كان سبباً في تغيير مسار الحرب.. “هجوم تيت” المفاجئ الذي شنته فيتنام الشمالية على الجنوبية سنة 1968

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/12 الساعة 15:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/12 الساعة 15:52 بتوقيت غرينتش
هجوم تيت، الفيتنام الشمالية| shutterstock

في نهاية يناير/كانون الثاني عام 1968، وخلال فترة الهدنة المعلنة خلال الحرب، للاحتفال برأس السنة القمرية الفيتنامية، المسماة "تيت"، قامت فيتنام الشمالية بشن واحد من أكثر الهجمات المفاجئة ضد فيتنام الجنوبية الموالية للنظام الأمريكي، والذي عرف باسم "هجوم تيت".

وقد شن الفيتكونغ والجيش الشعبي الفيتنامي سلسلة من الهجمات على أكثر من 100 هدف في جنوب فيتنام، وضمن ذلك العاصمة سايغون في ذلك الوقت، والقواعد العسكرية، والبعثات الدبلوماسية الأمريكية.

على الرغم من أن هذا الهجوم الذي قامت به فيتنام الشمالية لم يحقق جميع أهدافه المنشودة، ولم يكن السبب في إنهاء الحرب القائمة منذ سنة 1955، فإنه تمكن من إحداث عدة فروقات، من خلال إثارة عدة شكوك في المشهد السياسي، بعد اختراق بعض المواقع الحساسة، مثل سفارة الولايات المتحدة في سايغون، والحفاظ على سيطرتهم في عدة مناطق لفترة طويلة.

من احتفال بالسنة الجديدة إلى هجوم تيت

تعتبر عطلة عيد تيت، يوم 31 يناير/كانون الثاني، والتي يتم فيها الاحتفال بالعام القمري الجديد، أحد أهم الأعياد السنوية في فيتنام، الأمر الذي جعل هذا التاريخ، سنة 1968، فرصة مناسبة لإعلان هدنة غير رسمية في الحرب بين فيتنام الجنوبية وحلفائها، وفيتنام الشمالية.

وفي الوقت الذي كانت تظن فيه فيتنام الجنوبية وحلفاؤها من الولايات المتحدة الأمريكية أن الهدنة قائمة بالفعل، كانت الجهة المقابلة قد خططت بالفعل لشن هجوم يعتبر من بين أبرز الهجمات العسكرية المفاجئة التي تمت على مدار التاريخ.

هجوم تيت| wikipedia
هجوم تيت| wikipedia

فقد اختار القائد العسكري من الجهة الشمالية لفيتنام، الجنرال فو نجوين جياب، يوم الاحتفال كمناسبة لشن هجوم منسق من الهجمات المفاجئة بهدف كسر الجمود في فيتنام.

وقد كان القائد العسكري، بالتنسيق مع الرئيس الفيتنامي الشمالي هو تشي مينه، يهدف من خلال هذا الهجوم إلى التسبب في انهيار الجيش المضاد، وإثارة السخط والتمرد بين سكان فيتنام الجنوبية.

فيما كان الاعتقاد السائد بين قادة الجهة الشمالية حينها، أن التحالف بين فيتنام الجنوبية والولايات المتحدة غير مستقر، لذلك أعرب جياب عن أمله في أن يؤدي الهجوم إلى دق الإسفين الأخير بينهما وإقناع القادة الأمريكيين بالتخلي عن دفاعهم عن فيتنام الجنوبية.

هكذا كانت الاستعدادات لهجوم تيت

كان هجوم تيت مخططاً له منذ فترة طويلة، وذلك خلال فترة شن جياب وقواته في الجيش الشعبي سلسلة من الهجمات، خلال فترة خريف عام 1967، على الحاميات الأمريكية المعزولة في المرتفعات وسط فيتنام وعلى طول حدود لاوس وكمبوديا.

في 21 يناير/كانون الثاني 1968، بدأت قوات الجيش الشعبي عملية تمويه، من خلال شنها قصفاً مدفعياً ضخماً على خي سانه، الواقعة على الطريق الرئيسي من شمال فيتنام الجنوبية إلى لاوس. 

ما قبل هجوم تيت| wikipedia
ما قبل هجوم تيت| wikipedia

وبينما ركز رئيس فيتنام الجنوبية ليندون جونسون والجنرال ويليام ويستمورلاند اهتمامهما على الدفاع عن خي سانه، كان جيش جياب البالغ عدده 70 ألف جندي، يستعد لبدء هجوم تيت.

بداية الهجوم.. الشمال ضد الجنوب 

في الصباح الباكر من يوم 30 يناير/كانون الثاني 1968، هاجمت قوات الفيتكونغ 13 مدينة بوسط فيتنام الجنوبية، في الوقت الذي بدأت فيه العديد من العائلات احتفالاتها بالعام القمري الجديد.

بعد أربع وعشرين ساعة، ضربت قوات الجيش الشعبي الفيتنامي وفيت كونغ عدداً من الأهداف الأخرى في جميع أنحاء فيتنام الجنوبية.

وضمن ذلك المدن والبلدات والمباني الحكومية والقواعد العسكرية الأمريكية، وجيش جمهورية فيتنام في جميع أنحاء فيتنام الجنوبية، بإجمالي أكثر من 120 هجوماً.

هجوم تيت| wikipedia
هجوم تيت| wikipedia

كما تم الهجوم كذلك على السفارة الأمريكية في سايغون بطريقة جريئة، بعد أن دخلت مجموعة من أفراد الفيتكونغ إلى فناء السفارة قبل أن تدمره القوات الأمريكية.

ولقد أذهل هجوم تيت الجريء هذا على سفارة الولايات المتحدة، ونجاحه الأوّلي، المراقبين الأمريكيين والدوليين، الذين شاهدوا صوره التي تم بثها على شاشات التلفزيون فور وقوعه.

لكن على الرغم من نجاح جياب في تحقيق المفاجأة، فإن قواته كانت منتشرة بشكل ضعيف، وتمكنت القوات الأمريكية وقوات جيش فيتنام الجنوبية من التصدي بنجاح لمعظم الهجمات وإلحاق خسائر فادحة بفيت كونغ.

ما بعد هجوم تيت.. مذبحة هوي

بعد هجوم تيت، وقع قتال عنيف بشكل خاص في مدينة هوي، الواقعة على بعد نحو 50 ميلاً جنوب الحدود بين شمال فيتنام وجنوبها.

إذ احتدمت معركة هوس لأكثر من ثلاثة أسابيع بعد اقتحام قوات الجيش الشعبي وفيت كونغ للمدينة في 31 يناير/كانون الثاني، مما أدى بسهولة إلى سحق القوات الحكومية هناك والسيطرة على القلعة القديمة بالمدينة.

في بداية السيطرة على مدينة هوي، كانت الجبهة الوطنية لتحرير الجنوب تقوم بعمليات تفتيش من منزل إلى آخر، واعتقال موظفي الخدمة المدنية والزعماء الدينيين والمدرسين وغيرهم من المدنيين المرتبطين بالقوات الأمريكية أو بالنظام الفيتنامي الجنوبي، كما أعدموا من يسمون بأعداء الثورة ودفنوا جثثهم في مقابر جماعية.

ما بعد هجوم تيت| مواقع التواصل
ما بعد هجوم تيت| مواقع التواصل

اكتشفت القوات الأمريكية وجيش جمهورية فيتنام أدلة على المذبحة، ومعالم تدمير العديد من المعابد الكبرى والقصور وغيرها من الآثار، بعد أن استعادت السيطرة على المدينة يوم 26 فبراير/شباط.

إذ وقعت أصعب معارك مدينة هوي في القلعة القديمة، التي ناضل الفيتناميون الشماليون بشراسة للاحتفاظ بها ضد القوة النارية الأمريكية المتفوقة.

علامات:
تحميل المزيد