قالت وكالة Bloomberg الأمريكية في تقرير نشرته الجمعة 29 سبتمبر/أيلول 2023، إن أكبر أفراد العائلة الملكية في أصغر دول العالم، وهي ليختنشتاين، يرأس شركةً عائلية تتمتع برأسمال يبلغ مليارات الدولارات، وبتاريخ يمتد لقرابة 1000 عامٍ رغم كل ما عصف بها من حروب وفيضانات وفضائح.
إذ تعيش إمبراطورية التمويل الخاصة بالأمير هانز-آدم الثاني، أمير ليختنشتاين، فترة ازدهار اليوم بفضل مجال خبرتها الرئيسي: إدارة أموال أثرى أثرياء العالم.
شركة لعائلة ملكية تحقق مكاسب ضخمة
حيث أبلغت في شهر أغسطس/آب 2023، مجموعة LGT Group الخاصة بالعائلة الملكية، وهي شركة مصرفية خاصة لإدارة الأصول، عن بلوغها حجم أصول قياسي يُقدر بـ334 مليار دولار حتى الـ30 من يونيو/حزيران، بزيادة بلغت 6% منذ نهاية العام الماضي.
وأنهت المجموعة التي يقع مقرها في فادوتس، أعمالها بشراء شركة إدارة الصناديق الاستثمارية Abrdn Plc، التي تنشط في المملكة المتحدة ونيوجيرسي، لتنضم بذلك إلى ثلاثة استثمارات خارجية أخرى للمجموعة على الأقل منذ 2021.
وقال أوليفييه دي بيريغو (58 عاماً)، الرئيس التنفيذي للمجموعة، خلال مقابلةٍ أجراها مؤخراً: "نواصل بحثنا عن الاستثمارات. لكننا نركز على النمو الذاتي في المقام الأول".
يُمكن القول إن النمو السريع للمجموعة يعكس العودة التي حققتها ليختنشتاين عموماً على بعض المستويات. حيث كانت الدولة الصغيرة بسكانها البالغ عددهم 39 ألف نسمة على جبال الألب، تُعتبر ذات يوم من أسوأ الملاذات الضريبية سمعةً في العالم.
إذ ضاعفت المجموعة، التي يبلغ عمرها قرابة القرن، إجمالي الأصول التي تديرها ودخلها التشغيلي على مدار العقد الماضي، مما يعني أنها حققت انتعاشةً قوية إثر تعثر أعمالها بعد الأزمة المالية عام 2008، وذلك نتيجةً لاستهداف الولايات المتحدة والدول الأخرى للمراكز المالية الخارجية بسبب الأزمة.
كما انضمت LGT إلى قائمة الشركات التي تصطاد موظفي مصرف كريدي سويس السابقين بعد انهياره -واستحواذ مجموعة UBS Group AG عليه- ليساعدها ذلك في رفع إجمالي موظفيها إلى نحو 5000 موظف.
أمير ليختنشتاين يصعد في قوائم الأغنياء
أوضح الرئيس التنفيذي للمجموعة: "نعمل على التوظيف بشكل مكثف في الوقت الراهن. وليست صفقة كريدي سويس مع مجموعة UBS وسيلتنا الوحيدة للنمو بكل تأكيد".
علاوةً على أن الزخم الذي تعيشه المجموعة ساعد الأمير هانز-آدم الثاني على تسلق قوائم فاحشي الثراء، ليعزز الأمير صاحب الـ78 عاماً موقعه كأغنى ملوك أوروبا.
حيث صار الأمير، المالك المنفرد للمجموعة، يحتل الآن المرتبة الـ215 على قائمة أغنى أغنياء العالم بثروةٍ تصل إلى نحو 9.2 مليار دولار، أي إنه قفز 71 مرتبةً منذ بداية العام، بحسب مؤشر بلومبرغ للمليارديرات.
في حين يمتلك الأمير أهم أصول عائلته بصفةٍ شخصية، عكس ملوك أوروبا الآخرين مثل تشارلز الثاني ملك بريطانيا، مما يجعله صاحب أقدم ثروةٍ في تصنيف بلومبرغ للثروات.
عائلة أمير ليختنشتاين تستحوذ على أراضٍ كثيرة
ترجع أصول ثروة الأمير وعائلته إلى الأراضي التي استحوذوا عليها في القرن الـ12، والتي امتدت في وقتٍ من الأوقات لتغطي مساحات شاسعة من أراضي ألمانيا والنمسا والمجر والتشيك. وبدأت المجموعة العمل بـ10 موظفين في عام 1921، قبل أن تشتريها العائلة الملكية بعد عقدٍ كامل أثناء فترة الكساد الكبير.
وتولّى الأمير هانز-آدم زمام المجموعة في السبعينيات عندما كلفه والده بإعادة تنظيم إمبراطورية العائلة، التي كانت في حالة فوضى نتيجة سوء الإدارة ونزع ملكية الأراضي أثناء الحرب العالمية الثانية. وبعد إعادة الاستقرار إلى الشركة، وسّع المتدرب السابق في مصارف لندن أعمال المجموعة خارج أرض بلاده. حيث افتتح أول فروعها الدولية في هونغ كونغ عام 1986 قبل وقتٍ قصير من صعوده إلى العرش.
وبعيداً عن مجموعة LGT، التي يُعد الأمير وعائلته أكبر عملائها، ما تزال العائلة الملكية في ليختنشتاين تمتلك العديد من الأراضي والعقارات. وتشمل تلك العقارات قصراً يطل على نهر الراين مباشرةً.
كما جمعت العائلة تشكيلة لوحات ضخمة من أعمال أنتوني فان ديك وبيتر بول روبنس وبارتولومه إستبان موريو وغيرهم، لكن إمبراطورية التمويل تظل المصدر الرئيسي لثروتهم. وارتفع تقييم المجموعة بنحو 25% خلال العام الجاري، بحسب مؤشر ثروات بلومبرغ، متفوقةً بذلك على أداء مؤشر MSCI للأسواق الناشئة.
وتخطط المجموعة لمواصلة توسعها العالمي، لكنها من المستبعد أن تدخل أي أسواق جديدة في المستقبل القريب. حيث أوضح رئيسها التنفيذي: "لقد وصلنا إلى الأماكن التي نريدها على صعيد المناطق. وسنركز بصورةٍ أكبر على النمو داخل تلك المناطق في الوقت الحالي".