دعا جيفري هينتون، الذي يوصف بأنّه "الأب الروحي للذكاء الاصطناعي"، الأربعاء 28 يونيو/حزيران 2023، الحكومات إلى مواجهة مخاطرة هذا النوع من الذكاء، والتدخل لضمان ألّا تسيطر الآلات على المجتمع، وذلك في وقت يشهد فيه "الذكاء الاصطناعي" تطوراً كبيراً ومتسارعاً، أثار مخاوف من تأثيره على الكثير من وظائف البشر.
كان هينتون قد تصدَّر العناوين، في مايو/أيار 2023، عندما أعلن استقالته من "جوجل"، للتحدُّث بحرية أكبر عن مخاطر "الذكاء الاصطناعي"، وذلك بعد فترة وجيزة من إطلاق برنامج الدردشة "تشات جي بي تي" الذي أسَر العالم.
عالِم "الذكاء الاصطناعي"، الذي يدرّس في "جامعة تورنتو"، تحدث أمام جمهور حاشد خلال مؤتمر "كوليجين" للتكنولوجيا في المدينة الكندية، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
اجتذب المؤتمر أكثر من 30 ألفاً من مؤسّسي الشركات الناشئة والمستثمرين والعاملين في قطاع التكنولوجيا، ومعظمهم جاء متطلّعاً لتعلُّم كيفية ركوب موجة "الذكاء الاصطناعي" وليس سماع دروس حول مخاطره أو دعوات للحكومات للتدخّل.
هينتون قال إنه "قبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً منّا، أعتقد أنه ينبغي تشجيع الأشخاص الذين يطوّرونه على بذل الكثير من الجهد، لفهم كيف يمكن أن يحاول سلبنا السيطرة".
أضاف هينتون: "الآن هناك 99 شخصاً يتمتّعون بذكاء كبير يحاولون جعل الذكاء الاصطناعي أفضل، وشخص واحد ذكي جدّاً يحاول معرفة كيفية منعه من تولي السيطرة، وربما عليكم أن تكونوا أكثر توازناً".
حذَّر هينتون من أنّ مخاطر "الذكاء الاصطناعي" يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وقال: "أعتقد أنّه من المهم أن يدرك الناس أن هذا ليس خيالاً علميّاً أو مجرّد إثارة للمخاوف"، مشدّداً أنّها "مخاطرة حقيقية يجب أن نفكر فيها مليّاً، وعلينا التوصل إلى معرفة كيفية التعامل معها مسبقاً".
كما أعرب هينتون عن قلقه من أن يُعمّق "الذكاء الاصطناعي" عدم المساواة، حيث المكاسب الهائلة من إنتاجيته ستذهب للأثرياء وليس العمال، وقال إنّ "الثروة لن تذهب إلى الأشخاص الذين يعملون، بل ستجعل الأثرياء أكثر ثراءً، وليس الفقراء، وهذا مجتمع بالغ السوء".
كما أشار إلى خطر "الأخبار الزائفة" التي يمكن إنشاؤها بواسطة برامج الروبوتات على غرار "تشات جي بي تي"، معرباً عن أمله في أن يتم وضع علامات على المحتوى الذي تولده برامج "الذكاء الاصطناعي"، كما تضع البنوك المركزية علامات على العملات النقدية.
هينتون أكد أيضاً أنّه "من الأهمية بمكان أن نحاول، على سبيل المثال، تمييز كل ما هو مزيف على أنه مزيّف، لا أعرف ما إذا كان بإمكاننا فعل ذلك تقنيّاً أم لا"، وفق قوله.
يأتي هذا فيما تتسابق شركات التكنولوجيا الضخمة مثل مايكروسوفت، وجوجل، وغيرهما، لتحقيق تقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يحذر بعض الخبراء من أنه قد يحل محل بعض وظائف البشر، في حين يقول آخرون إن الذكاء الاصطناعي سيساعد في توليد وظائف أخرى للبشر.
يُشار إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش قد أعلن في وقت سابق عن تأييده إنشاء وكالة أممية متخصصة بالذكاء الاصطناعي "مستوحاة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، مشيراً إلى أن الدول الأعضاء فقط هي صاحبة القرار.