لا تُعتبر قصة اختفاء الغواصة السياحية "تيتان"، التابعة لشركة "أوشن غيت إكسبديشنز" الأمريكية، في شمال المحيط الأطلسي، خلال رحلة استكشاف حطام سفينة تيتانيك، الغارقة منذ سنة 1912، هي الوحيدة.
وإنما هناك عدة قصص اختفاءات أخرى، حسب ما رصدته مجلة "mental floss" الأمريكية، والتي حصلت مع مجموعة من المركبات بحرية المختلفة، في فترات زمنية متفرقة، والتي مرت في ظروف غامضة، والغريب في الأمر، أنه لم يتم العثور عليها أبداً، أو حتى على حطامها، بالرغم من محاولات البحث العديدة.
إذ إن بعضها سفن كانت محملة بالمجوهرات، أو خاصة بالسفر، وأخرى قوارب صيد كانت في رحلة عادية، لتختفي إلى الأبد.
ولأن المساحة تحت البحر شاسعة، وكفيلة بأن تختفي فيها هذه السفر، فلا أحد يعرف مصيرها الحقيقي، مع وجود العديد من التكهنات، ووجهات النظر، التي تختلف حسب حالة الاختفاء.
1- المركب الشراعي "The Patriot"
كان المركب الشراعي المسمى "The Patriot"، متجهاً في رحلة عادية من مدينة ساوث كارولينا إلى نيويورك ليلة رأس سنة 1812، وكانت ثيودوسيا بور ألستون من يركبه، وهي ابنة السياسي الأمريكي وثالث نائب لرئيس الولايات المتحدة آرون بور، وقد كان الهدف من رحلتها هو تغيير الجو بعد وفاة ابنها الوحيد.
غادرت السفينة مرسى المدينة وأبحرت شمالاً، لكن ما حدث بعد ذلك بقي غامضاً ولم يتمكن أحد من الوصول إلى جواب، خصوصاً أن السفينة لم تصل إلى نيويورك، ولم يُعثّر على أي أثر لها أو لطاقمها على الإطلاق.
ظهرت عدة نظريات، وقصص حول مصير السفينة، وراكبتها ثيودوسيا؛ إذ يقول البعض إن القراصنة هاجموا السفينة وأجبروها على القفز في الماء لتغرق بعد ذلك.
في حين تشير نظريات أخرى إلى أنَّ السفينة علقت في حرب العام 1812، وأُغرِقَت بالخطأ على يد سفينة معادية.
فيما توجد إحدى القصص التي تعتبر غريبة، وقد رواها أحد زعماء قبيلة هنود الكارنكاوا من السكان الأصليين، والذي ادَّعى أنَّه أنقذ سيدة كانت قد ألقت بها المياه على الشاطئ بعد حادث تحطم سفينة، وأهدته السيدة قلادة قبل وفاتها منقوشاً عليها اسم ثيودوسيا.
2- سفينة The Merchant Royal
كانت سفينة "The Merchant Royal" مكلفة بنقل الكنوز من العالم الجديد "القارتين الأمريكيتين"، تحت قيادة القبطان جون ليمبري.
وفي سنة 1641، كانت السفينة مُحمَّلة بـ100 ألف رطل (45.4 ألف كغم تقريباً) من الذهب، و400 قضيب من الفضة المكسيكية وكمية كبيرة من المجوهرات النفيسة.
لكن لسوء الحظ، فقد ساء الطقس خلال الرحلة، عند دخول السفينة إلى المياه الإنجليزية؛ مما تسبب في تحطم المضخات على متن السفينة وبدأت في امتصاص المياه إلى داخلها.
لم تكن سفينة "The Merchant Royal" وحيدة في رحلتها، فقد كانت إلى جانبها السفينة "The Dover Merchant"، التي هرع طاقمها لإنقاذ القبطان وطاقم السفينة، دون القدرة على إنقاذ الحمولة الثمينة، التي اختفت تحت الأمواج في مكان ما قبالة لسان "لاندز إند" الصخري المعروف باسم "حافة العالم".
ولأن الحمولة كانت ثمينة وقيمة، فقد حاول عدد لا يُحصى من الأشخاص العثور على حطام السفينة، التي باتت معروفة باسم "إلدورادو البحار"، للوصول إلى كنوزها دون فائدة.
واعتُقِدَ في سنة 2007 أنَّه ربما تم العثور على حطام السفينة The Merchant Royal بعدما انتشلت إحدى شركات الملاحة 500 ألف قطعة ذهبية وفضية من موقع قبالة الطرف الجنوبي الغربي لبريطانيا العظمى.
لكن في النهاية تم تحديد أصل هذا الكنز، باعتباره يعود إلى إحدى السفن الإسبانية. وفي عام 2019، سحب صياد شيئاً كان يشتبه أن يكون مرساة السفينة، إلا أن ثرواتها الثمينة لا زالت تحتاج إلى من يجدها.
3- سفينة البحرية الأمريكية USS Cyclops
كانت آخر رحلة لسفينة "USS Cyclops"، البحرية سنة 1918، وهي التي كانت خاصة بنقل الفحم وغيره من الإمدادات النافعة لصالح البحرية الأمريكية خلال العقد الذي يبدأ عام 1910.
إذ إن هذه السفينة، التي كانت ضخمة، ومصنوعة من هيكل فولاذي، شوهدت آخر مرة، عندما أبحرت من مدينة ريو دي جانيرو بحمولة كاملة مؤلفة من 10800 طن من خام المنغنيز وأكثر من 300 شخص على متنها، وكانت متجهة في طريق نحو ما يعرف اليوم بـ "مثلث برمودا".
اختفت السفينة دون أي أثر، وأصبحت المسألة غامضة بصورة خاصة، وبطريقة غريبة، لأنَّه لم يصدر أي نداء استغاثة من طاقمها، ولم تُسجَّل أية أحوال جوية سيئة في المنطقة التي كانت تبحر فيها.
اختلفت النظريات حول سبب اختفاء السفينة، أبرزها تفيد أن الألمان هم من أغرقوا السفينة، أو أنَّها تعرَّضت لهجوم من حبار أو أخطبوط عملاق، أو أنَّها كانت ضحية لتمرُّد عنيف.
وقد انطلقت عملية بحث ضخمة عن السفينة، وراح عدد من الزوارق والطائرات يجوب المنطقة بحثاً عن بقايا أو ناجين، لكن لم يُرَ أي شيء من السفينة الضخمة مجدداً إلى غاية يومنا هذا.
4- اليخت الفاره "The Witchcraft"
في 22 ديسمبر/كانون الأول 1967، أبحر البحَّار المتمرِّس دان بوراك، وصديقه الأب باتريك هورغان، بيخت فاره يسمى "The Witchcraft"، يبلغ طوله 7 أمتار تقريباً، وكان الهدف من الرحلة هو رؤية أضواء عيد الميلاد قبالة شواطئ ميامي.
إلا أنه وبعد قطع مسافة قصيرة داخل البحر، ولسوء الحظ، واجه الثنائي صعوبات حين بدا كما لو أنَّ اليخت قد ارتطم بشيء ما.
اتصل بوراك بخفر سواحل ميامي للإبلاغ عن المشكلة وطلب المساعدة، إلا أنه كان يتكلم بهدوء، وكأنه لا يجد أي مشكل كبير، وذلك لأنه غالباً ما كان اليخت مزوداً بجهاز طفو خاص يجعله غير قابل للغرق.
لكن بعد وصول خفر السواحل إلى المنطقة، بعد 19 دقيقة فقط من المكالمة، تفاجأوا بعدم وجود أي أثر لليخت الضخم، ولا حتى لحطامه، ولا أثر لبوراك أو هورغان.
جرى البحث في مئات الكيلومترات المربعة من المحيط خلال الأيام الستة التي تلت الحادث، لكن لم يُعثَر على شيء إطلاقاً، وسُجِّلَت "The Witchcraft" باعتبارها سفينة أخرى فُقِدَت في ظروف غامضة في مثلث برمودا.
5- قارب الصيد "Andrea Gail"
إذا شاهدت من قبل فيلم "The Perfect Storm"، فإنه يحكي قصة حقيقية، حول قارب الصيد المسمى "Andrea Gail"، يبلغ طوله 22 متراً تقريباً، والذي كان يبحر في رحلة عادية، لاصطياد سمكة أبو سيف في شمال المحيط الأطلسي نهاية سنة 1991.
كان هذا القارب من بين عدة قوارب صيد أخرى، خرجت للصيد في نفس اليوم، من مدينة غلوستر بولاية ماساتشوستس الأمريكية في آخر رحلة صيد لها في الموسم.
بعد ما يزيد على شهر من الإبحار، واجه طاقم فريق القارب المؤلف من 6 أشخاص، طقساً سيئاً جداً قبالة سواحل جزيرة نيوفندلاند، لتشكيل ما يُسمَّى "العاصفة العاتية".
قوة الرياح شكلت أمواجاً وصل ارتفاعها إلى 100 قدم (30.5 متر تقريباً)، وكانت أي سفينة في طريقها تواجه خطر الانجراف في الموجة والانقلاب بصورة متكررة.
بعد انتهاء العاصفة، لم يصل قارب "Andrea Gail" إلى الميناء، ولم يتم العثور عليه، بالرغم من عمليات الإنقاذ التي تم تنظيمها من أجل الوصول إليه، ومصيره ومصير الطاقم غير معروف إلى غاية الآن.
6- سفينة البحرية الأمريكية "USS Porpoise"
كانت السفينة الشراعية "USS Porpoise" تشارك في مهمات استكشاف ومسح في القرن التاسع عشر؛ إذ إنه خلال الرحلة التي شاركت فيها سنة 1838 أكَّدت وجود القارة القطبية الجنوبية المتجمدة (أنتاركتيكا)، ثُمَّ جالت حول العالم لاحقاً.
وفي سنة 1854، أبحرت السفينة من هونغ كونغ وهي تحمل على متنها 69 شخصاً، بغرض القيام بمسح لجزر جنوب المحيط الهادي. وفي منطقة ما بين الصين وتايوان، أبحرت السفينة في ضباب كثيف؛ ما أدى إلى انفصالها عن السفينة الشريكة لها في المهمة التي تحمل اسم "USS Vincennes".
ومنذ تلك اللحظة، لم تُرَ هذه السفينة مجدداً، حتى بعد محاولات البحث العديدة، والتي استمرت لمدة عام كامل؛ إذ إن النظرية الوحيدة التي رافقت هذا الحادث، هي أنَّها تحطَّمت في إعصار مداري وغرقت بكل مَن على متنها.
7- سفينة البحرية الملكية البريطانية "HMS Sappho"
كانت السفينة البحرية الملكية البريطانية "HMS Sappho"، تستخدم على مدى 20 سنة لكبح تجارة الرق قبالة سواحل غرب إفريقيا. وقد اعترضت عدداً من السفن المحملة بالعبيد وحرَّرت المئات من الناس.
إلا أنه في سنة 1857، تسببت هذه السفينة في أزمة دبلوماسية بين بريطانيا وأمريكا، بعد أن طاردت سفينة أمريكية بالخطأ ومداهمة سطحها.
وبسبب هذا الحادث، تلقت أوامر من أجل الإبحار إلى أستراليا، وقد وصلت السفينة مدينة كيب تاون دون مشكلة، ومن هناك اتجهت صوب مضيق باس؛ حيث شوهدت لآخر مرة في فبراير/شباط 1878.
وقد تم الإبلاغ عن سوء حالة الطقس في المنطقة؛ مما جعل احتمالية أن تكون الرياح القوية هي من تسببت في غرق السفينة.
لم يُعثَر قط على أي أثر لأفراد الطاقم البالغ عددهم 147، لكن كثرت الشائعات بأنَّ القبطان فيرفاكس مورسبي فرَّ بطريقة ما من التحطم ونجح في الوصول إلى جزيرة قبالة سواحل أستراليا، وقِيلَ إنَّه فقد عقله هناك.