تعتبر كتائب شهداء الأقصى، إحدى أبرز الفصائل العسكرية الفلسطينية التابعة بشكل غير مباشر لحركة فتح، تأسست مع اندلاع انتفاضة الأقصى يوم 28 سبتمبر/أيلول 2000، وقدمت مئات الشهداء والأسرى، فما الذي نعرفه عن هذه الكتائب وتاريخها؟
تأسيس كتائب شهداء الأقصى
ظهرت لأول مرة تنشئة كتائب "شهداء الأقصى" على يد ثابت ثابت، الذي كان يشغل منصب أمين سر حركة "فتح" في طولكرم، لكنه تعرض للاغتيال من قبل إسرائيل في نهاية عام 2000.
وكرد فعل على اغتياله، تكونت مجموعات صغيرة من مقاتلي حركة "فتح" وكان الفصيل العسكري المُسمى كتائب الشهيد الدكتور ثابت ثابت هو نواتها الأساسية، وقد تولى قيادتها رائد الكرمي، وأطلق عليها اسم "كتائب شهداء الأقصى".
تأسيس هذه الكتائب كان لسببين:
الأول: وهو الثأر لثابث ثابت الذي اغتالته إسرائيل أمام منزله في مدينة طولكرم تزامناً مع ذات يوم ذكرى انطلاقة حركة فتح كونه كان أحد قادتها.
والثاني: كان مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين في المسجد الأقصى، لا سيما عقب اقتحام زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرييل شارون باحات المسجد الأقصى، تحت حماية نحو ألفين من الجنود والقوات الخاصة، والتي تبعتها مواجهات عنيفة أوقعت عدة شهداء فلسطينيين، إضافة إلى اندلاع احتجاجات في جميع المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسُميت "انتفاضة الأقصى".
نفذت كتائب شهداء الأقصى عمليات نوعية في الضفة الغربية وقطاع غزة كما نفذت عمليات في عمق المدن الإسرائيلية، وأطلقت المئات من الصواريخ باتجاه مواقع إسرائيلية، وبشكل خاص مع قيادة مروان البرغوثي لها، في حين استمر تواجد هذه الكتائب في الضفة الغربية وقطاع غزة حتى عام 2005.
قيادتها سرية، وللرئيس عرفات فضلٌ في تأسيسها
وبحسب موقع "الجزيرة نت"، فإن القيادة التأسيسية للحركة لا يصرح بها بسبب سرية العمل العسكري، وأن الرئيس الراحل ياسر عرفات له فضلٌ في تأسيسها، وأن الكثير من زعماء فتح لم يتبنوا تأسيس الكتائب ولكنهم في الوقت ذاته لم يتنصلوا منها، إلا أنهم زعموا عدم وجود علاقة إشراف وأنهم لم يمارسوا قط سيطرة فعالة على "كتائب شهداء الأقصى".
وأضاف الموقع أنّ كتائب شهداء الأقصى كشفت في بياناتها عن فضل عرفات في وجودها وأنه كان داعماً في تأسيسها.
أكثر ما ميز كتائب شهداء الأقصى هو نظامها "اللامركزي"، فعلى عكس الكتائب الأخرى التي كانت تتبع هيكلاً تنظيمياً وقيادة مرجعية واحدة، كانت شهداء الأقصى عبارة عن مجموعات متعددة تنشط كل منها في نطاق جغرافي معين.
وبحسب موقع "مراقبة حقوق الإنسان"، فإن عناصر كتائب شهداء الأقصى هم مواطنون عاديون مرتبطون بفتح ويتحركون رداً على الهجمات الإسرائيلية، بوسع أي شخص الانضمام إليهم لحماية الفلسطينيين.
أيديولوجية علمانية تلتزم بأهداف ومبادئ حركة فتح
تعتبر كتائب شهداء الأقصى، كتائب تحرر وطني ذات توجه علماني، إذ تقول في موقعها الرسمي إنها خرجت من رحم "فتح" وإنها تلتزم بالقيم والأهداف والمبادئ الأساسية لحركة فتح، مؤكدة أنها "حركة وطنية ثورية مستقلة"، وأن "فلسطين جزء لا يتجزأ من الوطن العربي" وأن الشعب هو صاحب الحق في تقرير مصيره.
كما نصت المبادئ التي أوردتها الكتائب على أن "الثورة الشعبية المسلحة هي الطريق الحتمي الوحيد لتحرير فلسطين".
مؤكدة أن أهدافها هي مقاومة الاحتلال، ومحاربة الفساد في السلطة الوطنية، ومحاربة العملاء المتعاونين مع الاحتلال.
ما أبرز كتائب شهداء الأقصى؟
يتبع لكتائب شهداء الأقصى العديد من المجموعات مثل:
- فرسان الليل
- صقور الفتح
- لواء العاصفة
- كتائب ياسر عرفات
- مجموعة أيمن جودة
- مجموعة نبيل مسعود
- لواء جهاد العمارين
- لواء أبو جهاد
حل كتائب شهداء الأقصى وعودتها بعد 16 عاماً
في 2007، أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرسوماً أعلن فيه حل كتائب شهداء الأقصى بشكل رسمي وضم عناصرها للأجهزة الأمنية الفلسطينية من أجل فتح مسار سياسي مع الاحتلال الإسرائيلي.
وذلك بناء على اتفاق مع إسرائيل يقضي بتسليم سلاح الكتائب ومنع عملياتها العلنية والسرية، في مقابل وقف سلطات الاحتلال ملاحقة عناصرها وإصدار عفو نهائي عنهم.
هذا الاتفاق فُرض قسراً، عبر سلسلة من الحملات الأمنية شنّتها السلطة الفلسطينية عامي 2007 و2008، على مراكز كتائب الأقصى، واستهدفت الخلايا التي رفضت القرار، خصوصاً في مخيمي جنين وبلاطة، وتم اعتقال العشرات من قادة الكتائب إثر ذلك.
فيما كان مسلحو الكتائب يظهرون بسلاحهم في مختلف المناسبات دون أن تتبناهم حركة فتح رسمياً.
وبعد نحو 16 عاماً وتحديداً في عام 2021، أعادت كتائب "شهداء الأقصى" تسليح عناصرها، بعد اشتعال معركة "سيف القدس" التي أطلقت إسرائيل خلالها عملية "حارس الأسوار" ضد قطاع غزة وأيضاً بعد أحداث الشيخ جراح في القدس.
وقد لعبت الكتائب دوراً كبيراً في قتال قوات الاحتلال إلى جانب كتائب المقاومة الفلسطينية في غزة.
أبرز العمليات العسكرية التي نفذتها كتائب شهداء الأقصى
على مر السنين، لعبت الكتائب دوراً هاماً في النضال المسلح الفلسطيني، حيث نفذت العديد من العمليات العسكرية ضد أهداف إسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل إسرائيل. بعض هذه العمليات التي تبرز بشكل خاص تشمل:
- عملية كفار داروم في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2000.
- عملية وزارة الدفاع الإسرائيلية في 5 أغسطس/آب 2001.
- عملية حاجز عين عريك في 19 فبراير/شباط 2002.
- عملية عيون وادي الحرامية في 3 مارس/آذار 2002.
- عملية مستوطنة نتساريم وتفجير دبابة ميركافا داخلها في 14 مارس/آذار 2002.
- عملية كفار ديروم في 8 مايو/أيار 2003.
- عملية معبر بيت حانون في 26 فبراير/شباط 2004.
- عملية كسوفيم في 23 يونيو/حزيران 2005.
ما دور كتائب شهداء الأقصى في عملية طوفان الأقصى؟
منذ إطلاق عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت كتائب شهداء الأقصى حالة الحرب المفتوحة لمقاتليها وكافة خلاياها العسكرية في كل أنحاء الضفة والداخل المحتل للالتحام في المعركة.
فيما خاضت الكتائب أيضاً مواجهات عنيفة ضد الاحتلال في جنين ونابلس، واستهدفت العديد من الآليات العسكرية والمستوطنات.