بعد حدوث الزلزال تكون خطورة حدوث آخر مرتفعة، وذلك بسبب الهزات الارتدادية المستمرة، التي يمكن أن تستمر لعدة أيام، أو شهور، أو سنوات.
وتكون هذه الهزات خفيفة، مقارنةً بالزلازل الكبرى، التي تكون غالباً أكثر من 6 درجات على مقياس ريختر، والتي تتسبب في انهيار المنازل، وانشقاق الأرض، وغيرها من أشكال الدمار.
وعند مرحلتي الإنقاذ والانتشال، والتي تتم خلال الأيام الأولى من حدوث الزلزال، تكون هذه الهزات الارتدادية في بعض الأحيان سبباً في إعاقة عمل فرق الإنقاذ.
ما هي الهزات الارتدادية؟
قبل معرفة المعوقات التي تسببها، يجب فهم معنى الهزات الارتدادية، التي شهدتها المدن المدمرة في شمالي سوريا، وجنوبي تركيا، بعد الزلزال الذي ضرب يوم 6 فبراير/شباط 2023، مدينة كهرمان مرعش.
إذ إن الهزات الارتدادية عبارة عن عدة زلازل منخفضة القوة، تتبع الصدمة الرئيسية لزلزال أكبر، وتنتج عن التغيّر المفاجئ الذي يحدث داخل وبين الصخور (الصفائح التكتونية)، والضغط الناجم عن الزلزال الرئيسي.
وغالباً ما تحدث هذه الهزات في الصخور الواقعة بالقرب من مركز الزلزال، أو على طول الصدع الذي كان يوجد به الزلزال الرئيسي، وذلك لأن الصفائح التكتونية تحاول العودة إلى شكلها الطبيعي مرة أخرى.
وتتراوح درجات الهزات الارتدادية بين درجة واحدة، و5 درجات، على مقياس ريختر العالمي، وتكون أقواها تلك التي تحدث خلال الأيام الأولى بعد حدوث الزلزال.
وفي حالة زلزال تركيا وسوريا الأخير، فقد تم رصد أكثر من 200 هزة ارتدادية، في جنوبي تركيا، وشمالي سوريا، منها ما وصلت درجتها إلى أكثر من 5 درجات.
خطر انهيار منازل أخرى
تحدث الهزات الارتدادية بالتزامن مع فترة عملية إنقاذ ضحايا الزلزال من تحت الأنقاض، فيما يمكن أن تستمر لمدة طويلة قد تصل إلى سنوات.
وفي هذه الحالة، يكون أول قرار يتم اتخاذه بعد الزلزال هو إخلاء المباني المعرضة للانهيار من السكان، في حال بقيت ثابتة خلال الزلزال الأول.
إذ غالباً ما تكون هذه المنازل قديمة، أو لم يتم بناؤها بطريقة مقاومة للزلازل، أو تضررت بشكل واضح من حركة الأرض، من خلال ظهور تشققات واضحة عليها.
ويجب أن تتم عمليات الإخلاء بشكل سريع، لأن الهزات الارتدادية تكون متتالية، ويمكن أن تؤدي آثارها في بعض الأحيان إلى نفس نتائج الزلزال.
عرقلة جهود رجال الإنقاذ
تكون الهزات الارتدادية المتتالية سبباً في عرقلة جهود رجال الإنقاذ، بسبب المزيد من زعزعة المباني والهياكل الأخرى الموجودة في المنطقة المتضررة.
إذ إنه خلال عمليات إنقاذ الناجين، أو انتشال الجثث، يمكن أن تتحرك الأرض من جديد، ويسقط الركام مرة أخرى على الأشخاص الموجودين تحت الأنقاض.
كما يمكن أن تُعرض هذه الهزات رجال الإنقاذ للخطر، ما يجعل ارتداء خوذة الرأس وملابس الإنقاذ السميكة ضرورياً قبل الشروع في المهمة.
كما أن هذه الآثار الناجمة عن الهزات الارتدادية تكون مرهقة للناجين الذين عاشوا بشكل مباشر خطر الموت تحت الأنقاض، أو الذين يأملون في نجاة أحد أقاربهم من الموت.
احتمالية استمرار الهزات الارتدادية لفترات طويلة
بشكل عام، تنخفض الهزات الارتدادية، سواء في الحجم أو التكرار مع مرور الوقت. وبمجرد ما إن ينخفض معدل حدوث هذه الهزات إلى مستويات ما قبل الزلزال، ينتهي تسلسل الهزات الارتدادية.
فيما يمكن أن يكون تسلسل الهزات الارتدادية قصيراً، وتستمر لبضعة أسابيع بعد الزلزال، أو تستمر لفترات طويلة جداً، مثل تلك التي نتجت عن الزلزال الذي ضرب مدينة مدريد الإسبانية، في الفترة من 1811 إلى 1812، والتي لا تزال مستمرة حتى الوقت الحاضر.
وغالباً ما يشير علماء الزلازل إلى قانون باث، الذي يبين أن متوسط الفرق في درجات الزلزال والهزات الارتدادية يتراوح بين 0.1 إلى 3 درجات.
أمثلة عن آثار الهزات الارتدادية
هناك بعض الحالات التي تسببت فيها الهزات الارتدادية في توابع خطيرة، من بينها الزلزال الذي ضرب مدينة لوانشيان الصينية، في سنة 1976، بقوة 7.1 درجة، إذ تسببت الارتدادات في تأخر عمليات الإنقاذ، ما تسبب في تعطيل عملية تحرير الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض.
وهناك أيضاً أمثلة على الهزات الارتدادية الكبيرة، التي تسببت في أضرار وخسائر في الأرواح أكثر من الزلازل المرتبطة بها، أشهرها الهزة الارتدادية التي بلغت قوتها 6.3 درجة، والتي ضربت مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا سنة 2011.
وبسبب تركيز الهزة الارتدادية في موقع مركز الزلزال داخل المدينة، فقد ثبت أنها كانت أكثر تدميراً من الزلزال الرئيسي، الذي كان مركزه في منطقة ريفية.