تُعد مراسم التتويج الملكية في بريطانيا هي احتفالات كبرى بمناسبة الصعود الرسمي لملك بريطاني جديد إلى العرش. هذا الحدث عبارة عن مزيج من الطقوس السياسية والدينية الغنية بالأبّهة والشعائر الرمزية، في تقليد يعود إلى قرون طويلة مضت.
ونظراً إلى أن النظام الملكي البريطاني يُعد من أقدم المؤسسات الممتدة حتى يومنا هذا، وعمرها يتجاوز أكثر من 1000 عام، يُعد حفل التتويج المرتقب للملك تشارلز في السادس من مايو/أيار المقبل، هو فرصة للعالم لرؤية ما توارثه النظام البريطاني عبر الأزمان.
من سيكون على قائمة ضيوف التتويج؟ وماذا سيحدث في حفل التتويج على أي حال؟ نستعرض فيما يلي حقائق لم تعرفها من قبل عن التتويج البريطاني وطقوسه الملكية.
كنيسة وستمنستر استضافت كل تتويج ملكي منذ عام 1066
منذ أن تم تطوير التنصيب الملكي وطقوسه، يستضيف دير ويستمنستر جميع شعائر وطقوس التتويج الملكي البريطاني.
وقد ظلت المراسم الدينية دون تغيير إلى حد كبير لأكثر من 1000 عام، وسيكون تشارلز هو الملك الـ40 الذي يحظى بالتتويج في التسلسل البريطاني.
شعائر دهن الزيت المقدس على الملك الجديد
يتضمن حفل التتويج طقساً مقدساً مهماً، وهو دهن ملك بريطانيا الجديد بالزيت المقدس في تدليل على أنه مبارك بشكل مباشر من الإله لحمل هذه المهمة. وعادة ما يتم تعطير زيت الدهن هذا بالروائح الأساسية من السمسم والورد والياسمين والقرفة وزهر البرتقال والجاوي والعنبر وزهر البرتقال.
وقد تم تركيب هذا المزيج الزيتي بتلك المكونات وبنفس الصياغة من مئات السنين؛ حيث تم إنتاج الزيت المكرس للمراسم في القدس من الزيتون الذي نما من البساتين على جبل الزيتون، في دير الصعود ودير مريم المجدلية، وهو مكان دفن جدة تشارلز، أميرة اليونان أليس.
كرسي التتويج يعود لنحو 7 قرون مضت
من كنوز وستمنستر الأثرية والتاريخية التي سيتم استخدامها في مراسم تنصيب ملك بريطانيا الجديد هو كرسي التتويج الذي يعتبر من أشهر قطع الأثاث في العالم.
فقد تم تكليف تصميمه من قبل الملك إدوارد الأول بإيواء حجر القدر المقدس، يُزعم أنه حجر يعقوب الذي وضعه فوق رأسه في سفر تكوين (28:18)، والذي أحضره الملك من اسكتلندا.
وقد تم استخدام الكرسي في احتفالات التتويج منذ عام 1308، وهو الآن موجود في حاوية خاصة داخل كنيسة سانت جورج. وقد سرق القوميون الاسكتلنديون الحجر عام 1950، وتمت استعادته عام 1951.
وفي عام 1996، أعلن رئيس الوزراء، جون ميجور، أن الحجر سيعاد إلى اسكتلندا موطنه الأصلي، لكنه سيُعار إلى الدير للتتويج قبل أن تتم إعادته من جديد.
لم يتوج 3 ملوك فقط على مدار تاريخ بريطانيا
منذ نحو ألف عام على أول تتويج مسجل في تاريخ بريطانيا، لم يكن هناك سوى 3 ملوك فقط لم يحظوا بمراسم التتويج. الأول كان إدوارد الخامس، الذي كان محبوساً في برج لندن مع أخيه الأصغر.
وبينما أصبح معروفاً منذ ذلك الحين باسم السجن والبرج المحصن، لعب برج لندن دوراً كبيراً جداً في التتويج خلال القرون الوسطى؛ إذ عادة ما كان الملوك الجدد يتوجهون إلى البرج في الليالي التي تسبق تتويجهم للتحضير للاحتفال.
وقد اختفى الأمراء وأصبحوا في عداد المفقودين مع ترجيح رواية أن أميري البرج المفقودين تم قتلهما على يد عمهما ريتشارد الثالث قبل التنصيب لكي يسرق منهما العرش.
بعدها كانت الملكة التالية التي لم تتوج هي جين غراي، التي ورثت العرش من ابن عمها إدوارد السادس. وقد تم تعيينها وريثة شرعية في وصية الملك قبل موته، وبعد أن وصلت إلى برج لندن للتحضير لتتويجها وجدت نفسها سجينة ماري شقيقة إدواردز الكبرى.
وقد حكمت السيدة جين غراي لمدة 9 أيام فقط، قبل أن يتم إعدامها بعد 6 أشهر من وصولها إلى البرج كملكة بتهمة الخيانة العظمى.
كان الملك الأخير في تاريخ بريطانيا بدون تتويج هو إدوارد الثامن، الذي تنازل عن العرش بعد علاقة غرامية فاضحة مع المطلقة الأمريكية واليس سيمبسون. فصعد شقيقه، جورج السادس، إلى العرش مكانه، وتم تتويجه في نفس التاريخ الذي كان مخططاً لحفل تنصيب إدوارد.
أهم مراسم طقوس التنصيب محظور على العامة رؤيتها
نظراً لأنه يُعتقد أن العاهل البريطاني يحكم بحق إلهي موروث، فإن رئيس أساقفة كانتربري، الذي يدير الشعائر الدينية لليوم، من المقرر له أن يصب الزيت المقدس من أمبول ذهبي لدهن صدر كل ملك جديد، "ليغمره أو يملأه بروح الله، ويجعله منيعاً ومقدساً"، كما تقول تريسي بورمان، مؤلفة كتاب: "التاج والصولجان: تاريخ جديد للملكية البريطانية".
وهو الطقس الذي يُعرف باسم "قانون التكريس"، ويعتبر هذا الجزء من الحفل مقدساً جداً لدرجة أنه كان الجزء الوحيد من تتويج إليزابيث الثانية الذي لم يتم بثه على التلفزيون.
ومنذ القرن الثاني عشر ميلادياً، كان يُمسح لملوك وملكات بريطانيا باستخدام ملعقة التتويج، وهي أقدم قطعة من شعارات التتويج.
هل كنت تعلم؟ تم تدمير زيت التتويج في عام 1941 خلال غارة قصف الحرب العالمية الثانية. صُنع زيت تتويج الملكة إليزابيث من وصفة من القرن السابع عشر تضمنت زيت الزيتون وبذور السمسم وعطراً يحتوي على الورد وزهور البرتقال والياسمين والمسك والعنبر والزبيب.