة ريتش REACH.

 تمويل برنامج الأغذية العالمي 

المصدر الأول لتمويل البرنامج هي الحكومات، حيث تتكفل أكثر من 60 حكومة بالمشروعات الإنسانية والإنمائية لبرنامج الأغذية العالمي، وفي المقابل لا يحصل البرنامج على أية مستحقات أو حصص من المساهمات المقررة للأمم المتحدة.

يشار إلى أن كافة أشكال الدعم الحكومي تأتي لبرنامج الأغذية العالمي على أساس تطوعي بالكامل.

الشركات

التبرعات المقدمة من الشركات الخاصة تعزز قدرات البرنامج في مجالات النقل والإمداد وجمع الأموال، وتقديم النقد اللازم لدعم برامج التغذية في المدارس. 

الأفراد

 تسهم التبرعات الشخصية في توفير حصص غذائية طارئة أثناء الأزمة وطعام خاص للأطفال الجوعى في المدارس. 

إخفاقات برنامج الغذاء العالمي في مكافحة الأمن الغذائي في العالم 

برنامج الأغذية العالمي يوقف مساعداته لليمن

أعلن برنامج الأغذية العالمي في اليمن، 5 ديسمبر/كانون الأول 2023، إيقاف مساعداته الغذائية العامة في المناطق الخاضعة لسلطات صنعاء، بسبب محدودية التمويل، وعدم التوصل إلى اتفاق مع السلطات من أجل تنفيذ برنامج أصغر يتناسب مع الموارد المتاحة للأسر الأشد ضعفاً واحتياجاً. 

طفل يعاني المجاعة في اليمن|مواقع التواصل
طفل يعاني المجاعة في اليمن|مواقع التواصل

وقال البرنامج في بيان صحفي: "يأتي هذا القرار الصعب، الذي تم اتخاذه بالتشاور مع الجهات المانحة، بعد ما يقرب من عام من المفاوضات، والتي لم يتم خلالها التوصل إلى اتفاق لخفض عدد المستفيدين من المساعدات الغذائية المباشرة، من 9.5 مليون إلى 6.5 مليون شخص". 

برنامج الأغذية العالمي يوقف مساعداته لسوريا

كما سبق أن أعلن برنامج الأغذية العالمي أن المساعدات الغذائية التي يمد بها سوريا ستنتهي، في يناير/كانون الثاني 2024، بسبب أزمة التمويل التي قلصت بالفعل برنامج المساعدات في البلد الذي دمرته الحرب.

وقالت المنظمة إن المستوى القياسي للاحتياجات الإنسانية على مستوى العالم يعني أن الجهات المانحة لها غير قادرة على تقديم المستوى نفسه من الدعم، نقلاً عن رويترز.

برنامج الأغذية العالمي يعجز عن إيصال مساعداته لغزة 

كما أفاد برنامج الأغذية العالمي، يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2023، بأنه أصبح من المستحيل إيصال الإمدادات الغذائية إلى المدنيين الذين يعانون الجوع والعطش في قطاع غزة، بسبب الغارات الإسرائيلية المكثفة على القطاع، حيث ذكر نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، كارل سكاو، في بيان، بعد زيارة للقطاع الفلسطيني: "مع انهيار القانون والنظام فإن أي عملية إنسانية ذات معنى أصبحت مستحيلة".

ظروف الحصار في غزة|مواقع التواصل
ظروف الحصار في غزة|مواقع التواصل

وأضاف: "مع وصول جزء صغير فقط من الإمدادات الغذائية اللازمة، والغياب القاتل للوقود، وانقطاع أنظمة الاتصالات، وانعدام الأمن لموظفينا أو الأشخاص الذين نخدمهم في توزيع المواد الغذائية، لا يمكننا القيام بعملنا".

بيان حذَّرت مؤسسات حقوقية فلسطينية من تداعياته، حيث يعني تعليق المساعدات الغذائية التي يقدّمها برنامج الغذاء العالمي لعشرات الآلاف من المستفيدين في الأراضي الفلسطينية، وبشكل خاص في قطاع غزة، لمجاعة محتومة، تمهد الطريق نحو الموت.

وعبّر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومقره مدينة غزة، عن قلقه الشديد من تأثيرات القرار، مبيناً أنه يؤثر على فقراء قطاع غزة، إذ يعاني أكثر من نصف سكان القطاع من الفقر بنسبة 53%، في حين يعاني 64.4% من أهالي غزة من انعدام الأمن الغذائي، وفق التقرير القطري الموجز لبرنامج الأغذية العالمية عن فلسطين، لشهر مارس/آذار 2023.

تحميل المزيد