كشفت دراسة مسحية حكومية في اليابان أن نحو 1.5 مليون شخص في سنِّ العمل باليابان يعيشون في حالة عزلة عن غيرهم، فيما أرجع 20 % منهم جزءاً من أسباب هذا الانسحاب من المجتمع إلى التأثر بجائحة فيروس كورونا التي أجبرت الحكومات على فرض قيود على حركة الناس.
وكالة Bloomberg الأمريكية ذكرت، الثلاثاء 4 أبريل/نيسان 2023، أن هذه الظاهرة تُعرف في اليابان بـ"الهيكيكوموري"، أي الانسحاب الاجتماعي والعزلة، وتطلق على الأشخاص الذين نادراً ما يغادرون غرفهم أو منازلهم، إلا للتسوق بالمتاجر الصغيرة القريبة أو لممارسة هوايات فردية معينة.
تشير الدراسة المسحية التي أجراها مكتب مجلس الوزراء الياباني خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أن نسبة هؤلاء الأشخاص الذي يعيشون منعزلين، تبلغ نحو 2 % من سكان البلاد الذي تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً.
استطلعت الحكومة إجابات 30 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 10 أعوام و69 عاماً في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتلقت 13769 رداً صحيحاً.
اشتمل ذلك المسح على أوسع نطاق في دراسات المسح المماثلة بين الأعمار دون سن المراهقة إلى كبار السن، وكان مسح سابق أجرته الحكومة في عام 2018 قد أشار إلى أن نحو 613 ألف شخص (بين سن 40 إلى 64 عاماً) منسحبون اجتماعياً.
يفرض الضغط الاجتماعي الداعي إلى "الامتثال" والتطابق بين أفراد المجتمع في اليابان، صعوباتٍ جمة على الأشخاص الذين يميلون إلى الانطواء عن غيرهم، فيدفعهم ذلك إلى عزل أنفسهم عن أصدقائهم وأسرهم أشهراً طويلة، أو حتى سنوات.
فعلى الرغم من أن هذه الميول قد سهلت على أصحابها الاستجابة لقيود العزل الصحي المرتبطة بجائحة كورونا، فإنها أسهمت في زيادة انسحابهم من المجتمع بعد تخفيف إجراءات الحدِّ من انتشار الفيروس، ثم إنهائها.
يأتي ذلك على الرغم من أن اليابان لم تتخذ إجراءات إغلاق صارمة كالتي اتخذتها، على سبيل المثال، الصين ونيوزيلندا ودول أخرى، في ذروة الوباء.
لكن مع ذلك، قال مسؤول في وكالة شؤون الأطفال والعائلات، الثلاثاء 4 أبريل/نيسان 2023، إنه من غير المعروف ما إذا كان عدد "الهيكيكوموري" في تزايد أم لا، ونبَّه إلى مراعاة هامش الخطأ في الاستطلاع.
كانت صحيفة "إندبندت" البريطانية قد ذكرت في 2016، أن اليابانيين الذين ينسحبون من المجتمع يُطيلون في فعلهم ذلك، وبحسب دراسة استقصائية عن "الهيكيكوموري" فإن بعض المنعزلين امتدت عزلتهم من ثلاث إلى خمس سنوات.
تعد هذه الظاهرة أكثر شيوعاً إلى حد كبير لدى الرجال ممن يواجهون ضغوطاً هائلة للنجاح في مطلع حياتهم، سواء في الدراسة أو العمل، وتنتشر كذلك بدرجة أكبر لدى الطبقات الوسطى، وعادة ما يكون هؤلاء الذين يعزلون أنفسهم عن المُجتمع من المُتعلمين بشكل جيد.
عادة ما يستخدم من يعانون الـ" هيكيكوموري" ألعابَ الفيديو، أو يشاهدون الرسوم الهزلية بالمنزل بدلاً من التفاعل مع الآخرين، ويقول علماء بمجال الطب النفسي إن السبب في تلك الظاهرة ليس الكسل؛ فقد وصف عالم النفس الياباني، تاماكي سايتو، الحياة بتلك الحالة بأنها "عذاب في العقل".