يبدي ممثلون أمريكيون يعملون في مجال الدبلجة الصوتية لأفلام التحريك، وألعاب الفيديو، قلقاً بشأن مستقبلهم، سببه التطور الكبير في الذكاء الاصطناعي، الذي بات قادراً على استنساخ الأصوات البشرية بحرفية عالية، والذي يثير إعجاب شركات قد تستبدل الموظفين البشريين لديها بهذه التقنية التي تكتسب شهرة عالمية.
جاء ذلك خلال ملتقى "كوميك كون" المنعقد في مدينة سان دييغو الأمريكية، ويُقام المهرجان الشهير هذا العام المخصص للثقافة الشعبية في خضم إضراب تشهده هوليوود، مع مطالبة كتاب السيناريو والممثلين بزيادة أجورهم، والحصول على ضمانات بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي الذي يهدّد مهنتهم.
مؤسس الرابطة الوطنية للممثلين العاملين في مجال الدبلجة، تيم فريدلاندر، أشار إلى أن ممثلاً تلقى رسالة شكر بعدما عمل لثلاث سنوات في إحدى الشركات.
فريدلاندر أشار إلى أن الممثل تلقى رسالة من الشركة تقول له: "لدينا صوتك مدى 3 سنوات، فسننشئ ببساطة نسخة طبق الأصل منه مع ما نحوزه من معطيات'"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
لا تُعد الجهات الفاعلة في المجال التكنولوجي مصدر المشكلة فقط، ففي السنوات الأخيرة استخدم عدد كبير من محبي الذكاء الاصطناعي هذه التقنية لاستنساخ أصوات تابعة لشخصيات شهيرة، وجعلها تتلفّظ بعبارات لم تقلها الشخصيات أساساً، وغالباً ما تكون هذه الأحاديث ذات طابع إباحي.
في هذا الصدد، تقول الممثلة سيسي جونز، التي أعارت صورتها لإحدى شخصيات مسلسل "ذي أول هاوس": "لدي أبناء، وأرفض أن يُستخدم صوتي في تصاريح معينة، ثم يسمعها أبنائي ويتساءلون عما إذا كنت تابعة لي بالفعل".
من جانبه، يعتبر زيك ألتون، الذي أعار صوته للعبة الفيديو "ذي كاليستو بروتوكول" أنّ الممثلين لا يرغبون في إبعاد تقنية الذكاء الاصطناعي بصورة تامة عن هذا المجال"، مضيفاً: "إذا أرادت جهة ما استنساخ صوتي أو صوت أي ممثل، فعليها بداية أن تحصل على موافقتنا، ثم تعويضنا مالياً".
بحسب الوكالة الفرنسية، يُشكل الذكاء الاصطناعي إحدى المسائل العالقة في المفاوضات الجارية بين الاستوديوهات في هوليوود ونقابة الممثلين، التي حذت حذو كتّاب السيناريو واتخذت قراراً بالإضراب في 14 تموز/يوليو 2023.
يتهم الممثلون الاستوديوهات بعدم التعامل بجدية مع مخاوفهم المرتبطة بـ"استبدال القسم الأكبر من أعمالهم بنسخ رقمية مماثلة".
أما الاستوديوهات، فأكدت يوم الجمعة، 21 يوليو/تموز 2023، أنها عرضت تحديد قواعد مرتبطة بالموافقة المسبقة والتعويض العادل، مشيرة إلى أنها لم تتلقَّ أي رد من النقابة.
بدوره، يرى كبير مفاوضي النقابة دانكن كرابتري أيرلند، أنّ الاستوديوهات ترغب في "طمس" بنودها المتعلقة بالموافقة الخاصة بالذكاء الاصطناعي، "في جملة مكتوبة وسط عقد من 12 صفحة".
حذّر أيرلند من أن الممثلين العاملين في مجال الدبلجة هم "أكثر المعنيين" في النقاش المرتبط بالذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنّ التغييرات بالنسبة إليهم "تحصل بصورة أسرع من أي مجال آخر".
وتستخدم الاستوديوهات تقنية الذكاء الاصطناعي لدبلجة الحوارات باللغات الأجنبية مثلاً، ما يحرم الممثلين في العالم من تولّي عمل يحمل أهمية لأسواقهم المحلية.
من بين الأمور الأخرى التي تثير قلق العاملين في مجال الدبلجة، احتمال أن تستخدم شركات الإنتاج أصواتاً "مركبة" تمزج فيها أصوات بشرية كثيرة من دون أن تدفع للممثلين الأصليين.
لم تتوقف كل الوظائف المرتبطة بالدبلجة بسبب الإضراب، لأنّ بعضها يتم التفاوض عليه بموجب اتفاقات جماعية منفصلة، لكنّ الإضراب أدخل في مرحلة جمود كلّي أي استخدام لأصوات الشخصيات في الأفلام أو مسلسلات التحريك أو المقاطع الدعائية أو إضافة حوارات للممثلين الثانويين في مشاهد ضمن أعمال سينمائية أو تلفزيونية.
من ناحية أخرى، تخضع الأصوات المستخدمة في ألعاب الفيديو لاتفاق منفصل، لا تزال المفاوضات بشأنه جارية، ويمكن تالياً استخدام هذه الأصوات من دون فض الإضراب.
يؤكد زيك ألتون أن "ما يحصل في هذا الإضراب لن يؤثر على مهنة التمثيل فقط، بل على مختلف المهن".