يعتبر الأخطبوط واحداً من بين الكائنات الحية ذات الدورة الحياتية القصيرة، إذ إن عمره لا يتعدى ثلاث سنوات، إلا أنه في نفس الوقت يُشار إليه على أنه من بين أذكى الكائنات البحرية، وذلك راجع إلى سلوكه، وقدرته السريعة على خداع فريسته.
ويمتاز هذا الكائن البحري بشكله المميز، والذي يتمثل في أذرعه الثماني، وشكله المدور، وعينيه المنتفختين، وقلوبه العديدة.
إذ إن الأخطبوط يعتبر واحداً من بين الكائنات البحرية، إلى جانب الحبار، التي تملك ثلاثة قلوب، وليس واحداً فقط، ولكل واحدة منها دور معين، لنتعرف عليها.
لكل قلب دور مختلف
حسب موقع "livescience" العلمي، فإن للأخطبوط 3 قلوب، إذ يوجد القلب الأقوى والأكبر حجماً في منتصف جسمه، يُطلق عليه اسم "القلب الجهازي أو النظامي"، وهو القلب الرئيسي المسؤول عن ضخ الدم المؤكسد إلى جميع أنحاء الجسم، دوناً عن الخياشيم.
فيما يطلق على القلبين الآخرين، وهما صغيران وأقل قوة، اسم "القلوب الخيشومية"، والتي يتم من خلالها ضخ الدم بأحد خياشيم الأخطبوط التي يرتبط بها.
إذ تساعد خياشيم الأخطبوط في سحب الأوكسجين الحيوي من الماء ويساعد القلبان الخيشوميين في ضخ الدم المفتقر إلى الأوكسجين عبر الخياشيم.
إلا أن الدم الغني بالأوكسجين يخرج من الخياشيم بضغطٍ منخفض، لذلك فهذا الأمر لا يساعد على إيصال الدم إلى جميع أجزاء الجسم.
لذا، وفقاً لأونثانك، يمتلك الأخطبوط قلباً آخر بعد الخياشيم لإعادة ضبط ضغط الدم مرة أخرى حتى يتسنى ضخه إلى الجسم بكفاءة
أوجه الشبه بين قلب الإنسان وقلوب الأخطبوط
حسب كيرت أونثانك، عالم الأحياء البحرية بجامعة "Walla Walla" الأمريكية، فإن الأخطبوط يحتاج إلى 3 قلوب لنفس السبب الذي يجعل البشر والثدييات الأخرى بحاجة إلى 4 حجرات في قلوبهم لحل مشكلة انخفاض ضغط الدم".
مشيراً إلى أن الحيوانات تحتاج إلى ضغط دمٍ كافٍ لتوصيل الدم إلى جميع أنحاء أجسامها على نحوٍ فعَّال.
فيما يسبب انخفاض ضغط الدم لدى الإنسان في الشعور بالدوار أو حتى فقدان الوعي عند بذل جهد كبير، أو الوقوف سريعاً من وضعيتي الجلوس أو الاستلقاء؛ لأنَّ ضغط الدم المنخفض يعني عدم وصول القدر الكافي من الدم إلى الدماغ.
حيث تضخ حجرتا القلب، الأذين الأيمن والبطين الأيمن، الدم المفتقر إلى الأوكسجين من الأوردة إلى الرئتين، ثم يخرج الدم المُحمَّل بالأوكسجين من الرئتين بضغطٍ منخفض.
يعيد البشر إرسال هذا الدم المُحمَّل بالأوكسجين إلى القلب، على وجه التحديد، إلى الحجرتين الأذين الأيسر والبطين الأيسر. تعيد تلك الحجرتين ضبط ضغط الدم وإرساله عبر الشرايين إلى بقية أجزاء الجسم.
وهذه العملية تقريباً هي نفسها التي ينجزها الأخطبوط، لكن بطريقتين مختلفتين تماماً، وذلك لأن للأخطبوط ثلاث قلوب، عكس البشر الذين يعيشون من خلال قلب واحد.
إذ إن القلوب الثلاثة هذه في الأخير تنجز نفس المهمة التي ينجزها قلب الإنسان، المكون من أربع حجرات مختلفة لضخ الدم.
حالات تتوقف فيها قلوب الأخطبوط وهو حي
حسب دراسة أجريت سنة 1962، تبين على أن القلب الجهازي للأخطبوط المتواجد في المحيط الهادئ العملاق، المسمى "Enteroctopus dofleini"، قد يتوقف تماماً لفترات طويلة، عندما لا يكون بحاجة إلى القيام بأي نشاط أو مجهود، وفي هذه الأثناء، تؤدي القلوب الخيشومية كل العمل المطلوب.
فيما تتوقع القلوب الثلاثة للأخطبوط بشكل لحظي عندما يسبح، إلا أنه لم يتم تحديد السبب وراء ذلك، إلا أن هناك بعض الاحتمالات من بينها أن السباحة تضع ضغطاً شديداً على القلوب إلى درجة يصبح من الأفضل لها التوقف لبضع لحظات، بدلاً من محاولة ضخ الدم ضد هذا الضغط.
وذلك لأن عملية السباحة عند الأخطبوط تتم من خلال سحب الماء داخل جسده، ثم قذفه إلى الخارج، وهو الأمر الشبيه بملء منطاد بالماء، ثم إطلاقه للتحليق.
ولهذا فإنه غالباً ما يفضل الأخطبوط الزحف على طول المحيط، بدل السباحة لمسافات طويلة؛ لأن في ذلك طريقة لمقاومة ضغط الماء، الذي يحتاج إلى إيقاف القلب بضع دقائق.
دم الأخطبوط غني بالنحاس
يتميز دم الأخطبوط بأن لونه أزرق؛ لأنه يحتوي على بروتينات "الهيموسيانين" الغنية بالنحاس لنقل الأوكسجين في الدم، بدلاً من البروتين القائم على الحديد المُسمّى "الهيموغلوبين" المسؤول عن نقل الأوكسجين عبر دم البشر، وذلك بسبب اختلاف جهازه القلبي الدوراني مقارنة بالإنسان،
ونظراً لأن "الهيموسيانين" أقل فاعلية من الهيموغلوبين في الارتباط بالأوكسجين في درجة الحرارة القياسية، قد يعتقد المرء أن هذا قد يكون سبباً لاحتياج الأخطبوط إلى 3 قلوب.
لكن "الهيموسيانين"، حسب تصريحات أونثانك، يحمل كمية أوكسجين أكثر من "الهيموغلوبين" في البيئات منخفضة الأوكسجين وفي درجات الحرارة المنخفضة، ما يجعله أكثر فائدة في البحر.