سجلت درجات حرارة لسطح المحيطات في العالم أعلى مستوياتها على الإطلاق منذ بدء تسجيل الأقمار الاصطناعية، الأمر الذي أدى إلى موجات حر بحرية في جميع أنحاء العالم، بحسب ما أظهرته بيانات صادرة من الحكومة الأمريكية، إذ تمتص المحيطات جزءاً كبيراً من الحرارة الناجمة عن أسباب عدة بعضها من الإنسان.
صحيفة The Guardian البريطانية، ذكرت السبت 8 أبريل/نيسان 2023، أن علماء المناخ قالوا إن البيانات الأولية من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، أظهرت أن متوسط درجة الحرارة على سطح المحيط كان 21.1 درجة مئوية، منذ بداية أبريل/نيسان 2023، متجاوزاً أعلى مستوى سابق عند 21 درجة مئوية في عام 2016.
الظاهرة النينا (وهي تغير دوري غير منتظم في الرياح ودرجات الحرارة) ساعدت عبر ثلاث سنوات المحيط الهادئ الاستوائي الشاسع، على التخفيف من درجات الحرارة، وتأثير ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
لكن العلماء قالوا إن الحرارة آخذة في الارتفاع الآن باتجاه سطح المحيط، ما يشير إلى احتمال حدوث ظاهرة النينا في المحيط الهادئ الاستوائي، في وقت لاحق من هذا العام، والتي يمكن أن تزيد من مخاطر الظروف الجوية القاسية، وتتجاوز سجلات الحرارة العالمية.
من جانبه، قال الدكتور مايك مكفادين، كبير علماء الأبحاث في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي: "لقد انتهى الانحدار الثلاثي الأخير للنينا. كانت هذه الفترة الطويلة من البرد تخفف من متوسط درجات حرارة سطح الأرض، رغم ارتفاع غازات الدفيئة في الغلاف الجوي".
أضاف مكفادين أنه "الآن بعد أن انتهى الأمر، من المحتمل أن نرى إشارة تغير المناخ تأتي على نحوٍ عالٍ وواضح".
بحسب الصحيفة البريطانية، فإن فترات "النينا" التي تتميز بالبرودة في المناطق الاستوائية الوسطى والشرقية من المحيط الهادئ والرياح القوية، لها تأثير تبريد على درجات الحرارة العالمية، فخلال هذه الفترات، تكون درجات حرارة المحيطات في تلك المناطق أكثر دفئاً من المعتاد، وتزداد درجات الحرارة العالمية.
وفقاً لبيانات الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، تزامن ثاني أعلى متوسط لدرجات حرارة المحيطات عالمياً مع ظاهرة النينا التي استمرت من عام 2014 إلى عام 2016.
وتمتص المحيطات أكثر من 90% من الحرارة الزائدة، الناتجة عن انبعاث الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي من حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات، وذكرت دراسة أُجرِيَت العام الماضي أن كمية الحرارة المتراكمة في المحيط تتسارع وتتغلغل بشكل أعمق، ما يوفر ظروفاً تجعل الطقس قاسياً.
كذلك تُظهر القياسات المأخوذة من أعلى كيلومترين من المحيط، التراكم السريع للحرارة في الأجزاء العليا من المحيط، لا سيما منذ الثمانينيات.
يقول الدكتور كيفين ترينبيرث، عالم المناخ والباحث المتميز في المركز الوطني الأمريكي لأبحاث الغلاف الجوي، إن الحرارة ستكون لها تأثيرات غير مباشرة على الغلاف الجوي، ما يخلق مزيداً من الحرارة، وسوف تضيف طاقة لأنظمة الطقس وتولِّد موجات حرارية بحرية.
بدوره، قال الدكتور أليكس سين غوبتا، الأستاذ المساعد في مركز أبحاث تغير المناخ بجامعة نيو ساوث ويلز، إن الأقمار الصناعية أظهرت أن ارتفاع درجات الحرارة على سطح المحيط كان "خطياً تقريباً" منذ الثمانينيات.
كذلك تُظهِر الملاحظات الحالية موجات حارّة بحرية، معتدلة إلى قوية، في عدة مناطق، بما في ذلك جنوب المحيط الهندي وجنوب المحيط الأطلسي، قبالة شمال غرب إفريقيا، وحول نيوزيلندا، وقبالة شمال شرق أستراليا، وغرب أمريكا الوسطى.
يقول غوبتا إنه "من غير المعتاد رؤية الكثير من موجات الحر البحرية الشديدة في نفس الوقت".
وفي حين أن موجات الحرارة البحرية يمكن أن تكون مدفوعة بالظروف الجوية المحلية، فقد أظهرت الدراسات أنها زادت في وتيرتها وشدتها مع ارتفاع درجة حرارة المحيطات، وهو اتجاه مُتوقع أن يزداد سوءاً مع ارتفاع درجة حرارة الأرض التي يسببها الإنسان.