من منا لم يسمع بصانع الرسوم المتحركة الشهير والت ديزني، الذي كان رائد زمانه في هذا المجال واستطاع أن يبني إمبراطورية اشتهرت في جميع أنحاء العالم. لكن وعلى الرغم من شهرة والت ديزني الكبيرة، فإن قليلين فقط سمعوا بأغرب قصة أحاطت به بعد وفاته عام 1966، إذ صدَّق الناس لعقودٍ أن ديزني لم يمت حينها؛ بل جُمِّد جسده بغرض إنعاشه في المستقبل "ليعود إلى الحياة مجدداً".
والت ديزني.. هل كان يخطط حقاً للعودة إلى الحياة بعد الموت؟
على الرغم من أن القصة شبيهة بأفلام الخيال العلمي، فإن الشائعات انتشرت كالنار في الهشيم بعد وفاة والت ديزني صباح يوم 15 ديسمبر/كانون الأول 1966. لكن ما أصل هذه الشائعات؟ وهل هي صحيحة حقاً؟
خلال مسيرته المهنية التي استمرت 43 عاماً في هوليوود، أحدث ديزني ثورة في أفلام الرسوم المتحركة، وقدم إلى العالم شخصية ميكي ماوس الشهيرة، وأسس ديزني لاند وعالم والت ديزني، وحصل على عدد لا يحصى من الجوائز والأوسمة، ولكن عندما بلغ الرجل سن الـ65، بدأ ديزني يمرض بشدة.
كما ذكرت PBS، عانى ديزني لفترة طويلة من مرض الانسداد الرئوي المزمن وانتفاخ الرئة. كان يعاني أيضاً من سعال دائم بسبب إدمانه التدخين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1966، اكتشف الأطباء ورماً كبيراً في الرئة اليسرى لـ"ديزني" بعد أن اشتكى من آلام شديدة في الرقبة وضيق في التنفس. خضع ديزني لعملية جراحية في 6 نوفمبر/تشرين الثاني، اكتشف الأطباء خلالها أن سرطان الرئة قد بدأ في الانتشار. وعلى الرغم من أنه خضع للعلاج الكيماوي والأشعة السينية، فإن المرض كان قد تمكن منه بالفعل.
خلال ذلك الوقت، لم يعرف محبو ديزني أنه كان مصاباً بالسرطان، واعتقدوا أنه كان يتردد على المشفى لعلاج إصابة قديمة في الرقبة أصيب بها ديزني في أثناء لعب البولو.
لكن في الحقيقة، كان والت ديزني يمرض أكثر فأكثر، إلى أن فارق الحياة في 15 ديسمبر/كانون الأول 1966 بمستشفى سانت جوزيف في بوربانك، بكاليفورنيا.
لكن وبعد أسابيع من وفاة ديزني، بدأت شائعات غريبة تنتشر بأن جسد والت ديزني قد تم تجميده؛ على أمل إنعاشه مرة أخرى في يوم من الأيام.
لماذا انتشرت شائعات عن جسد والت ديزني المجمد؟
ظهرت شائعات عن جثة والت ديزني المجمدة لأول مرة في أوائل عام 1967، بعد وقت قصير من وفاة ديزني. بعد ذلك، ذكرت PBS أن مراسل صحيفة The National Spotlite الشعبية ادعى أنهم تسللوا إلى مستشفى سانت جوزيف بعد وفاة ديزني، ورأوا جثة ديزني محفوظة في أسطوانة مبردة.
بعد ذلك بعامين، في عام 1969، تنبأت المجلة الفرنسية Ici Paris والصحيفة الأمريكية The National Tattler بأنه سيتم تذويب جثة ديزني وإعادة إحيائها مع حلول عام 1975. وظهرت ادعاءات أخرى بأن جثة ديزني كانت مخزنة بثلاجة في ديزني لاند.
بالنسبة للبعض، كانت هذه الشائعات معقولة تماماً بالنظر إلى افتتان ديزني بالخيال العلمي والمستقبل.
وقبل وفاته، خاطب ديزني أيضاً رؤساء أقسامه في بيان تم تصويره، معرباً عن آماله حول مستقبل الشركة، وقال إنه يأمل رؤيتهم قريباً.
ويرجح أن والت ديزني قد استحوذ على عديد من المقالات والكتب حول انخفاض حرارة الجسم والحفاظ على الأنسجة الحيوانية، والتي كانت تظهر في النصوص العلمية والطبية طوال أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات.
وفي عام 1964، نشر روبرت سي دبليو إيتنجر كتاباً بعنوان "احتمالية الخلود"، والذي ناقش الآثار الأخلاقية والقانونية والعملية للتجميد بالتبريد. كان إيتنجر متفائلاً تماماً بشأن التنفيذ المستقبلي لتجميد الأجساد وإعادة إحيائها.
جادل إيتنجر في كتابه قائلاً: "إذا استمرت الحضارة، فيجب أن تكون العلوم الطبية قادرة في نهاية المطاف على إصلاح أي ضرر يلحق بجسم الإنسان تقريباً، وضمن ذلك الوهنُ بسبب الشيخوخة أو أي سبب آخر للوفاة".
وقد اقترحت بعض النظريات أن ديزني ربما قرأ هذا الكتاب واستخدم ثروته لتجميد نفسه؛ على أمل أن يتم إحياؤه يوماً ما.
هل تم تجميد جسد والت ديزني؟
بعد البحث في الأدلة، يبدو أن الادعاءات بأن جثة والت ديزني قد تم تجميدها كاذبة. فلا يوجد دليل يشير إلى أن ديزني كان على علم بفكرة التجميد أو حتى كان مهتماً بها.
وفي الواقع، يأتي جزء كبير من التكهنات بأن ديزني كان مهتماً بهذه الأمور من كتابين تناولا سيرة حياة ديزني لكنهما كُتبا بعد وفاته بفترة طويلة، الأول كان السيرة الذاتية لعام 1986 والتي كتبها ليونارد موسلي، والثاني كان السيرة الذاتية لعام 1993 التي كتبها مارك إليوت، والتي حملت اسم: والت ديزني – أمير هوليوود المظلم.
لكن كلا الكتابين احتوى على عديد من الأخطاء التي يسهل تفنيدها بالأدلة الواقعية، واحتوى كذلك على تأكيدات غير موثقة، ومقابلات مع موظفين سابقين مزعومين في ديزني والذين لا يمكن التحقق تماماً من علاقتهم بالشركة.
ويستند البعض في هذه الشائعات إلى أنه لم تكن هناك جنازة لديزني، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن ديزني لم يكن يريد جنازة أساساً.
فقبل عقد من وفاته، زُعم أنه قال: "عندما أموت لا أريد جنازة. أريد أن يتذكرني الناس وأنا على قيد الحياة".
كذلك، تُظهر شهادة وفاة ديزني أنه قد تم حرقه بعد يومين من وفاته.
وعلى الرغم من أن قصة التجميد تلك مثيرة للاهتمام، فإنها ليست أكثر من نظرية مؤامرة.