الأقدم في العالم العربي.. تاريخ “دار الدباغة” في فاس

عربي بوست
تم النشر: 2023/07/04 الساعة 12:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/07/04 الساعة 12:11 بتوقيت غرينتش
أقدم دار الدباغة في الوطن العربي /Shutterstock

بعد انقضاء عيد الأضحى المبارك، تبدأ المدن المغربية بلم جلود الأضاحي من جميع أنحاء المملكة وارسالها إلى كل من دار الدباغة في فاس أو مراكش أو سلا، والتي تختلف فيما بينها من جلود الكباش والماعز، بالإضافة إلى الجمال القادمة من الجنوب، وتختلف أيضا فيما بينها في الجودة والمواد التي ستصنع منها.

يوجد في المغرب عدد من المدابغ، سواء في مدينة فاس أو مدينة مراكش، إلا أن مدبغة فاس تعتبر الأشهر والأقدم، فهي أقدم مدبغة جلود في الوطن العربي، والتي تعود إلى القرن الحادي عشر ميلادي.

لا تزال دار الدباغة في فاس والتي تسمى "الشوارة"، الماثلة عبر قرون من دون تغيير، إذ تقاوم تقلبات الزمن وتنافس المنتجات الحديثة، فيما تشكل دار الدباغة القلب النابض لمهنيي مدينة فاس العتيقة وتجارها، لكونها تشكل الحلقة الأهم في إنتاج الجلود، ومصدر رزقٍ لآلاف المواطنين.

تعتبر دار الدبغ الشوارة هي إحدى دور الدباغة الثلاث في فاس، وأكبرها على الإطلاق، بُنيت في القرن الحادي عشر الميلادي، وتعتبر أقدم مدبغة في العالم العربي، وتوجد في حي الدباغين الذي يفصل منطقتي الأندلس والقرويين أقدم جامعة في العالم.

الشوارة بين الصباغة والمواد الطبيعية النباتية 

حسب "وكالة الأناضول" تُعرف المدابغ في فاس بالأحواض المختلفة وألوانها، تختلف هذه الأحواض فيما بينها في الغاية منها، توضع الجلود في البداية في أحواض حمضية تحتوي على الجبص وفضلات الحمام تسمح بإزالة الصوف بشكل كامل من فوقها وجعلها أكثر قابلية للصباغة.

ثم توضع لمدة 10 أيام في أحواض صبغية مصنوعة من مواد طبيعية، هذه العملية تتطلب طول بال وشغلاً بدنياً كبيراً من أجل الحصول على نتائج جيدة، وتوحد اللون في كل أطراف الجلد والحصول على نتيجة جيدة.

تستخرج الألوان بالأساس من قشور الرمان والزعفران ومواد طبيعية أخرى. فيما يقوم العمال بعد ذلك بتجفيفها، عبر تركها في مناطق عالية، ومن ثم توجيهها للبيع لأصحاب البازارات، الذين يعملون على إعادة تصنيعها وتشكيلها، حسب نوع الجلد وفيما يتناسب مع صنعه.

وحسب نفس المصدر يقول محسن، أحد العمال بدار الدباغة بمدينة فاس، إن شوارة، غير أنها مكان صناعة أفضل أنواع الجلد في المغرب وأقدمها، إلا أنها أيضاً من بين الأماكن الأكثر استقطاباً للسياح بالمدينة القديمة لفاس، رغم الرائحة غير المرغوبة المنبعثة منها.

تواجه هذه المهنة إمكانية الاندثار بسبب الظروف الصحية والمعيشية التي يواجهها عمال دار الدباغة بالمدينة، خاصة أن أغلب العمال ورثوها أباً عن جد، فيما بدأ البعض بالتوجه إلى الوسائل الحديثة والأكثر تطوراً للحصول على نفس النتيجة، رغم اختلاف المواد المستخدمة.

دار الدباغة في فاس.. جودة عالية وألوان دائمة 

يمنح الحرفيون في المدبغة شارات الجودة للتمييز بين المنتجات المصنوعة تقليدياً والأخرى المزورة، كما أن دار الدباغة تعتبر مركزاً للتدريب في مجال الصناعات الجلدية، حيث استفاد منها خبراء من إيطاليا وإسبانيا خلال سنة 2021، حسب وكالة الأناضول.

تنتج دار الدباغة بفاس أنواعاً مختلفة من الجلود، أفضلها للباس جلد الماعز الطبيعي؛ إذ يتميز بمقاومته الشديدة للماء والنار، يقوم الباعة في المدينة القديمة بتجربة على المنتوجات المعروضة من أجل التأكيد على الجودة، منها صب الماء ومحاولة إحراق الجلد الذي يبقى كما هو.

فيما يُستخدم جلد الجمال، وهو الأثقل في الأثاث المنزلي والحقائب، وذلك من أجل عدم تلفه بعد الاستخدام المكثف أو حمل الأشياء الثقيلة بداخله.

من أشهر المنتجات التقليدية التي تشتهر بها مدينة فاس هي البلغة الصفراء الرجالية، التي تختلف في جودتها، حسب نوع الجلد المستخدم.

يشكل قطاع الصناعة التقليدية، وفق إحصاءات رسمية خلال سنة 2021، مصدر دخل رئيسياً لحوالي 33% من سكان مدينة فاس عموماً، و75% من سكان المدينة القديمة، موزعين على أكثر من 200 حرفة.

ويعمل في الصناعة التقليدية التراثية في المغرب أكثر من 412 ألف شخص، وفق إحصاءات رسمية، ويصل رقم معاملاتها 22.4 مليار درهم حوالي 2.24 مليار دولار أمريكي.

تحميل المزيد