حسب القناة 13 الإسرائيلية اقترحت تل أبيب، مساء 20 ديسمبر/كانون الأول، صفقة لإطلاق قرابة 40 أسيراً إسرائيلياً عند المقاومة في قطاع غزة مقابل أسرى فلسطينيين بارزين في سجون الاحتلال التي تعدى مدة الحكم على بعضهم آلاف السنين من بينهم الأسير عثمان بلال، فيما أبلغت حماس رفضها إجراء أية صفقة قبل الوقف الكامل لإطلاق النار.
فيما تهيّئ تل أبيب مواطنيها لاحتمال اتخاذ قرارات صعبة تشمل تقديم تنازلات، كإطلاق سراح أسرى فلسطينيين تصنّفهم "خطيرين"، في إطار التوصل إلى اتفاق جديد لتبادل الأسرى مع حركة المقاومة "حماس".
يقصد بالأسرى الخطيرين المعتقلين الفلسطينيين الذين صدرت في حقهم أحكام مشددة وطويلة يصل بعضها إلى عشرات المؤبدات.
بعد هذا القرار بدأت العديد من الأسماء المعتقلة في سجون الاحتلال تعود إلى الواجهة، من بينهم الأسير عثمان بلال الذي سجنه الاحتلال الإسرائيلي سنة 1995، ويرفض الإفراج عنه في أية صفقة لتبادل الأسرى بينه وبين المقاومة.
من هو الأسير عثمان بلال؟
الأسير "عثمان سعيد بلال"، البالغ من العمر 53 عاماً، ولد في مدينة نابلس الفلسطينية، ينتمي إلى عائلة مجتهدة، فهو ابن الشيخ سعيد بلال، أحد رجالات الرعيل الأول للإخوان المسلمين في فلسطين، والذي دخل السجون منذ أوائل الثمانينيات بسبب نشاطه الجهادي.
نشأ عثمان بلال في أحضان المساجد، وترعرع في مدرسة الإخوان المسلمين، فقد انضم لكتائب الشهيد عبد الله عزام، قبل أن تندمج مع كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
لم يكن عثمان الشخص الوحيد في عائلته الذي تعرض للاعتقال من قبل الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ اعتقل أشقاؤه الأربعة، بكر، وعمر، ومعاذ، وعبادة، وحتى والدته لم تسلم من الاعتقال، مرة للضغط على زوجها خلال اعتقاله في الثمانينيات، ومرة أخرى عام 2009 عندما اعتقلت لمدة يومين رغم كبر سنها، للضغط على أبنائها المعتقلين.
كان عثمان بلال الساعد الأيمن للأسير القائد عبد الناصر عيسى، الذي كان يقود إحدى الخلايا العسكرية تحت إشراف مباشر من العياش.
وبتوجيهات من العياش، خططت الخلية، بالاشتراك مع خلية أخرى في القدس يقودها الشهيد محيي الدين الشريف، لعمليتين استشهاديتين، نفذت الأولى في 24 يوليو/تموز 1995، في "رمات غان" قرب تل أبيب، تسببت في مقتل مستوطنين وجرح عشرات آخرين.
العملية والاعتقالات المستمرة
اعتقل عثمان للمرة الأولى سنة 1993، على خلفية عملية قتل اثنين من جنود الاحتلال في الثكنة العسكرية المقامة على سطح عمارة العنبتاوي وسط نابلس، وخضع لتحقيق قاسٍ استمر لأكثر من 90 يوماً، ولم يستطع المحققون إثبات أية تهمة ضده، فحكم عليه بالسجن عاماً واحداً.
بعد الإفراج عنه سنة 1994 لم يسلم عثمان من الاحتلال الإسرائيلي؛ إذ تعرض لمحاولة اغتيال من قبل مستعربين وسط المدينة، إلا أن الرصاصة أصابت كتفه، لينقل إلى المستشفى في حالة خطيرة، فيما تمكن الأطباء من إنقاذ حياته.
وبتاريخ 24 يوليو/تموز 1995 أشرف عثمان بلال على عملية استشهادية في "رامات جان" قرب "تل أبيب" نفذها الاستشهادي لبيب عازم، تسببت في مقتل 7 مستوطنين وإصابة 35 آخرين بجراح مختلفة. قبل يومين فقط من تنفيذ العملية الثانية سنة 1995 تم اعتقال عثمان بعد اعتقال عبد الناصر، في خطوة من قوات الاحتلال التي كانت تمتلك معلومات دقيقة حول نية تنفيذ عملية ثانية، دون معرفة المكان أو الزمان أو الطريقة أو حتى هوية الفاعل.
خضع "عثمان" لتحقيق صارم وعنيف على يد محققي "الشاباك"، الذين انتهكوا حقوقه بأشد أنواع التعذيب، بحثاً عن أية معلومة تساعدهم في منع العملية المرتقبة. ومع ذلك، بقي "عثمان" قوياً وصامداً حتى تأكيد تنفيذ العملية في "رمات أشكول" في مدينة القدس التي نفذها الاستشهادي سفيان جبارين، وقتل فيها 5 مستوطنين وأصيب 100 آخرون بجراح.
زيارات ممنوعة والدراسة داخل السجن
"عثمان" استمر في مسيرة تعليمه رغم قسوة السجن، حيث انضم إلى الجامعة العبرية المفتوحة لدراسة العلوم السياسية. كانت هذه الخطوة تحدياً لصعوبات فرضتها إدارة السجون، ولكنه تغلب على العقبات؛ إذ حقق إنجازاً كبيراً بالحصول على شهادة البكالوريوس في التاريخ من جامعة الأقصى في غزة.
حالياً، يُحتجز "عثمان" في سجن "جلبوع"، حيث يبتعد عن شقيقه معاذ، الذي حكم عليه أيضاً بالسجن المؤبد 27 مرة ويُحتجز في سجن نفحة. تم فصل الشقيقين بوحشية خلال عملية قمع في سجن "ريمون" أثرت على العديد من الأسرى.
تمنع السجون زيارة "عثمان" إلا لشقيقته الوحيدة، بينما يتعين على شقيقه عمر الحصول على تصريح استثنائي نادر للزيارة. ومن جهة أخرى، لم تتمكن والدته من زيارته منذ انتقالها للعيش مع ابنها عبادة، الذي تم الإفراج عنه في إطار صفقة "وفاء الأحرار" وتم نقله إلى غزة.