شهد العالم على مر السنين العديد من محاولة تزوير الدولار، إذ يقوم العديد من الناس بمحاولة الاحتيال بطريقة أو بأخرى من أجل الحصول على ثروة بطريقة سهلة وسريعة.
سنة 1897 فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية عرف كل بالدوين بلايدر وأرتور تايلور -وهما شابان في بداية العشرينيات- في المدينة بعبقريتهما، إذ عُرف أحدهما بصناعة الآلات والثاني عرف بإجادته الرسم، بالإضافة إلى ذلك عمِلا في مجال الطباعة في المدينة بالموازاة مع اشتغالهما مع الدولة في صناعة الطوابع البريدية.
في أحد الأيام سمع رجل أعمال في المدينة يُدعى "جاكوب ويليام" بخبراتهما ما دفعه إلى دعوتهما إلى العشاء، ليطلب منهما ترك عملهما وشراء مطبعة خاصة لهما على شرط أن يتمكنا من صناعة دولار مطابق للحقيقي.
محاولات فاشلة والسبب ورقة
بعدما سمع كل من أرتور وبلايدر لما اقترحه عليهما رجل الأعمال خلال العشاء بدوا مترددين قبل أن يطلبا مهلةً للتفكير في الأمر بشكل جيد.
بعد مرور أسبوع اتفق الصديقان على البدء في محاولة صناعة الدولار، كانت أولى المحطات الأساسية التي زاراها هي مصنع صناعة الدولار الموجود في ولاية واشنطن الأمريكية، إذ يمكن أن تقوم بجولة سياحية للتعرف على مراحل صناعة العملة.
كان الهدف من هذه الزيارة عند كل من أرتور وبلايدر هو جمع كمية هامة من المعلومات التي ستساعدهما في صناعة دولار مشابه للأصلي وعدم الوقوع في أي خطأ خلال صناعته.
بعد العودة إلى فيلاديلفيا بدأ الصديقان في إحضار المواد الأساسية التي سيحتاجانها لصناعة العملة، كما أن هناك ثلاثة عوامل أساسية لنجاح هذه الصناعة، وهي آلات الطباعة والحبر، أما أصعب المكونات التي يجب توفيرها فهي نوعية الورق التي يصنع منه الدولار.
من هنا بدأت أولى المهمات وهي محاولة صناعة أوراق مشابهة لأوراق النقود، أخذت العملية عدة أشهر، لكن دون أية جدوى فجميع المحاولات لم تكن بالجودة المطلوبة.
دولار واحد بقيمة 100
بعد العديد من المحاولات خطر على بال أرتور فكرة إعادة تدوير الدولار، إذ يمكن تحويل عملة دولار واحد إلى فئة 100 دولار عوض محاولة صناعة أوراق جديدة.
حسب موقع "delmarva almanac" الأمريكي، بدأ الصديقان بجلب بعض المواد الكيميائية التي ستزيل حبر الطباعة من على الأوراق دون إتلافها، هنا كانت الصدمة رغم كل المحاولات التي قاما بها من أجل التخلص من الحبر باءت بالفشل.
إذ يصنع الدولار بطريقة خاصة تجعل من الصعب إزالة الحبر ما أعادهما إلى نقطة الصفر من جديد، لم تمر إلا بضعة أيام حتى تذكر بلايدر ملاحظة قاما بتسجيلها خلال زيارتهما لمصنع صناعة الدولار في واشنطن وهنا كانت البداية.
كان يتطلب الأمر أخذ عملة دولار من فئة 100 وفتحها من الوسط للحصول على ورقتين ثم توضع في المواد المزيلة للحبر، في هذه المرة كانت الطريقة ناجحة وبدأت مرحلة صناعة الدولار داخل مصنع بلايدر و أرتور.
بعد مسح الورقة بدأت مرحلة طباعة الدولار، إذ قاما بطباعة كل ورقة على حدة، ثم حاولا إعادة لصقهما ببعضهما البعض، كانت المحاولات الأولى فاشلة، إذ إن جميع أنواع الغراء المستخدمة تعيد الدولار أكثر سماكة.
فلجأ كلاهما إلى لصق الورقتين بمزيج من دقيق الأرز والماء ثم تعريض الأوراق لدرجة حرارة معينة إلى حين الحصول على ورقة 100 دولار، وهنا بدأت المرحلة التالية وهي تغيير ورقة 100 دولار المزورة بأخرى حقيقية للتأكد من نجاح العملية.
لجآ إلى تغيير الدولار في أحد البنوك الموجودة في فيلادلفيا، وبالفعل لم ينتبه موظفو البنك إلى وجود أي خطأ في الدولار، وقامو بصرف قيمة 100 دولار بعملات ورقية من فئة 20 دولاراً، وهنا بدأت عملية صناعة الدولار في مصنع أرتور وبلايدر.
التهمة تزوير الدولار والسجن القصير
بعد نجاح الخطة بدأ الصديقان بصناعة أعداد كبيرة من الدولارات، ثم توجها نحو المدن الجنوبية للولايات المتحدة للاستجمام والاستمتاع بوقتهما، في هذه اللحظة عاد رجل الأعمال الذي قام بتمويل المشروع إلى المطبعة ليتفاجأ بعدم وجود أحد، هنا تأكد من أنهما توصلا إلى طريقة لصناعة الدولار.
من المؤكد أنه لم يقم بإخبار الشرطة بالأمر لأنه هو الآخر شريك في الجريمة، ليعود أدراجه إلى حين عودتهما إلى المصنع.
بعد 6 أشهر من نجاح صناعة الدولار وصلت ورقة 100 دولار إلى الخزينة الأمريكية، إلا أن أحد العاملين هناك شك بأنها غير أصلية فقرر وضعها في الماء للتأكد مما إذا كان الحبر سيتلاشى مع الماء وهنا كانت الصدمة.
كانت طريقة طباعة الدولار ناجحة إذ لم يتسرب الحبر في الماء إلا أن الورقة انقسمت إلى نصفين بسبب طريقة لصق الورقة لتبدأ عملية البحث عن مزوري العملة النقدية.
عبر مراجعة رقم العملة تبين أنها من فيلاديلفيا لتتمكن الشرطة من الوصول إلى المطابع الموجودة وتعزز الرقابة عليها وتتوصل في الأخير إلى كل من أرتور وبلايدر، رغم بحث الشرطة في مطبعة الصديقين إلا أنها لم تتوصل إلى أي أداة تساعد في تزوير الدولار.
لكن بعد الضغط خلال التحقيقات اعترف آرتور ودلّهم على مكان المعدات لتثبت عليهما التهمة ويقدمان إلا المحكمة ويوضعان في السجن قبل صدور الحكم النهائي.
في هذه المدة خطر على بال بلايدر صناعة دولار مزور من فئة 20 دولاراً لإيهام الشرطة بوجود مزورين آخرين والخروج ببراءة من السجن.
بدأت العملية داخل السجن وبالفعل استطاعا صناعتها من أدوات بدائية، لكن عند بحث الشرطة عن مصدر العشرين دولاراً تبين أنها كانت بحوزة محاميهم ما زاد من حدة القضية وحكم على كل منهما بسبع سنوات من السجن فقط.
لكن رغم ذلك ظلت المخابرات الأمريكية تراقبهما بعد خروجهما من السجن للتأكد من عدم إخبار أحد بطريقة صناعتهما للدولار لكي لا تنتشر الحيلة ويقوم آخرون باتباعها.
وصلت إجمالي المبلغ الذي تمكنا من تزويره إلى 4 ملايين دولار أمريكي، كما صنفت جريمتهما كأنجح عملية تزوير للدولار في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.