تنتمي إلى “المناطق الزرقاء” الخمس في العالم.. جزيرة أوكيناوا اليابانية التي يعيش سكانها أكثر من 100 سنة

عربي بوست
تم النشر: 2023/09/20 الساعة 12:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/09/20 الساعة 12:04 بتوقيت غرينتش
رجل مسن من اليابان| shutterstock

تشتهر جزيرة أوكيناوا، وهي أكبر مجموعة جزر ريوكيو، المتواجدة في جنوب غرب اليابان، على أنها المكان الذي لا يعرف فيه سكانه الموت، وذلك لأن أغلب من يعيش هناك يمكن أن يصل عمره إلى 100 سنة، مع التمتع بصحة جيدة.

وتندرج هذه الجزيرة ضمن المناطق الزرقاء الخمس، التي يعيش فيها أكبر المعمرين في العالم، إذ ما يميزها ويجعلها ضمن هذه القائمة، هي طريقة عيش السكان، ونظامهم الغذائي الصحي والمتوازن.

تاريخ جزيرة أوكيناوا اليابانية 

عرفت جزيرة أوكيناوا عدة تغيرات على مر التاريخ، ففي القرون الوسطى، كانت الجزيرة جزءاً من مملكة ريوكيو، التي كانت تمارس التجارة مع الصين واليابان ودول جنوب شرق آسيا.

وبعد ذلك، تم احتلالها من طرف قبيلة ساتسوما اليابانية، حيث تم فرض عدة قيود وضرائب على السكان حينها.

لكن الوضع اختلف سنة 1879، بعدما ألحقت الحكومة اليابانية الجزيرة إلى أقاليمها، وألغت مملكة ريوكيو، لتصبح بذلك منتمية إلى دولة اليابان.

عاش سكان جزيرة أوكيناوا في سلام، إلى غاية الحرب العالمية الثانية، عندما شهدت معركة دامية بين القوات الأمريكية واليابانية، استمرت من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران عام 1945.

جزيرة أوكيناوا| shutterstock
جزيرة أوكيناوا| shutterstock

وقد تسببت هذه المعركة في مجزرة كبيرة، توفي على إثرها حوالي 200 ألف شخص، من بينهم نصف سكان الجزيرة الأصليين، فيما تم اغتصاب عدد كبير من الفتيات من طرف الجيش الأمريكي.

احتلت الولايات المتحدة الأمريكية جزيرة أوكيناوا، وحولتها إلى قاعدة عسكرية، يتم فيها تخزين الأسلحة النووية، الشيء الذي تسبب في تخريب النظام البيئي هناك.

وقد فرض الاحتلال الأمريكي على سكان الجزيرة نظامًا سياسيًا وثقافيًا أمريكيًا، مع حظر استخدام اللغة والعملة والدين الياباني.

تمكنت الحكومة اليابانية استعادة سلطتها على الجزيرة ابتداء من سنة 1972، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية احتفظت بقواعد عسكرية كبيرة هناك، الشيء الذي تسبب في العديد من الاحتجاجات من طرف السكان، التي ما زالت مستمرة إلى غاية الآن.

أوكيناوا.. جزيرة المعمرين اليابانيين 

بالرغم من الظروف الصعبة التي عاشها سكان جزيرة أوكيناوا منذ الحرب العالمية الثانية، إلا أن هذا الامر لم يمنعهم من أن يكون بعضهم من بين اكثر المعمرين في العالم.

إذ تم تصنيف الجزيرة على أنها تنتمي إلى المناطق الزرقاء الخمس في العالم، وهي التي يعيش فيها السكان أكثر من 100 سنة، ويكون متوسط أعمارهم مرتفعاً مقارنة بمتوسط الأعمار في بقية مناطق العالم، وفقاً لبحث أجراه الباحث دان بويتنر.

جزيرة أوكيناوا| shutterstock
جزيرة أوكيناوا| shutterstock

ويعود السبب وراء طول عمر سكان جزيرة أوكيناوا إلى عدة عوامل، تجعل نمط العيش مختلفاً عن ذلك الذي يعتمد السكان في المدن الكبرى.

النظام الغذائي الصحي:

يتميز نمط حياة سكان الجزيرة تناولهم طعاماً صحياً ومتوازناً، يحتوي على الخضراوات والفواكه والحبوب والبقوليات والأسماك والأعشاب البحرية، التي غالباً ما تكون أغلبها عضوية.

فيما يتجنبون أكل اللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة والسكريات، إضافة إلى اتباعهم قاعدة "هارا هاتشي بو" في الأكل، التي تعني التوقف عن الأكل عند الشعور بالشبع بنسبة 80%.

اللياقة البدنية:

سكان جزيرة أوكيناوا يحافظون بشكل دائم على الحركة والقيام بعدة انشطة بدنية خلال اليوم، إذ يمارسون التمارين الرياضية بانتظام، مثل المشي والزراعة والرقص.

فيما يعتمدون على الأدوات التقليدية في حياتهم اليومية من أجل الصيد والحصاد وغيرها من الأنشطة الاقتصادية التي تشتهر بها الجزيرة، مثل المقشة والسلال، بدلاً من الآلات الحديثة.

الاحتفال ب100 عام لإحدى ساكنات الجزيرة| مواقع التواصل
الاحتفال ب100 عام لإحدى ساكنات الجزيرة| مواقع التواصل

الجانب الروحاني:

يؤمن سكان الجزيرة بمفهوم "إيكيغاي"، والذي يترجم باللغة العربية بـ "الغرض من الحياة"، الشيء الذي يعطيهم دافعاً للاستمرار في العمل والتعلم والإبداع بشكل مستمر، حتى بعد التقدم في السن.

ليس هذا فقط، يعتبر سكان الجزيرة من بين أكثر سكان اليابان المتديين، إذ إنهم يحافظون على صلاتهم مع التقاليد والديانات المحلية، واتباع جميع الطقوس اللازمة.

العلاقات الاجتماعية:

عيش سكان الجزيرة في جو مليء بالحب والود والترابط، من خلال التمسك بالعادات والتقاليد، التي تلزمهم أن يكونوا مجتمعين بشكل عائلي دائماً.

كما أن العلاقة بين الجيران والأصدقاء قوية عند سكان جزيرة أوكيناوا، الحريصين بشكل دائم على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والثقافية المشتركة.

طريقة عيش سكان الجزيرة

سكان جزيرة أوكيناوا يتمتعون بحياة بسيطة وهادئة، تستند إلى قِيَم التواضع والامتنان والتضامن فيما بينهم. 

كما أنهم يحبون ويحترمون الطبيعة، ويقدسون ما تجود عليهم من خلال الخضرة والبحار، لذلك يلتزمون بالحفاظ عليها.

كما أنهم مرتبطون بالعائلة بشكل دائم، لذلك تجدهم مجتمعين بشكل دائم، للاستمتاع بالأطباق المحلية، والأغاني الشعبية، والالتزام بالعبادات.

كما أنهم ينخرطون بشكل دائم في الفعاليات الثقافية، من أبرزها مهرجان إيسا الراقص، الذي يقام شهر أغسطس/آب من كل سنة، ويهدف إلى تكريم أرواح الأجداد وطلب السلام والسعادة لحياتهم المقبلة.

نساء مسنات من الجزيرة| shutterstock
نساء مسنات من الجزيرة| shutterstock

فيما يتم تنظيم مهرجان شوري الذي يتم فيه الاحتفال بتاريخ مملكة ريوكيو التي كانت تحكم الجزيرة قديماً، ويقام المهرجان في شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، ويضم عروضاً فنية وموسيقية ومسيرات وألعاب نارية.

إضافة إلى مهرجان آخر، يسمى "ناها توغ أوف وور"، الذي يستند إلى تقليد قديم لسحب حبل عملاق، يزن 40 طناً، بطول 200 متر، من طرف آلاف الأشخاص الذين ينقسمون إلى فريق شرقي وفريق غربي، والذي يتمكن من سحب الحبل إلى جهته يكون من الذين سيحصلون على الحظ السعيد والصحة والحصاد الوفير.

علامات:
تحميل المزيد