فرضت سنغافورة تكاليف خيالية على الراغبين في استخراج رخصة قيادة السيارات (شهادة الاستحقاق)، حيث بلغت تكلفة الرخصة لمدة 10 سنوات 104 آلاف دولار سنغافوري (76 ألف دولار أمريكي)، لتصبح السيارات بعيدة عن متناول المواطن العادي في سنغافورة، بحسب موقع CNN International الأمريكي، الخميس 5 أكتوبر/تشرين الثاني 2023.
الموقع الأمريكي أشار إلى أن شهادة الاستحقاق هذه تقتصر على الحق في شراء سيارة من الفئة "إيه A"، أي سيارة بمحرك صغير إلى متوسط الحجم سعة 1600 سنتيمتر مكعب أو أقل.
ووفقاً للموقع، فإن الذين يريدون سيارة أكبر حجماً أو أكثر بهرجة -مثل سيارة الدفع الرباعي- فصار يتعين عليهم أن يدفعوا 106.630 دولاراً أمريكياً (146.002 دولار سنغافوري) للحصول على ترخيص لقيادة السيارات من الفئة "بي B"، وذلك بعد أن كانت التكلفة 102.900 دولار (140.889 دولاراً سنغافورياً). وهذا كله فضلاً عن ثمن السيارة نفسها.
"كوتة التراخيص"
في عام 1990، استعانت سنغافورة بنظام "كوتة التراخيص" الذي يقيد الحصة السنوية من تراخيص المركبات في البلاد، لتقليل حركة المرور، وتقليص الانبعاثات في الدولة المتعطشة للمساحة، والتي يبلغ عدد سكانها 5.9 مليون نسمة، وقد كفلت لها هذه القوانين الافتخار بشبكة نقل رائعة.
أصبحت السيارات، بفضل هذا النظام، رفاهيةً بعيدة عن متناول المواطن العادي في سنغافورة، إذ تشير بيانات إدارة الإحصاءات إلى أن متوسط الدخل الشهري للأسرة في عام 2022 بلغ 7376 دولاراً (10.099 دولاراً سنغافورياً).
إلى ذلك قال ريكي جوه، وهو تاجر سيارات محلي، إنه "كاد يغشى عليه" حين سمع عن الزيادة الجديدة في تكاليف التراخيص، "لقد كنا نعاني ضعف المبيعات بالفعل، وهذا القرار سيزيد الطين بلة".
بينما قالت وونغ هوي مين، وهي أم لطفلين، إنها غالباً ما تستخدم سيارتها لقضاء احتياجات العائلة، ومع ذلك فإنها ربما تعيد النظر في اعتمادها على السيارة بعد هذا الارتفاع في تكلفة الرخصة: "أنا أقضي بها احتياجاتي، وأنقل بها أطفالي من المدرسة وإليها، وأستعين بها كذلك في توصيلهم إلى تمارين السباحة والدروس الخصوصية. ولذلك فإنني أحتاج حقاً إلى السيارة"، و"ركوب سيارات الأجرة أو الرحلات المشتركة في كل مكان ليس مناسباً لي".
كما أوضحت وونغ: "يتعين على الأسرة السنغافورية أن تدخر المال سنوات -في المتوسط- لشراء سيارة تساعد أفراد الأسرة في تلبية احتياجاتها"، لكني "لم أعد أدري ما إذا كنت أستطيع أن أتحمل تكاليف الاحتفاظ بسيارتي على المدى الطويل".
ضربة اقتصادية
في المقابل، يرى بعض سكان البلاد أن هذه الزيادة ليست إلا ضربة اقتصادية جديدة لهم؛ إذ يقول السكان إن العيش في سنغافورة -التي تأتي بالفعل في صدارة أغلى المدن في تكلفة المعيشة في العالم- صار باهظ التكلفة على نحو غير عادي في السنوات الأخيرة، لا سيما في ظل استمرار التضخم، وارتفاع تكاليف السكن، وتباطؤ النمو الاقتصادي.
أما مؤيدو نظام كوتة تراخيص السيارات، فيقولون إنه أسهم في تجنيب سنغافورة الازدحام الذي يحاصر معظم العواصم الأخرى في جنوب شرق آسيا، مثل بانكوك وجاكرتا وهانوي.
كما يرون أن من لا يستطيعون تحمل تكلفة رخصة القيادة يمكنهم الاستفادة من نظام النقل العام الواسع النطاق في سنغافورة، ويتوافر كذلك خيار الحصول على دراجة نارية بأسعار أقل، إذ تبلغ قيمة تراخيص قيادتها 7930 دولاراً (10.856 دولاراً سنغافورياً).