داخل سجون الاحتلال يوجد العديد من الأسرى الفلسطينيين من ذوي المحكوميات العالية والطويلة، والتي ترفض إسرائيل إطلاق سراحهم في أي عملية لتبادل الأسرى بينها وبين المقاومة الفلسطينية، إذ يتجاوز عدد السنوات عند بعضهم 10 آلاف سنة.
محمد أبو وردة واحد من السجناء الفلسطينيين الذين يرفض الاحتلال إطلاق سراحهم في أي صفقة لتبادل الأسرى، ويعتبره من بين أخطر الأسرى في سجونه، بسبب اتهامه بمقتل عشرات الإسرائيليين خلال عملية استشهادية خطط لها سنة 1996.
من هو محمد أبو وردة؟
وُلد الفلسطيني محمد أبو وردة سنة 1976 في مخيم الفوار، جنوب مدينة الخليل، في عائلة مكوّنة من 5 إخوة وأخوات، أكمل تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس وكالة الغوث، ثم التحق بعدها بالمدرسة الشرعية بالخليل، فيما حصل على معدل 83% في شعبة العلوم.
بعد إنهاء الثانوية انتقل محمد أبو وردة بين عدة جامعات، من بينها جامعة بيت لحم وجامعة القدس أبو ديس وجامعة دار المعلمين في رام الله، التي أتمّ فيها تخصص التربية الابتدائية، خلال هذه الفترة نشط محمد في صفوفها خاصة للمقاومة.
خلال دراسته الجامعية عمل في قطاع البناء والأشغال الشاقة في رام الله، وكان يجمع المال ليشتري به احتياجات مجلس الطلبة، وما يلزمه لإتمام الأنشطة الطلابية.
لم تكن الجامعة أول انخراط لأبو وردة في الحركة الإسلامية، إذ تعرض قبلها للاعتقال من قِبل الاحتلال الإسرائيلي في الـ15 من عمره، وذلك حين كان في الصف العاشر بالمدرسة الشرعية في الخليل، وظل رهن الاعتقال شهراً بتهمة كتابة الشعارات على الجدران، وإلقاء الحجارة على جنود الاحتلال، ثم أُفرج عنه لصغر سنه بكفالة قدرها 1500 شيكل.
أبو وردة بين المطاردة والاعتقال
حسب الصفحة الرسمية لإعلام الأسرى الفلسطينيين انضم محمد أبو وردة إلى كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، خلال فترة دراسته في بداية انتفاضة الأقصى، خاصة بعد استشهاد القائد يحيى عياش سنة 1996.
ليقوم بعدها أبو وردة بالتخطيط مع الأسير حسن سلامة بتنظيم عملية استشهادية ثأراً لاستشهاد يحيى عياش، الشيء الذي أسفر عن مقتل 45 إسرائيلياً، وإصابة أكثر من 100 آخرين، في عملية كانت مباغتة حينها للاحتلال الإسرائيلي.
بعد تنفيذ العملية الأخيرة بيومين وبتاريخ 4 مارس/آذار 1996، قامت الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية باعتقال محمد أبو وردة ليقضي على أثرها ما يزيد على 5 سنوات في سجن أريحا، ثم خرج من سجون السلطة ليعود إلى مدينة الخليل مطلوباً للاحتلال الصهيوني، وقام الاحتلال بعدها بإغلاق منزل والده وهدم منزل عمه.
بعد إطلاق سراح أبو وردة من سجون السلطة، وعودته إلى مدينة الخليل، تزوّج سنة 2002، وعاش وزوجته حياة المطاردين، حيث مكث معها شهرين فقط، ثم خرج من البيت بعد اجتياح قوات الاحتلال لمدينة الخليل، وظل مطارداً 7 شهور أخرى، إلى أن تم اعتقاله في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2002.
السجن وصفقة وفاء الأحرار
بعد اعتقاله سنة 2002 حكم الاحتلال الإسرائيلي على محمد أبو وردة بالمؤبد 48 مرة، وهو من بين أعلى الأشخاص في الأحكام بإسرائيل بعد عبد الله البرغوثي صاحب أعلى مدة حكم، التي تصل إلى 67 مؤبداً، وأكثر من 5 آلاف سنة، وهناك آخرون تتجاوز مدة محكومياتهم عشرات المؤبدات وآلاف السنين.
اتُّهم أبو وردة بتجنيد 3 استشهاديين من كتائب عز الدين القسام، وهم الذين قاموا بعملية 1996 التي قتلت 45 إسرائيلياً، بعد اعتقال محمد بـ5 شهور، رُزق بمولوده الوحيد حمزة، ورغم محاولات العائلة اصطحابه مراراً وتكراراً لزيارة والده، إلا أن الاحتلال منعهم من ذلك، حتى بلغ السنة والنصف.
لم يكتف الاحتلال بذلك، ففي سنة 2011 اعتقل الاحتلال زوجته لمدة 4 أشهر من التحقيق، وخلال فترات سجنه خاض أبو وردة العديد من الإضرابات، وكان من أبرز هذه الإضرابات إضراب 2012، وقد انتظر محمد أبو وردة بارقة أمل بالإفراج عنه من سجون الاحتلال في صفقة شاليط، لكن عائلته تفاجأت برفض الاحتلال الإفراج عنه.
لا يزال أبو وردة في سجون الاحتلال بعد 20 سنة من اعتقاله، وهو من الأسماء التي رفض الاحتلال الإفراج عنها في أي صفقة لتبادل الأسرى بسبب ما يدعيه الاحتلال أنه من بين أخطر الفلسطينيين في المقاومة.