رغم قبوع حسن سلامة في سجون الاحتلال منذ سنة 1994، حكمت عليه محكمة مصرية بالإعدام سنة 2015 في قضية الهروب من سجن وادي النطرون، فيما تطالب أمريكا إسرائيل تسليمه إليها لمحاكمته بمقتل جنديين أمريكيين لكن إسرائيل رفضت ذلك.
يعود اسم سلامة إلى الواجهة مع بعض الأسماء الفلسطينية، التي يرفض الاحتلال الإسرائيلي الإفراج عنها أو إطلاق سراحها في أي عملية تبادل للأسرى، والتي حكم عليها في محاكم الاحتلال بآلاف السنين.
اتهمت إسرائيل سلامة بتفجير وقتل عشرات المستوطنين، إذ يعتبر صاحب ثالث أطول فترة حكم في السجون الإسرائيلية بعد عبد الله البرغوثي وابراهيم حامد، ورفض الاحتلال الإفراج عنه ضمن صفقة تبادل الأسرى – صفقة شاليط – سنة 2011.
مَن هو حسن سلامة؟
وُلد حسن عبد الرحمن حسن سلامة، في مخيم خانيونس اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة في 9 أغسطس/آب 1971، وينحدر من قرية الخيمة في قضاء الرملة، وقد حصل على شهادة الثانوية في مسيرته العلمية.
منذ نعومة أظفاره، ارتبط حسن سلامة بالشهيد ياسر النمروطي القائد الأول لكتائب القسام، حيث نمت بينهما علاقة محبة وود، رغم الفارق العمري. كما كان يتابع حياة قائد حماس يحيى السنوار ويحاول الاقتداء به.
دخل حسن سلامة إلى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في قطاع غزة، حيث استكمل دراسته الثانوية العامة. كما شارك في الدروس العلمية التي كانت تُقام في مسجد الإمام الشافعي بمنطقة سكنه.
نشأ حسن سلامة في بيئة هادئة، حيث شملت تربيته المشاركة في الندوات العامة، والمشاركة في نشاطات الحركة والإخوان المسلمين. كما شارك بفعالية في مباريات المجمع الإسلامي ونشاطات الطلاب في المدارس.
انضم سلامة إلى حركة حماس ذات المرجعية الإسلامية، وكان قائداً عسكرياً شارك في الانتفاضة الأولى والعديد من الاشتباكات الفلسطينية والإسرائيلي.
حسن سلامة والنضال ضد المحتل
حسن سلامة، واحد من رواد الانتفاضة الفلسطينية الأولى ضد الاحتلال الإسرائيلي، شهدت بدايتها نهاية عام 1987. شارك بفعالية في رمي الحجارة والزجاجات الحارقة نحو قوات الاحتلال. في الفترة من عام 1988 حتى 1992، أُلقي القبض عليه 5 مرات وتم اعتقاله إدارياً، حيث أمضى كل مرة 6 أشهر خلف القضبان، دون وجود تهمة رسمية أو محاكمة.
تصاعدت سلسلة الاعتقالات لتشمل أفراد المجموعة التي كان ينتمي إليها. لمواجهة هذا الوضع، قرر الخروج من فلسطين في عام 1992، حيث خضع لتدريبات عسكرية في سوريا وإيران وليبيا والسودان.
عاد إلى قطاع غزة بعد عامين، وخلال بداية حكم السلطة الفلسطينية في عام 1994، اعتُقل برفقة الشهيد عماد عباس وأمضى 6 أشهر في سجونها قبل أن تتدخل حركة حماس، ويتم إطلاق سراحه.
تطورت مشاركته في النضال، حيث أصبح عضواً فاعلاً في "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس. وعمل مباشرة مع القائد العام للكتائب، محمد الضيف.
انتقل بعدها حسن سلامة إلى الضفة الغربية، حيث استمر في نشاطه العسكري من مدينة الخليل. شارك في تشكيل مجموعات جهادية تابعة لكتائب القسام في الضفة الغربية، وكان له دور بارز في وضع خطة مسلحة كرد على اغتيال الاحتلال للقائد يحيى عياش ضمن ما يعرف بـ"عمليات الثأر المقدّس".
خطط حسن سلامة لعدة عمليات مسلحة تسببت في خسائر كبيرة لقوات الاحتلال الإسرائيلية، إذ أسفرت عن مقتل 46 إسرائيلياً، وإصابة العشرات. فيما قام الاحتلال بتكثيف جهوده في محاولة للقبض عليه ومتابعة نشاطه ونشاط الأفراد المرتبطين به.
كانت تلك العمليات سبباً في بدء الاحتلال سلسلة من المداهمات وعمليات الرصد والمتابعة لسلامة ولمن حوله. كما شهدت غزة والضفة إغلاقاً وحصاراً بسبب هذه الأحداث، حيث تم تصنيف سلامة كـ"مطلوب أول" على رأس القائمة الأمنية.
إلقاء القبض عليه وحكم بالمؤبد
بعد مطاردة طويلة ومشوار حياة معقد، واجه حسن سلامة حاجزاً عسكرياً للاحتلال الإسرائيلي. بعد أن أوقفته قوات الاحتلال الإسرائيلية نزل من سيارته وشرع في الهروب، ولكن جنود الاحتلال تبادلوا إطلاق النار عليه حتى أُصيب. تم نقله إلى مستشفى في الخليل، جنوبي الضفة الغربية، بواسطة بعض الفلسطينيين الذين شاهدوا الحادث٬ لكن قوات الاحتلال داهمت المشفى وقامت باعتقاله في في 17 مايو/أيار 1996.
حكمت إسرائيل على حسن سلامة بالسجن المؤبد 48 مرة، ليكون بذلك من الأسرى الأعلى حكماً في تاريخ الصراع مع الاحتلال. تشير التهم الموجّهة إليه إلى انتمائه إلى حركة حماس ومشاركته في "عمليات الثأر المقدس"، التي كانت رداً على اغتيال إسرائيل للقائد القسامي يحيى عياش.
وقد اتُّهم سلامة أيضاً بالمشاركة في مجموعات الصاعقة وتزويد حماس بالمتفجرات، بالإضافة إلى قتله لأكثر من 46 جندياً إسرائيلياً. حين اعتقلته إسرائيل، كان مصاباً برصاص الاحتلال، ما استدعى بقاءه في أحد المستشفيات المدنية في إسرائيل والتحقيق معه وتعذيبه وهو جريح.
وفي خطوة مثيرة للجدل، طالبت الولايات المتحدة إسرائيل بتسليم حسن سلامة لمحاكمته في واشنطن، مشيرة إلى وجود أمريكيين بين ضحايا العمليات التي نسقها سلامة. ورغم ذلك، رفضت إسرائيل الطلب وأصرّت على الاحتفاظ به.
تعرّض حسن سلامة لفترة طويلة من العزلة خلال فترة اعتقاله، حيث قضى 13 عاماً في السجن الانفرادي. لكن تم رفع العزلة بعد إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام في عام 2012. في هذه الفترة، حافظ سلامة على قراءة القرآن وتعلم اللغة العبرية.
تمت محاكمته بتهم متعددة، ولكن في صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل في عام 2011، رفض الاحتلال الإسرائيلي إطلاق سراحه. يظل حسن سلامة، الذي يلقبه الفلسطينيون بـ"بطل عمليات الثأر"، في سجون الاحتلال، بعد رفض الاحتلال الإفراج عنه في إطار صفقات تبادل الأسرى.
أسير في سجون إسرائيل ومحكوم بالإعدام في مصر
رغم وجود حسن سلامة في السجون الإسرائيلية منذ 29 سنة إلا أنه لم يسلم من اتهامات أخرى، ففي 16 مايو/ أيار سنة 2015 أحالت محكمة جنايات القاهرة، التي انعقدت في مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة، أوراق حسن سلامة -مع لائحة طويلة تتضمن الرئيس المصري الراحل محمد مرسي وعناصر من حركة حماس- على مفتي الجمهورية في القضية المشهورة إعلامياً بـ"الهروب من سجن وادي النطرون" وحكمت عليه بالإعدام.
وعلى إثرها ومن داخل الأسر في السجون الإسرائيلية، عبّر حسن سلامة عن رأيه في الحكم الصادر ضده من القضاء المصري، واعتبره "وسام مصر" لأسير فلسطيني في ذكرى اعتقاله العشرين، تكريماً له على السنوات الطويلة من العذاب والألم والمعاناة.
في رسالة نشرها مركز أحرار لدراسات الأسرى، شكر سلامة مصر على الحكم، وأعرب عن رأيه بأن حكم الإعدام أرحم من الاحتلال الإسرائيلي الذي رفض إعدامه. ختم رسالته بالتأكيد على أن الموت لا يخيفه والسجن لا يرهبه، معبراً عن الأمل في الله وثقته في إخوانه في كتائب القسام.