منذ بداية الحرب على غزة عادت إلى الواجهة العديد من الشخصيات الفلسطينية التي حكمت عليهم المحاكم الإسرائيلية بمئات سنوات السجن، والتي ترفض أن تفرج عنهم تحت أي صفقة لتبادل الأسرى، من بينهم عبد الناصر عيسى وعبد الله البرغوثي وغيرهما.
من بين هؤلاء السجناء نجد أيضاً وائل قاسم، وهو أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية منذ أزيد من 20 سنة، والذي يرفض الاحتلال الإفراج عنه؛ إذ صنف من بين أعضاء واحدة من أشد الخلايا العسكرية فتكاً بالاحتلال في تاريخ إسرائيل.
وائل قاسم هو أحد مسؤولي خلية سلوان العسكرية، التابعة لـ"كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، كما أدان الاحتلال الأسير وائل، مع 3 أسرى آخرين، بتنفيذ عدة عمليات مقاومة، رداً على انتهاكات الاحتلال في القدس، واقتحام المسجد الأقصى المبارك.
وائل قاسم.. من الولادة إلى الاعتقال
في 25 من مارس/آذار سنة 1971، رأى النور في حي سلوان بالقدس الأسير وائل محمود محمد علي قاسم، الملقب بـ"أبو مصعب". تلقى تعليمه الإعدادي في مدرسة سلوان، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة الرشادية. نال شهادة الدبلوم في المحاسبة وبرمجة الكمبيوتر من الكلية الإبراهيمية في القدس.
انطلقت مسيرته المهنية كمحاسب في إحدى الشركات، لكنه انتقل بعد ذلك إلى مجال البناء والمقاولات. يتمتع وائل بحياة عائلية، إذ تزوج ولديه 4 أبناء، من بينهم مصعب (18 عاماً)، ويتابع دراسته في الثانوية العامة، بالإضافة إلى كل من إنس وخديجة وآلاء.
اعتقل الاحتلال الإسرائيلي وائل قاسم لأول مرة وهو في سن 26 عاماً؛ إذ قبع في السجون الإسرائيلية لمدة 70 يوماً، ثم أُطلق سراحه بعد عدم ثبوت أي تهمة بحقه، وبعد 5 سنوات من هذا الاعتقال وبالضبط في 18 أغسطس/آب سنة 2002 اعتقل وائل مرة أخرى مع صديقه علاء الدين عباسي في أحد الأحياء اليهودية في القدس الغربية بعد أن قامت المخابرات الإسرائيلية بكشف المجموعة العسكرية التي كان يترأسها.
اقتيد وائل قاسم بعدها إلى مركز تحقيق المسكوبية، وبعد ساعات من اعتقاله داهموا منزله في حي سلوان، وأخذوا يهددون بهدم البيت وترحيل عائلته منها، خلال فترة التحقيق معه طرد الاحتلال الاسرائيلي عائلته من القدس إلى بلدة أبو ديس.
أطول حكم للأسرى المقدسيين
يُعد الأسير المقدسي وائل قاسم صاحب أطول حكم بالقدس، إذ يقضي حكماً بالسجن المؤبد لمدة 35 عاماً، بالإضافة لـ50 عاماً، بما يعادل 3515 عاماً، واتهمته سلطات الاحتلال بالمسؤولية عن عملية فدائية أدت لمقتل 35 إسرائيلياً.
وفقاً للوائح الاتهام التي نشرتها مؤسسة التضامن، يظهر أن وائل محمود علي قاسم، كان له دور بارز كعقل مدبر وقائد لعدة عمليات تفجيرية داخل الأراضي المحتلة سنة 2002. إذ بدأ قاسم بتنظيم أفراد المجموعة وتحديد أهداف لتحقيق أقصى قدر من الخسائر بصفوف الاحتلال.
تكشف اللوائح أن اللقاءات بين قاسم وعرمان كانت تحدث في بلدة بيت أكسا قضاء القدس. هناك، قام قاسم بتزويد عرمان بمعلومات حول الأماكن المستهدفة داخل المناطق المحتلة، فيما كان عرمان يعمل على تجهيز العبوات الناسفة لتنفيذ الهجمات. بعد ذلك، قام قاسم بنقلها إلى القدس.
تمت العمليات بعد سلسلة من التحضيرات، حيث نفذت المجموعة أول هجوم في مقهى مومنت، أسفر عن مقتل 11 إسرائيلياً. بعد هذا الحادث، تغيّر نمط الهجمات للابتعاد عن المشاركة البشرية.
قاد قاسم مع الأسير وسام عباسي هجوماً على سيارة شرطة إسرائيلية في مستوطنة "بسكات زئيف". وفقاً للادعاء، استمرت المجموعة في أنشطتها في أنحاء الأراضي المحتلة؛ حيث تم التخطيط لهدف جديد في تل أبيب، أسفر عن مقتل 15 إسرائيلياً في نادي "شبيلد كليب" في ريشون ليتسيون.
وائل وفشل المخابرات الإسرائيلية
في تقدم مستمر لعمل المجموعة وفشل جهود المخابرات الإسرائيلية في اكتشافها، قام وائل محمود علي قاسم بتطوير تكنولوجيا التفجير عن بُعد لتعزيز هجماتها. بعد مشاورات بين قاسم والأسير محمد عرمان، طلب الأخير من قاسم استهداف مواقع إسرائيلية حساسة، بما في ذلك القطارات وصهاريج الوقود.
وفقاً للوائح الاتهام، قام الأسيران وسام عباسي ومحمد عودة، بتوجيهات من قاسم، برصد صهريج وقود في مدينة "حولون"، حيث تم تتبع مساره إلى كراج للشاحنات في موقع "بي كليلوت". قام قاسم بإلصاق عبوة ناسفة في الصهريج، وعند وصوله إلى الموقع، قام بتفجيرها عن بُعد باستخدام هاتف نقال.
بعد هذه العملية، تفضّل قاسم بتنفيذ الهجمات بواسطة التفجير عن بُعد، حيث قاد مع وسام عباسي هجوماً على سيارتي شرطة وسيارة خاصة في منطقة التلة الفرنسية بالقدس. تم إلصاق 3 عبوات ناسفة على السيارات، وتم تفجيرها عندما كانت في طريقها إلى العمل صباحاً، ولحسن الحظ لم يكن أحد داخل السيارات.
وفقاً للوائح الاتهام، شارك قاسم بفحص أماكن سير القطارات في المناطق المحتلة، حيث تم رصد السكة الحديدية في مدينة اللد بتوجيهات من عرمان. وفي إحدى الهجمات، وضع قاسم عبوة ناسفة على سكة القطار، وعند اقتراب القطار، قام بتفجيرها عن بُعد، ما أدى إلى جرح 4 إسرائيليين وحدوث أضرار أخرى.
بالإضافة إلى ذلك شارك وائل قاسم في الهجوم على الجامعة العبرية عام 2002، ما أسفر عن مقتل 9 إسرائيليين آخرين.
وبالنظر إلى تفاصيل الخطط التي وضعتها الخلية يتبين أن مجموعة قاسم أحدثت خرقاً كبيراً في السياج الأمني الذي وضعته إسرائيل لحماية منشآتها ومواطنيها من هجمات المقاومة الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى.