من أكثر السمات التي قد تحقق الكثير من النجاحات الشخصية والمهنية للإنسان هي أن يتمتع بالذكاء والكاريزما والثقة بالنفس.. فهي مقومات يتمتع بها معظم الناجحين في مجالات الحياة المختلفة، حتى من يوصفون بـ"السيكوباتية".
بداية من موظفي الشركات والمديرين والأساتذة، وصولاً إلى الأطباء وموظفي المؤسسات التجارية والفنية وغيرها ممن يتواصلون بشكل يومي مع الناس بمختلف الشخصيات والطباع.
وبالرغم من أهميتها، عادة ما يتمتع أغلبنا بنسب ضئيلة إلى متوسطة فقط من هذه السمات، فهي تستلزم تدريباً طويلاً ومحاولات حثيثة لتطويرها طوال الحياة تقريباً.
في المقابل، هناك بعض الأشخاص الذين يتمتعون بها بشكل تلقائي ودون أدنى جهد يُذكر، وهم الأشخاص"السيكوباتيون" أو المختلون عقلياً الذين لا يعانون مشاعر القلق والخوف المعتادة مثل بقية البشر الأسوياء. وهو السبب في أن معظمهم يمتلكون شكلاً من أشكال النجاح المهني والوظيفي عن غيرهم.
ما هي "السيكوباتية" وتأثيرها على الشخصية؟
السيكوباتية هي اضطراب عقلي موروث، وهو مرض ناتج عن تشوه في الدماغ.
يميل أولئك الذين يولدون بحالة الخلل العقلي أيضاً إلى أن يكونوا خطرين. كما أنهم غالباً ما يكونون ناجحين جداً في الصعود إلى مناصب السلطة والنفوذ والقيادة.
وبشكل عام، عادةً ما يكونون ماكرين وساحرين، ولديهم إحساس كبير بقيمتهم الذاتية، وهم كاذبون مرضيون أيضاً في معظم الحالات.
علاوة على هذا، فهم عادة ما يظهرون عدم استعدادهم لتحمل المسؤولية عن أفعالهم، فضلاً عن ميلهم الشديد للقسوة وعدم التعاطف مع الغير.
كما يمكن أن يكونوا مندفعين وغير مسؤولين بشكل خاص في العلاقات الشخصية. وبالتالي فإن حققوا نجاحاً مهنياً، عادة ما يفشلون فشلاً ذريعاً في بناء علاقات الصداقة أو الزواج وبناء أسرة متزنة.
العلاقة بين "السيكوباتية" والنجاح المهني
يوضح إيغور جالينكر، أستاذ الطب النفسي الأمريكي، لشبكة CNBC: "نحن نشجعهم وننتخبهم ونرغب في مشاهدتهم على الشاشات وفي المناصب القيادية المختلفة، وفي بعض الأحيان، يشعر الكثير من الناس بالراحة عندما يكون مثل هؤلاء الأشخاص مسؤولين عن حياتنا بسبب ثقتهم العالية بالنفس".
نتيجة لذلك، فإن انتشار السيكوباتية بين الرؤساء التنفيذيين وقادة الأعمال هو أربعة أضعاف اختيار الأشخاص العاديين، وفقاً لجون رونسون، مؤلف كتاب "اختبار السيكوباتية: رحلة في عالم الجنون الوظيفي".
وبينما يعاني حوالي 1% فقط من العالم من الخلل العقلي، فهم يمثلون 4% من قادة الأعمال والمديرين التنفيذيين للشركات الكبرى والمؤسسات المهمة حول العالم.
وتشرح عالمة النفس الأمريكية إيما كليمنتين لمجلة "فوربس" العالمية، أنه يتم وصف بعض الأفراد السيكوباتيين أو المختلين عقلياً على أنهم "ساحرون" أو "لديهم كاريزما" كبيرة.
يمكن أيضاً أن يكون الشخص الذي يتمتع بسمات سيكوباتية أكثر اجتماعية ولباقة أو يتحدث بسلاسة وثقة وإقناع أكبر من غيره.
وبالنظر في تأثير سمة السيكوباتية على نتائج النجاح المهني والإجرامي على حد سواء، يتضح أن للكاريزما علاقة بالحصول على هذه النتائج.
إذ اتضح أن الأشخاص الذين سجلوا درجات أعلى في سمة السيكوباتية وفقاً لدراسات علمية متخصصة، يميلون أيضاً إلى أن يكونوا أكثر جاذبية، وكانوا أكثر ميلاً إلى "استغلال النظام" لتحقيق النجاح.
وبالتالي كان الأفراد السيكوباتيون الذين يتمتعون بشخصية جذابة للغاية قادرين على الإفلات من التبعات السيئة لأفعالهم الخاطئة مثل الكذب، أو إساءة استخدام امتيازات العمل، أو حتى الغش وارتكاب النشاط الإجرامي.
النجاح القيادي وانعدام القدرة على التوافق مع الآخرين!
عادة ما ترتبط السيكوباتية والاختلال العقلي بالكاريزما والقدرات الشخصية المطلوبة في بيئة العمل بالعصر الحديث، مثل الإقناع والمهارات الاجتماعية والثقة العالية بالنفس والقدرة على التأثير.
وبالتالي، يصبح من السهل على الفرد المضطرب نفسياً خداع الآخرين أو التلاعب بهم أو استغلالهم بسبب هذه القدرات.
ومع ذلك، لا يظهر كل الأفراد السيكوباتيين جميع خصائص الكاريزما الإيجابية. فهم أكثر نجاحاً في الأدوار القيادية والتأثير على الآخرين ولكن ليس بالتوافق مع الآخرين أو جعلهم يشعرون بالراحة.
أي إنهم أناس واثقون ومقنعون وساحرون، لكنهم ليسوا بالضرورة "لطيفين" أو "دافئين" وحميمين مع الآخرين ممن حولهم في بيئة العمل أو حتى العلاقات الشخصية.
معايير المجتمع وخصائص بيئة العمل الحديثة
تشير تحليلات خبراء علم النفس والاجتماع والسلوك إلى أن السيكوباتية موجودة على نطاق واسع في المجتمع، ويمكن أن تظهر من خلال مجموعة متنوعة من سمات الشخصية، مثل التلاعب بالأشخاص، والاندفاع، والقسوة، والجرأة، والشجاعة.
وبالتالي قد تساعد بعض السمات على أن يصبح السيكوباتيون "ناجحين"؛ لأنهم يتأقلمون مع الأعراف الاجتماعية ويتجنبون الوقوع في المشاكل بمهارة.
وفي حين أن كلمة "مختل عقلياً" شائعة، إلا أنها مصطلح عام وليس طبياً. فالتشخيص الذي يظهر في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية لهذا النوع من الشخصيات هو "اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع".
وكما هو الحال مع الحالات العقلية الأخرى، فإن الشخص ليس مريضاً نفسياً بنسبة 100% أو طبيعياً بنسبة 100%. وبالتالي تظهر السمات والسلوكيات السيكوباتية بشكل مختلف ومتباين ونسبي بين الناس.