منذ بداية الحرب على غزة، بعد طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول، عادت إلى الواجهة العديد من الشخصيات الفلسطينية التي يحتجزها الاحتلال الإسرائيلي منذ عشرات السنين، والذي يرفض أيضاً إطلاق سراحها في عمليات تبادل الأسرى.
من بين هؤلاء الشخصيات نجد أحمد سعدات، وهو سياسي فلسطيني تقلّد منصب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سنة 2001، فيما قام الاحتلال الإسرائيلي بإلقاء القبض عليه سنة 2006 مع مجموعة من أصدقائه، فيما حُكم عليه بالسجن 30 عاماً في المحاكم الإسرائيلية سنة 2008.
من هو أحمد سعدات؟
وُلد أحمد سعدات في 23 فبراير 1953، في مدينة البيرة، وسط أسرة نزحت من قريتها الأصلية دير طريف بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين في عام 1948.
ترعرع أحمد سعدات في ظل الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين ودرس في مدارس الأونروا والهاشمية الثانوية، حيث أتقن الرياضيات في معهد المعلمين برام الله، ليتخرج بعدها في عام 1975.
انضم سعدات إلى الجبهة الشعبية في عام 1969، حيث برع في العمل الطلابي قبل أن يسطع نجمه في صفوف الجبهة. تم انتخابه عضواً في اللجنة المركزية العامة في المؤتمر الرابع للجبهة عام 1981، وكان يشغل في الوقت نفسه عضوية في لجنة فرع الضفة.
انتُخب سعدات بعدها عضواً في اللجنة المركزية العامة، في الوقت نفسه الذي كان عضواً في لجنة فرع الضفة. ومنذ العام 1994، أصبح مسؤولاً عن فرع الضفة. وفي المؤتمرين الخامس والسادس للجبهة، اللذين عُقدا سنة 1993 ثم سنة 2000 على التوالي، أُعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية والمكتب السياسي.
انتُخب أحمد سعدات أميناً عاماً لجبهة التحرير الفلسطينية بعد اغتيال أبو علي مصطفى، إذ اجتمعت اللجنة المركزيَّة للجبهة الشعبيَّة في أكتوبر/تشرين الأول سنة 2001. ويعتبر سعدات ثالث أمين عام للجبهة، خلفاً لمؤسسه الدكتور جورج حبش، والقائد المغتال أبو علي مصطفى.
سعدات والاعتقالات المتكررة
تم اعتقال سعدات مراراً وتكراراً من قبل قوات الاحتلال بسبب نشاطه في المقاومة. كان اعتقاله الأول سنة 1969، حيث قضى 3 أشهر في السجن. ثم أُعيد اعتقاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي سنة 1970، إذ قضى في السجن 28 شهراً.
أُعيد اعتقاله سنة 1973، إذ قضى 10 أشهر في السجن. ثم اعتُقل بعدها سنة 1975 لمدة 45 يوماً. تم اعتقاله في عام 1976 لمدة 4 سنوات. وفي عام 1985، تم اعتقاله لمدة سنتين ونصف. بعد الانتفاضة الأولى، تم اعتقاله إدارياً لمدة 9 أشهر في عام 1989.
بدأت مطاردة سعدات من قِبل قوات الاحتلال في عام 1989 بعد خروجه من السجن، واستمرت حتى عام 1992، حيث تم اعتقاله إدارياً لمدة 13 شهراً، على الرغم من منعه من الزيارات من قِبل إدارة السجون في الفترة بين عامي 1989 و1992.
وبعد خروجه من السجن، استأنف الاحتلال الإسرائيلي مطاردته، مما دفعه لمغادرة مدينة رام الله، التي كانت لا تزال تحت سيطرة إسرائيل، والانتقال إلى العيش في مدينة أريحا، وهي إحدى أوائل المدن الفلسطينية التي تم تسليمها للسلطة في ذلك الوقت.
الاعتقال الأخير ومعاناة في السجن
بعد توليه السلطة في مدينة رام الله، عاد القائد أحمد سعدات إليها وسط مطاردة مكثفة من قوات الاحتلال. وكان ذلك في ظل استمرار حملة الاعتقالات التي تعرّض لها، حيث تم اعتقاله من قبل السلطات الإسرائيلية في 14 مارس/أيار 2006، بعد انسحاب المراقبين الأمريكيين والبريطانيين من سجن أريحا.
وقد شهدت تلك الفترة اقتحاماً عسكرياً إسرائيلياً لمدينة أريحا، حيث حاصرت السجن وأطلقت صواريخ في المنطقة المحيطة، مما أدى إلى هدم أجزاء من السجن. تم اتهام سعدات ورفاقه بتنفيذ اغتيالات، بما في ذلك اغتيال زئيفي والعميد فؤاد الشوبكي.
وفي 25 ديسمبر/كانون الأول سنة 2008، صدر حكم بالسجن لمدة 30 عاماً على سعدات من قبل محكمة الاحتلال. خلال فترة اعتقاله، عانى سعدات من العزل الانفرادي لمدة تجاوزت عامين، فيما خاض عدة إضرابات عن الطعام احتجاجاً على هذا العزل وظروف اعتقاله.
وفي عام 2011، تعرض لمحاولة قتل داخل زنزانته عن طريق وضع أفعى، ورغم فشل المحاولة، فإنه استمر في تحمل ظروفه الصعبة. أحمد سعدات لم يكتفِ بالإضرابات الفردية عن الطعام، بل شارك في إضراب جماعي في عام 2011 مع القائد الحمساوي جمال أبو الهيجا، وخاض إضراباً آخر في عام 2012 استمر لمدة 28 يوماً.
كما شارك في إضراب تضامني مع أسرى حركة "فتح" في عام 2017. تلك الفترات شهدت نضاله الثابت وتحمل الصعاب، وفي أغسطس/آب 2016، بدأ إضراباً آخر دعماً للأسير بلال الكايد الذي أضرب احتجاجاً على اعتقاله الإداري.
رغم اعتقاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي أُعيد انتخاب سعدات سنة 2013 بالإجماع أميناً عاما للجبهة، بالإضافة إلى عضة في المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية.