تعتبر من القصص الغامضة العائدة إلى العصر الحديدي، بدأت حكاية الاكتشاف سنة 2010 في ساندبي بورغ بالسويد، إذ تمكن العلماء من اكتشاف العديد من الحفر السليمة المليئة بالمجوهرات والأشياء الثمينة، فوق تلة كان يعتقد أن بها لعنة.
لم تكن القصة غامضة حينها؛ إذ اعتُقد في البداية أنه مكان خزنت فيه الكنوز، لتتضح الصورة سنة 2011، عن لغز دام أكثر من 15 قرناً، فالتلة كانت عبارة عن قلعة شهدت أواخر القرن الخامس الميلادي مذبحة جماعية، يُجهل سببها إلى اليوم.
كنوز منتشرة وجمجمة مقسومة ب"ساندبي بورغ"
حسب مقال نُشر على "ناشيونال جيوجرافيك" تقع جزيرة أولاند قبالة الساحل الشرقي للسويد، وهي أراضي غابات ومراع وشواطئ، تضربها الرياح العاتية قبالة بحر البلطيق، تعتبر ساندي بورغ واحدة من عشرات الحصون العائدة إلى العصر الحديدي.
كان الحصن على شكل بيضاوي، ولا تزال آثاره واضحة إلى اليوم، حسب دراسات أجراها العلماء يعتقد أن الجدار كان بطول 16 قدماً، فيما يضم الحصن قرابة 53 مسكناً، بالإضافة إلى مخبأ للكنوز المكتشفة سنة 2010.
هذا المخزن كان مليئاً بالخواتم ودبابيس الزينة والأجراس، بالإضافة إلى العملات المعدنية، من بينها عملة تابعة للإمبراطورية الرومانية، فضلاً عن بعض البضائع، فيما يعتقد أن هذه القبيلة كانت على علاقة جيدة مع الإمبراطورية، ما تسبب في تراكم السلع الفاخرة والعملات المعدنية المنتشرة في كل المدينة.
سنة 2011 تم العثور على أول رفات بشرية في المنطقة، كانت عبارة عن قدمين بشريتين، مع هيكل عظمي مكتشف بعدها، يعود إلى شاب في فترة المراهقة، إلا أن هذا الاكتشاف لم يكن عادياً، فجمجمة الشاب كانت منقسمة إلى نصفين، لتبدأ عمليات البحث عن الأسباب.
تحقيقات واكتشافات غريبة
بعد سنوات من البحث في "ساندبي بورغ" تراكمت العديد من الاكتشافات، لم يتم التنقيب إلا على ثلاثة منازل من أصل 53 إلى اليوم في المستوطنة، إلا أن العلماء اكتشفو رفات 26 شخصاً في هذه المنازل والشوارع المحيطة بها، ماتوا كلهم في اليوم نفسه وبطريقة وحشية.
من بينها هيكل عظمي لرجل يقول العلماء إنه من المحتمل أنه أصيب في البداية في الشارع، ثم لجأ إلى منزله للحماية، لكن تمت ملاحقته والقبض عليه وضربه على رأسه.
أما في مبنى مجاور، أطلق عليه العلماء الرقم 40، فتم العثور على 9 جثث، من بينها جثتا طفلين صغيرين، فيما عثر على جثة لطفل مراهق قُتل بقطع الرأس في منزل آخر يحمل الرقم 4.
من خلال آثار الضحايا أكد العلماء أن الجثث لم يتم دفنها أو حرقها كما كان سائداً في تلك الحقبة، بل تُركت على ما هي عليه لأكثر من 1500 سنة، إذ تراكم التراب فوقها بتراكم السنين، والرياح التي تُعرف بها المنطقة.
حسب "britannica" هناك قاسم مشترك آخر بين الضحايا الـ26 في الموقع، وهو أن جميعهم من الذكور، ما يشير لعدم وجود عناصر نسائية في حفر الكنز، ومؤكد أن النساء كنّ يعشن في المجتمع، لكن لم يتم الكشف عن مصيرهن بعد، وحتى الآن لا توجد فرضية شاملة حول مصير النساء، كان من الممكن أن يكنّ قد حملن من قبل المهاجمين، أو ربما فررن جميعاً من القرية.
حسب الدراسات نفسها لا وجود لاشتباك عسكري في المنطقة، وهو ما يُثبث أنه هجوم مفاجئ، كما أثبت تحليل الطب الشرعي أن العديد من الضربات كانت بأدوات حادة أو سلاح حاد مثل السيف.
لغز لم يجد العلماء له حلاً إلى اليوم
من أبرز الألغاز التي حيّرت العلماء عدم اقتحام مخزن الكنوز داخل الحصن، ما يعطي انطباعاً بأن المهاجمين لم يقوموا بالقتل بغية السرقة، بالإضافة إلى عدم وجود نساء، رغم وجود ضحايا رضع، وهو ما يُثبت وجود النساء داخل الحصن.
إذ تظل فرضية الهرب أو استخدامهن كإماء من قِبل المهاجمين ممكنة، لكن يتساءل العلماء أيضاً حول عدم نهب القرية بعد العديد من السنين، ولماذا لم يجرؤ أحد على الدخول إليها.
لم يتوصل العالم إلى أجوبة محددة عن كل تلك الفرضيات إلى يومنا الحالي، أما بخصوص القتل دون سرقة الكنوز، فيُرجح العلماء أن القتل كان بهدف الانتقام؛ إذ شهدت تلك الفترة سقوط الإمبراطورية الرومانية، ما قد يُعزز هذه الفرضية.
على مر السنين تداول سكان المناطق المجاورة لعنة حلت على تلة كانت تضم حصناً بداخل الجزيرة، لعل هذه القصة المتداولة كانت السبب في عدم جرأة أحد على الدخول إلى الحصن وأخذ الكنوز الموجودة فيه.
فيما تقول بعض الفرضيات، التي لا يؤيدها معظم العلماء، إن شعوب الفايكنغ كانوا السبب في هذه الإبادة؛ إذ عُرفوا بوحشيتهم وطريقة قتلهم، إلا أن الفايكنغ عرفوا بالمباغتة من البحر، لكن التلة مرتفعة عن البحر، ما قد يمنح السكان إمكانية رؤية العدو والتجهيز لمحاربته.
وصف العلماء ساندبي بورغ بأنها المنطقة التي تعرضت لأكبر مجزرة في تاريخ العصر الحديدي.