يشهد العالم سنوياً العديد من السرقات منها الناجحة وأخرى فاشلة، لكن سنة 2006 شهد العالم عملية سطو سمية بسرقة القرن، هذا السطو كان يعرض على المباشر في العديد من القنوات في الأرجنتين، إذ لم تجد الشرطة آثاراً للمجرمين بعد اقتحامهم لأحد البنوك التي قام اللصوص بسرقتها.
بداية خطة السرقة والعملية
كانت بداية خطة العملية سنة 2003 حين انتقل "أراوجو" وهو مزارع إلى منزل بجوار بنك وبدأ بعدها باكتشاف أنفاق الصرف الصحي أسفل المنزل، بدأ يخطط في كيفية السطو على البنك الذي يعد أكبر البنوك في الأرجنتين.
أطلق على العملية اسم "مشروع دوناتيلو"، لكن كان يجب عليه أولاً أن يجد أشخاصاً لمساعدته في هذا السطو، ليقنع "سباستيان غارسيا" وهو ميكانيكي دراجات نارية لينضم إليه بصفته مهندساً مهنياً، ثم قرر فيما بعد زيادة الأشخاص إلى طاقم السطو.
حسب موقع "nypost" الأمريكي خططت العصابة في سرقة البنك عن طريق نفق الصرف الصحي بالمدينة، إذ تعتبر هذه الأنفاق بالأرجنتين مثل الموجودة في فرنسا كبيرة الحجم وباستطاعة الإنسان أن يتحرك داخلها بكل أريحية.
استغرقت مدة التخطيط ثلاث سنوات، لكن كان يتوجب عليهم أن يجدوا أحد الممولين للعملية من أجل القيام بالمهمة، لم يكن الأمر صعباً، إذ تمكنوا من إقناع أحد التجار في المدينة بخطتهم وموَّلهم بحوالي 100 ألف دولار أمريكي.
سنة 2006 كانت الأرجنتين تمر بضائقة مالية كبيرة، فأغلب البنوك كانت تواجه العديد من المشاكل؛ ما دفع الناس إلى فتح مثل صندوق للتخزين في البنوك، هذه الصناديق يمكنهم أن يضعوا فيها كل ما يريدون الاحتفاظ به سواء أموال ذهب أو ممتلكات أو حتى كروت بنكية.
تنفيذ الخطة وعملية سطو ذكية
بدأت الخطة في 13 يناير/كانون الثاني سنة 2006، إذ اقتحم فريق من اللصوص الباب الأمامي للبنك، لم تكن هذه الخطة الأساسية للصوص بل فقط خطة لكي يقوموا بتمويه الشرطة، خلال العملية كان اللصوص يحملون سلاحاً بلاستيكياً "ليس حقيقياً" لكن لم يكن أحد على دراية بذلك.
قاموا باحتجاز الرهائن، فيما قام أحد حراس الأمن بالضغط على زر الخطر قبل أن يستسلم أمام اللصوص، في تلك الأحيان كانت الشرطة في الطريق وأيضاً اللصوص في الجهة الأخرى يحاولون الوصول إلى مخزن البنك عن طريق نفق يقومون بحفره أسفل البنك.
عند وصول الشرطة لم تتمكن من الدخول إلى البنك مخافة أن تتسبب في مقتل الرهائن كما حصل من قبل، لهذا قررت التفاوض مع اللصوص، لم يكن هدف العصابة القتل بل السرقة فقط. في غضون تلك الدقائق تمكنت العصابة من الوصول إلى المخزن وفتحه عبر قفل خاص قاموا بصناعته.
فيما قام الآخران في الأعلى بمواصلة التفاوض مع الشرطة، كما أطلقوا سراح اثنين من الرهائن لكسب المزيد من الوقت مع الشرطة، في تلك الأحيان طلبوا من البقية الانحناء على بطونهم وعدم التحرك إلى حين عودتهم.
ثم نزلوا إلى الأسفل لمساعدة البقية في جمع عدد من الأموال ومن ثم الهرب، كانت الخطة محكمة جداً، لدرجة أنه أخذوا أحد القوارب الإلكترونية داخل مجرى المياه لمساعدتهم على كسب المزيد من الوقت، كما ربطوه مع أحد الخزانات بالغرفة كي لا تشاهد الشرطة مكان هروبهم.
بعد مرور ثلاثة ساعات على السرقة وهروب جميع أعضائها قررت الشرطة اقتحام البنك لتصدم بعدم وجود أحد غير الرهائن.. بحثت في جميع أرجائه لم تجد شيئاً، غير أن الأموال مختفية، فكرت الشرطة في البداية أنهم لا يزالون داخل البنك أو موجودون بين الرهائن، إلا أن جميع محاولات التفتيش باءت بالفشل.
بداية التحقيقات وإلقاء القبض
حسب "CNN" خلال عملية التحقيق لم تتمكن الشرطة من العثور على الحمض النووي للعصابة، إذ إنهم قاموا برش مياه الكلور في جميع أرجاء البنك، بالإضافة إلى استخدامهم أزيد من 100 بصيلة شعر لأناس مختلفة لتضليل الشرطة.
أما بخصوص النفق فقد وضعت الفرقة قنبلة بلاستيكية تظهر وكأنها حقيقية لتطلب الشرطة فرقاً خاصة لالغائها؛ وهذا ما يكسبهم المزيد من الوقت للهروب بالشاحنة التي تنتظرهم خارج أنفاق الصرف الصحي.
حاولت الشرطة ما أمكن أن تجد ولو دليلاً واحداً عن هوية اللصوص خاصة أن المبلغ المسروق تجاوز 20 مليون دولار أمريكي، بعد بضع ساعات عثرت الشرطة على استخدام لأحد الكروت البنكية المسروقة لتقرر الانتقال إلى ذلك المكان.
وجدت الشرطة الكرت البنكي بحوزة طفل صغير يحاول استخراج المال عن طريق صراف آلي، فقد قام "أراوجو" العقل المدبر لخطة السرة برمي الكروت البنكية في الشارع وفي أماكن مختلفة كي لا يستخدموها وتدل الشرطة على مكانهم.
استمر الوضع على ما هو عليه إلى أن وضعت الشرطة رقم هاتف للاتصال بها في حالة كان أحدهم يعرف هوية اللصوص، لتقوم امرأة بالاتصال والإبلاغ عن هويتهم وعن خطتهم وقد كانت زوجة أحد الأعضاء في العصابة يدعى "بيتو"، وقررت إفشاء سرهم بسبب خيانة زوجها لها.
أذكى وأنجح عملية سرقة في العالم
بعد نجاح عملية السطو اتفق أعضاء العصابة فيما بينهم على اقتسام الأرباح بالتساوي وإخفاء كل واحد منهم حصته في مكان ولا يخبر أحداً به، كما اتفقوا على عدم إفشاء سر البقية في حال ألقي القبض عليهم.
قدم كل أعضاء العصابة إلى المحكمة سنة 2010، حُكم على بيتو بالسجن 15 عاماً، وحُكم على أراوجو بـ14 عاماً، وحُكم على زيلوشيفيا بـ10 سنوات، وحُكم على بوستير بتسعة. وافق سيلانيس على محاكمة منفصلة ومعجلة، حيث تم منحه 14 عاماً ليس فقط بسبب السرقة ولكن أيضاً لجرائم متنوعة أخرى وجد أنه متصل بها في ذلك الوقت أيضاً. لم يتم القبض على الطبيب والطفل.
لم ينتهِ الأمر بأي من الرجال بقضاء الأحكام كاملة وكلهم الآن أحرار ويحتفل بهم لسرقتهم سيئة السمعة.