من منا لا يعشق رائحة الأطفال حديثي الولادة؟ تجد هذه الرائحة طريقها إلى قلوبنا بسهولة ولها مفعول شبيه بالسحر على الأم تحديداً، فما سر تلك الرائحة، ولماذا يصدرها الأطفال حديثو الولادة، وهل هناك أي فوائد منها؟
رائحة الأطفال حديثي الولادة
لا يعرف العلماء بالضبط ما هي هذه الرائحة المميزة التي ترافق الأطفال حديثي الولادة ثم تختفي تدريجياً مع تقدمهم في العمر، لكن يُعتقد أن هذه الرائحة مزيج من المواد الكيميائية التي تفرز من خلال الغدد العرقية والطلاء الدهني العالق بالطفل حديث الولادة، وهو الكريم الشبيه بالجبن الأبيض الذي يغطي الأطفال خلال الأسابيع الأولى من ولادتهم؛ ويعتقد أن هذه الأمور مجتمعة تخلق مزيجاً من الرائحة الفريدة التي تبدو كأنها صممت لجذب القلوب نحو الطفل الوليد.
كذلك، تم اقتراح أن رائحة الطفل الجديدة هي في الحقيقة مزيج من السائل الأمنيوسي والبكتيريا وحليب الثدي ومكونات أخرى (قال أحد العلماء لصحيفة واشنطن بوست إنه مزيج من 250 مادة كيميائية).
وعلى الرغم من أن رائحة الأطفال حديثي الولادة تتلاشى في نهاية المطاف (عادةً بعد نحو ستة أسابيع من العمر)، فإنها تبقى فترة كافية تساعد الأم على تخفيف حدة توترها كما تقترح بعض الدراسات.
فوائد رائحة الأطفال حديثي الولادة
وجدت دراسة أجريت عام 2012، دليلاً على أن رائحة كبار السن قد تتأثر بعوامل عديدة، من ضمنها النظام الغذائي أو البيئة المحيطة أو النظافة العامة. أما رائحة الأطفال حديثي الولادة، فقد تكون ببساطةٍ بقايا تطورية مصممة لأغراض ساعدت البشر القدماء بطريقة أو بأخرى.
على سبيل المثال، ربما كانت تلك الرائحة قديماً طريقة تساعد الأم على التعرف على طفلها بسهولة أكبر، على غرار الطريقة التي يمكن للأطفال من خلالها التعرف على أمهاتهم عن طريق الشم على الفور تقريباً.
أظهرت العديد من الدراسات أن معظم الأمهات يمكن أن يتعرفن على أطفالهن من خلال الرائحة وحدها.
فضلاً عن ذلك، قد تساعد تلك الرائحة على تقوية الروابط بين الأم وطفلها.
يقول يوهانس فراسنيلي، العضو المنتدب في قسم التشريح بجامعة كيبيك في تروا ريفيير: "هناك بعض الفرضيات القائلة بأن أدمغتنا مجبرة على الانجذاب إلى هذه الرائحة من أجل مساعدتنا على التعلق بالمولود الجديد". وأضاف: "في الواقع، هناك العديد من الآليات التي تساعد على الارتباط بين الوالدين والأطفال حديثي الولادة، إذ تمهد هذه الآليات الطريق ليكون الرابط بينهم قوياً منذ البداية، وقد تكون رائحة الجسم إحدى هذه الآليات".
في إحدى الدراسات قام الباحثون بتتبع نشاط الدماغ لـ30 امرأة، نصفهن كن أمهات والنصف الآخر لم يكن كذلك. وقد تم تتبع نشاط الدماغ بينما تقوم النساء بشم رائحة البيجامات التي يرتديها أطفال بعمر يومين. ووجدوا أن نسبة الدوبامين (هرمون السعادة) قد زادت في أدمغة جميع النساء المشاركات في الدراسة، كذلك فقد تنشطت الأجزاء المتعلقة بالمكافأة في أدمغتهن.
ما حدث كان تفاعلاً كيميائياً مشابهاً لما يحدث عندما نتناول السكر.
بمعنى آخر، فإن رائحة الأطفال حديثي الولادة، تساعد الدماغ على إفراز مواد تشعر الإنسان بالرضا والسعادة. وبالتالي يشجع ذلك الأم على البقاء بالقرب من طفلها طوال الوقت.
وفي حين أن جميع النساء المشاركات في الدراسة استجبن بالطريقة نفسها لرائحة المولود الجديد، إلا أنّ رد فعل الأمهات كان أقوى. ويضيف الدكتور فراسنيللي: "تتعرف الأمهات على رائحة أطفالهن"، "وتتفاعل أدمغة الأمهات الجدد بشكل مختلف مع رائحة المولود الجديد (حتى لو لم يكن هذا المولود طفلهن)".
كذلك، قد يكون لرائحة الأطفال حديثي الولادة فائدة للآباء أيضاً.
فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2008 على القرد، أن هرمون التستوستيرون انخفض لدى الآباء الذين شموا رائحة مواليدهم، وهو أمر جعلهم أكثر تسامحاً تجاه الطفل.